رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

آن الآوان أن تعلن الأمم المتحدة عن موقفها تجاه ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن تتذكر معاناة شعب وأمة عانت ويلات العدوان على أراضيها واغتصاب مقدراتها، وفي كل مرة كان يتعرض هذا الشعب لأي انتهاك أو اغتصاب أو تجاوز من قبل سلطات الإحتلال كنا نجد الامم المتحدة تغض البصر عن كل هذه الإنتهاكات، وأن وضعت في موقف متأزم نجدها تطلب فقط "ضبط النفس"، بل أنها دوما ما كانت توجه الانتقادات للسلطة الفلسطينية وتقف ضد مآربها الساعية إلى الإعمار، وتتناسى أن الفلسطينيين منذ أكثر من 70 عامًا وهم ضحايا للانتهاكات التي ترتكبها دولة إسرائيل، وهنا إعلان الموقف ليس فقط مطلوب من الامم المتحدة ولكن أيضا مطلوب من كافة المؤسسات الدولية الأخرى التي كشفت عن سياستها في الكيل بمكيالين تجاه التعامل مع الامور، وهنا اتحدث عن الاتحاد الأوروبي الذي أعلن على لسان أوليفر فارهيلي، تعليق جميع مدفوعات مساعداته التنموية للفلسطينيين، وقرر إعادة تقييم كافة برامجه الحالية التي تبلغ قيمتها الإجمالية 691 مليون يورو، وتبعه في ذلك كلا من ألمانيا والنمسا التي أعلنتا عن تعليق المساعدات للأراضي الفلسطينية، وذلك عقب "طوفان الأقصى" الذي شنته حركة حماس على إسرائيل.

كما وصفت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية ما حدث بأنه إرهاب في أبشع صوره، ولإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة مثل هذه الهجمات الشنيعة.

وقال ديلان وايت، المتحدث باسم التكتل العسكري بالحلف الأطلسي، ندين بشدة الهجمات الإرهابية التي نفذتها حماس على إسرائيل شريكة الحلف الأطلسي.

ووسط كل هذا نجد إعلان الإدارة الأمريكية على لسان الرئيس الأمريكي، جو بادين، تأكيده بأن الولايات المتحدة ستقدم لإسرائيل ما ستحتاجه للدفاع عن نفسها، ونقلت مواقع أمريكية اخبارية ان بنيامين نتانياهو طلب من بايدن دعما أمريكيا طارئا لشراء المزيد من الصواريخ لنظام القبة الحديدية الدفاعي.

اللافت للنظر وسط كل هذا هو قيام سكان أكبر مدينة تضم يهود في العالم في نيويورك بالتظاهر لدعم فلسطين وتأييد هجوم حماس على إسرائيل وتجمع المتظاهرون فيها بمكبرات الصوت ولافتات صفراء كتبوا عليها "المقاومة ضد الاحتلال حق من حقوق الإنسان" و "أوقفوا جميع المساعدات الأمريكية لإسرائيل العنصرية"

وعلى مستوى السياق العربي قدم السفير مهند العكلوك مندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة العربية مذكرة للجامعة العربية تضمنت طلب عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورة غير عادية في أقرب موعد ممكن لبحث سبل التحرك السياسي على المستوى العربى والدولى لوقف العدوان الإسرائيلى وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وتحقيق السلام والأمن المرتكز على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وبعد عقد الاجتماع خرج بيان الجامعة بصيغة هشة كعادتها لم تخرج عن فكرة الإدانة حيث ادانت ما قالت عنه "قتل المدنيين" من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي واستهدافهم والتأكيد على ضرورة حمايتهم وأيضا على ضرورة إطلاق سراح المدنيين وجميع الأسرى والمعتقلين، ودعوة كافة الأطراف إلى ضبط النفس والتحذير من التداعيات الإنسانية والأمنية الكارثية لاستمرار التصعيد وتمدّده.

ورغم أن الكثيرون في الأوساط الدولية والعالمية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان أدانت تأخر تحرك الجامعة العربية بل انها لم تقم بعقد اجتماع طارئ غير عادي من تلقاء نفسها لكنها انتظرت لحين تقديم طلب رسمي ومذكرة من مندوب فلسطين الدائم لديها، لكنهم توقعوا أن يخرج بيان الجامعة مثل البيانات السابقة التي كانت تطالب بضبط النفس والشجب والاستنكار، وكان الغريب الذي وضع الجامعة في حرج هو تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي خرج به بعد المباحثات التي أجراها مع الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد أبو الغيط، في موسكو، باستعداد كل من روسيا وجامعة الدول العربية، للمساهمة في فض النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين وقال نصا "يتوجب على روسيا وجميع أعضاء جامعة الدول العربية، المساهمة في وقف إراقة الدماء، وإنهاء معاناة المدنيين في إسرائيل وفلسطين، ومن الممكن تحقيق ذلك"، ولم يخرج هذا التصريح عن الجامعة نفسها مثلا، وقال لافروف في تصريحاته نحن على استعداد للمساهمة في فض النزاع بالتعاون مع الدول العربية، وجميع الدول الأخرى المهتمة بنشر السلام المستدام بالشرق الأوسط، وضمان أمن جميع دول المنطقة دون استثناء، بما في ذلك دولة فلسطين، ويتطلب ذلك قرارا من قبل مجلس الأمن".

ولم يكن موقف مجلس الأمن ايضاً يحمل جانب إنساني بل أنه ارتكن إلى مبدأ ( لا أسمع لا أرى لا أتكلم) بل أدان عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، ليس هذا فقط بل أن الولايات المتحدة دعت جميع أعضاء مجلس الأمن إلى إدانة "حازمة" لهجوم حماس على إسرائيل قبل انعقاد جلستها الطارئة وبعد الاجتماع الطارئ والمغلق أبدت الولايات المتحدة أسفها لغياب الإجماع في هذا الاجتماع.

كما أن التصريحات التي خرجت عن بعض ممن حضروا الاجتماع أكدوا على انه لم تقدم أي دولة اقتراحا لإصدار إعلان مشترك، وآراء أخرى رأت أن المجلس أظهر انقساما حيال القضية الإسرائيلية الفلسطينية

وكان الغريب في الأمر قبل انعقاد هذا الاجتماع تصريحات روبرت وود، مساعد السفير الأميركي لدى مجلس الأمن للصحفيين والتي قال فيها "نأمل أن يدين جميع أعضاء مجلس الأمن بحزم ما حدث في إسرائيل و نأمل بأن نسمع من الأعضاء الآخرين في المجلس إدانة شديدة لهذه الأفعال الإرهابية المشينة، التي ارتكبت بحق الشعب الإسرائيلي وحكومته" الأمر الذي لم يتحقق من الأعضاء بعد الانقسام الداخلي بينهم.

وخلال هذه الجلسة كان حديث السفير الإسرائيلي، جلعاد إردان، إلى وجود طلب وحيد لإسرائيل من مجلس الأمن يتمثل في إدانة جرائم الحرب التي ترتكبها حماس على حد قوله بأنها جرائم حرب ويجب أن تتلقى إسرائيل دعما قويا للدفاع عن نفسها، وفي المقابل خرج تصريح ورد المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، الذي يمثل السلطة الفلسطينية وليس حركة حماس وقال حان الوقت لإبلاغ إسرائيل بوجوب أن تغير مسارها بوجود طريق للسلام لا يقتل فيه الفلسطينيون ولا الإسرائيليون.

وبعيدا عن كل هذا لابد أن نرتكن إلى جانب مهم لوسائل الإعلام العبرية عندما قالت أن إسرائيل لا تفهم حماس، وشبهت "طوفان الأقصى" بهجمات 11 سبتمبر، وما قاله أيضاً تور وينيسلاند، مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، بأن ما حدث "هاوية خطيرة" وناشد الجميع  "التراجع عن حافة الهاوية" وفي رايي المتواضع هو ما لابد أن يحدث وبشكل سريع وعاجل التراجع عن "حافة الهاوية" بعد التخوف من خروج الوضع عن السيطرة، لذا بات على الجميع ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب تعريض المدنيين للمزيد من المخاطر.