رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

صدمنى الكاتب الصحفى السعودى طارق الحميد رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط السابق بمقاله الذى كتبه فى اليوم التالى للعمليات الفلسطينية ضد إسرائيل حيث راح يكتب مقالاً بعنوان «غزة وحرب بلا فائدة». جانب من الصدمة هو قدرة الكاتب على السباحة ضد التيار على هذا النحو البيّن، وهو موقف قد يعبر عن شجاعة فى الرأى من منظور البعض، فيما قد يعبر عن بجاحة وغياب للكياسة وعدم مراعاة مشاعر الجماهير والنظرة السياسية الضيقة من منظور آخرين.

لكن الرجل لا يقدم عنوانه هكذا دون سند من المنطق، وإنما يبرر طرحه فى أن الحرب بلا فائدة، كما يرى لأنها بلا هدف استراتيجى وإنما لتحقيق مصالح خاصة بالفصائل ومن خلفهم إيران وأتباعها. كما أن عواقبها ستدمى القلوب وسيكون الضحية كالعادة الفلسطينيين بينما قيادات حماس والفصائل فى فنادق فخمة، فيما الحقيقة تقول إن تلك القيادات فى قلب المعمعة وإن الحميد الذى يكتب مقاله برؤية فصائلية ربما كان يكتب من فندق فخم فى باريس أو لندن!

الغريب أن الحميد يشير إلى أن توقيت العمليات مشبوه، لأنها تأتى فيما تجرى مفاوضات مع الولايات المتحدة لخلق فرص سلام مع إسرائيل تضمن ظروف حياة أفضل للفلسطينيين. بغض النظر عن ملاحظة أن الكاتب اختزل الهدف من المفاوضات فى مجرد حياة أفضل وليس حصول الفلسطينيين على حقوقهم السياسية كاملة، فإنه لم يسأل نفسه كم مضى على تلك المفاوضات المزعومة التى يجريها العرب جميعا بكافة دولهم بما فيها السلطة الفلسطينية ذاتها دون أن يتقدم الفلسطينيون قيد أنملة، إن لم يكن على العكس يمثل كل يوم مفاوضات خطوة على طريق مزيد من ضياع حقوقهم.

شخصياً أخشى على الفلسطينيين من العواقب التى حذر الحميد منها، وأقول الفلسطينيون دون فرز بين ضفة وغزة، أو بين حمساوى وغير حمساوى، وأتمنى من كل قلبى لو أن من أقدم على تلك العملية من القيادات فى غزة أجرى الحسابات الدقيقة لسيناريوهاتها المتوقعة على مصير ومسار القضية الفلسطينية. لكن الهاجس الذى يراودنى بعيدا عن مثل هذه الحسابات هو السؤال: هل كان أمام الفلسطينيين طريق آخر؟

لا أظن أن الحميد أو غيره فى الشرق أو فى الغرب يمكن أن ينفى أن مسار القضية الفلسطينية على النحو الذى يسير فيه إنما كان إلى موات، وأظن، وليس كل الظن إثماً، أن المفاوضات التى يشير إليها الحميد، إنما كانت بمثابة مسمار إضافى وربما أخير فى نعش القضية.

رغم مزيج المشاعر المختلطة التى تنتابنى على وقع قعقعة السلاح، واحتدام القتال، ما بين قلق وتوتر، وبين أمل ورجاء، إلا أن العملية الفلسطينية تعيد إلى ذهنى الفيلم الأمريكى «300» والذى يعرض لملحمة 300 إسبرطى قتلوا جميعا ما عدا واحدا، فى مواجهة الجيش الفارسى الغازى المكون من 300 ألف جندى. ربما تعجل عملية حماس بموت القضية الفلسطينية وربما تكون فائدتها أنها ستعيد تلك القضية للواجهة، ولكن بافتراض أنها ميتة ميتة فإن الموت بكرامة ربما يكون أكرم وأقوم، عملا وتأكيدا على مبدأ أن «الحق فوق القوة».

اللهم انصر إخواننا فى فلسطين.

[email protected]