رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أكتوبر ٧٣ رمز العزة والكرامة.. و«معركة التنمية» التحدى الأكبر

خمسون عاماً على النصر العظيم

بوابة الوفد الإلكترونية

نصف قرن مضى على أعظم انتصار مصرى فى العصر الحديث.. خمسون عاما مرت على نصر أكتوبر 1973 المجيد.. النصر الذى أعاد لمصر كبرياءها وكرامتها وأرضها المسلوبة.. النصر الذى حققه جيل من المصريين وهبوا حياتهم لمصر.. جيل توحد فيه الشعب والجيش فصارا كيانا واحدا ضحى بكل ما يملك وعبر مرارة الهزيمة وآلامها وحارب وانتصر، فذاق حلاوة النصر وآماله، وعاد من ميدان القتال بهامات مرتفعة فى السماء ورايات عزيزة صواريها..

وانتصار أكتوبر شهد تكاتفاً ليس فقط بين الشعب المصرى والقوات المسلحة، بل شهد تكاتف كل الدول العربية التى ساعدت بشكل مباشر وغير مباشر فى المساهمة فى الانتصار العظيم، الذى سيظل رمزا للعزة والكرامة..

وإذا كانت مصر حققت انتصارا مبهرا فى حرب تحرير الأرض عام 1973، فإنها تخوض الآن معركة التنمية، وهى المعركة التى حقق فيها المصريون انتصارات عديدة..

 

استعادة روح أكتوبر.. ممكنة

أكد خبراء السياسة، أن انتصار أكتوبر 1973، سيظل أبد الدهر رمزاً للعزة والكرامة، تستلهم منه الأجيال جيلاً بعد جيل معنى التضحية والوطنية، وأن روح أكتوبر تقهر كل الصعاب وتتغلب على كل التحديات.

قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: «فى سيرة الوطن تواريخ لا يمكن نسيانها مهما مرت السنون، وفى مقدمتها يوم 6 أكتوبر 1973»، لافتاً إلى أن انتصار أكتوبر سيظل محفور فى أذهان المصريين، لما حققه ذلك النصر من عزة وكرامة للمصريين والعرب جميعاً.

اكرام بدرالدين

وأضاف: «فى أكتوبر 1973 حطم جيش مصر الباسل خط بارليف المنيع الذى كان يقال عنه إنه لا يمكن تدميره إلا بالسلاح النووى، ولم تكن مصر تمتلك أسلحة نووية، ولكن جنود مصر حطموه بالإرادة، وقدموا دليلاً على أن الإرادة المصرية أقوى من القنبلة النووية».

وتابع: «انتصار أكتوبر يجسد تكاتف الشعب مع الجيش ويكشف الجوهر الحقيقى للمصريين، ويعكس إرادة المصريين الصلبة والعزيمة الجبارة للجنود وإيمانهم الكامل بضرورة الانتصار وتحرير الوطن».

وقال «بدر الدين»: «نستطيع أن نستلهم روح وقيم أكتوبر فى كل المجالات ونتجاوز كل العقبات من خلال الإرادة والترابط بين الشعب والجيش»، وقال: «إذا استعدنا روح أكتوبر سنتجاوز كل المحن التى تقابلنا، مطالباً وسائل الإعلام ومراكز البحوث ومؤسسات الدولة بأن تغرز ثقافة نصر أكتوبر فى الأجيال القادمة، لكى نستطيع الانتصار فى كل المجالات».

وقالت الدكتورة حنان أبوسكين، أستاذ العلوم السياسية المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: «من المهم المحافظة على احتفالات النصر، لكى نحافظ على نفس المستوى من الكفاءة القتالية، ونستلهم دوماً روح أكتوبر القادرة على قهر كل الصعاب».

وأضافت: «فى السنوات الأخيرة قهر المصريون صعوبات عديدة ووضعوا أسس بناء نهضة شاملة».

وتابعت: «من حق كل مصرى أن يفخر بجيشه العظيم الذى يعد من أهم الجيوش على مستوى العالم، ومن ضمن أهم الجيوش فى التصنيفات العالمية وهو أمر يدعو إلى الفخر والعزة لأى مواطن مصرى كون أن جيش بلده قادر على حماية الوطن، فجيش مصر هو سيف الوطن ودرعه».

حنان ابوسكين

وأكدت أن الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر، يعزز من الانتماء للوطن، كما أنها تعزز فكرة الانتصار فى الأجيال القادمة، كما أن الاحتفال هو تنشئة سياسية يتعلم منها الأجيال تاريخ بلدهم، مضيفة أن عدم التوعية بالتاريخ المصرى، سيفتح الباب أمام العابثين بمصر بتزوير تاريخها، وأوضحت أنه طول الوقت هناك تربص ممن لا يريدون الخير لمصر.

وطالبت بضرورة تعليم الأجيال الجديدة تاريخ مصر، فمصر هى الدولة الوحيدة التى تعرضت لنكسة، ولكن سرعان ما تجاوزتها وحاربت وانتصرت وقهرت صعاباً لم يكن أحد يتخيل أنها ستُقهر، وقالت: لا أحد يقلق على مصر طالما أن الجيش والشعب بينهما ترابط، فالتكاتف الشعبى مع الجيش هى القوة الخارقة التى يتحطم على جدارها كل محاولة لإيذاء مصر.

 

سر اختفاء الجريمة

أثبتت حرب أكتوبر أن المصريين جميعهم يقفون وقت الأزمات على قلب رجل واحد، فطوال أيام الحرب توحد المصريون بشكل غير مسبوق، ولم يعد للجميع سوى هم واحد واهتمام وحيد، وهو كيف يشارك بدور إيجابى فى تلك الحرب؟، البعض تطوع بالدفاع المدنى والبعض تبرع بالدم والكل قدم التبرعات المالية، ووسط هذا كله لم تشهد مصر جريمة جنائية واحدة طوال أيام الحرب.

فوفقاً لبيانات وزارة الداخلية فإن الجرائم السياسية والجنائية قد اختفت مع الطلقة الأولى لحرب أكتوبر، كما أن الوزارة لم تتلق أية بلاغات أو إخطارات تمثل مصدر قلق.

وأكدت كل الملفات الأمنية، التى خرجت عقب انتصارات أكتوبر أن حركة الجريمة فى الفترة التى تبدأ من ‏6‏ وحتى يوم ‏21‏ أكتوبر 1973 قد انخفضت عن مثيلتها فى العام السابق، فبعد أن كانت ‏95‏ جنحة عام‏ 1972‏ انخفضت إلى ‏71‏ فقط فى أيام الحرب وبنسبة انخفاض بلغت ‏26%.

كما تراجعت أرقام السرقات ‏فى ذات الفترة من ‏11‏ حادثة إلى ‏7‏ حوادث فقط وبنسبة انخفاض ‏40%، وسجلت جرائم السرقة الصغيرة انخفاضاً يزيد عن‏ 35%‏ فى المدة نفسها‏، ولم ترصد سجلات الشرطة منذ بدء الحرب أى ظاهرة إجرامية شاذة‏ مما يقع عادة فى المدن الكبرى أثناء الحروب، ولم يقع حادث واحد يمكن أن يعد مثيراً للقلق أو مزعجاً لحالة الأمن العام‏،‏ فلا عصابات تهاجم المتاجر والمساكن‏، ولا أشقياء يتعرضون للمارة فى الظلام الدامس ومن ثم كانت حياة المدينة طوال ‏19‏ يوماً من الحرب يغمرها إحساس المواطنين بسيادة الأمن.

وقال الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى: إن الثقافة المصرية وقت حرب أكتوبر، كانت ثقافة نهرية مليئة بالحب والخير والسلام، ولذلك كان الجميع يتعاون لكى تنتصر مصر على العدو الخارجى، نتيجة لوجود وعى ومحبة للوطن، ولكن للأسف تسللت تغيرات ودخلت ثقافات كثيرة على المجتمع فى عصر الإنترنت، وأصبح هناك انحدار ثقافى مروع وتردٍ أخلاقى مخيف، نتيجة للتغيرات التى شهدها المجتمع منذ الثمانينيات وحتى اليوم، فصار المصرى أكثر عنفاً، وأحجم الكثيرون عن القراءة سواء فى الصحف أو الكتب، وتسرب للمجتمع ثقافات غريبة تتستر خلف الدين، والدين منه برىء، وظهر رجال دين بعيدون كل البعد عن صحيح الدين، وأصبح كل شخص يبحث عن مصلحته دون النظر إلى مصلحة المجتمع، والنتيجة أننا أصبحنا كأننا نعيش فى جزر منعزلة، وأصبحنا لا نكترث بمشكلات الوطن، لافتاً إلى أننا أيام حرب أكتوبر كنا مجتمعين على قلب رجل واحد.

جمال فرويز

وأكد أننا إذا أردنا عودة المجتمع كما كان متكاتفاً على قلب رجل، يجب أن تقوم كل مؤسسات الدولة بدورها، فيجب عودة الإعلام لدوره التنويرى، وعودة الانضباط للمدرسة وعودة الثقافة الحقيقية وعودة المواطنين للقراءة، وعودة رجال الدين لدورهم التنويرى.

وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية: إن انخفاض الجريمة وقت حرب أكتوبر، يرجع إلى وجود روح وطنية مختلفة، كما كانت التعبئة لمقاومة العدو الخارجى قوية بين جميع أطياف المجتمع، لافتاً إلى أن العدو الخارجى يوحد المواطنين لمقاومته، وهذا ما حدث طوال التاريخ المصرى، فمصر إذا مسها أى خطر من أية دولة خارجية سنجد الجميع على قلب رجل واحد، ولكن إذا كان العدو الداخلى مثل جشع التجار أو السرقة أو النصب، فلن نجد تضامناً واسعاً، لأن البعض له مصلحة فى انتشار الخطر الداخلى.

سعيد صادق

وأكد أن الأخلاق تغيرت والجرائم زادت، رغم انتشار التكنولوجيا التى تضبط الجريمة مثل الكاميرات المنتشرة فى كل مكان، ولكن فى وقت الحرب لم تكن هناك كاميرات مراقبة، ولكن المجتمع كان يشعر بالمسئولية تجاه وطنه.

 

من التحرير إلى التنمية.. معارك مستمرة

حققت مصر نصراً عالمياً فى السادس من أكتوبر المجيد وتخطت الصعاب الجسام وعبرت من الهزيمة إلى النصر، وكان ذلك فى ظروف مستحيلة النجاح ولكن بروح الإصرار والعزيمة والتحدى تخطت مصر الصعاب وعبرت وحققت النصر واستعادة الأرض والكرامة، والآن فى واقعنا المعاصر وبرغم الأزمات الصعبة حققت مصر انتصارات ومكاسب عديدة فى معركة التنمية أتت بثمار إيجابية واضحة ومشهودة وملموسة على أرض الواقع المصرى بالشهادات المحلية والإقليمية والدولية.

قال الدكتور ياسر حسين سالم، الخبير الاقتصادى والمالى: إن من أهم الانتصارات فى معركة التنمية هو الوصول بمصر إلى بر الأمان فى مشهد نرى فيه مصر واحة مستقرة تشهد إنجازات وتحقق مكاسب فى وسط شرق أوسط به كثير من الدول ما زالت تعانى من عدم الاستقرار وعلى سبيل المثال ليبيا وسوريا واليمن والسودان.

فحققت مصر فى معركة الاستقرار أهدافاً تنموية كثيرة ومنها تعديل مسار الانحراف الذى أعقب ثورة يناير واستحواذ فريق سياسى واحد على إجمالى المشهد السياسى، ولكن المصريين استردوا الهوية المصرية والحفاظ على الوطن من التقسيم والانقسام والتفتت فأجهضوا المخططات الخارجية، وعادت دوران عجلة الاقتصاد فى المدن الصناعية وحركة التجارة وحركة التنمية والعمران والحفاظ على البيئة الاجتماعية واستقرار الشارع المصرى.

وأثمرت مكاسب مصر المحققة فى معاركها التنموية الكثير، منها إنشاء حوالى 7000 كيلو متر طرق جديدة وكبارى وأنفاق، هى بمثابه شرايين للتنمية فى الجسد الاقتصادى، كما حققت الدولة المصرية نجاحاً مبهراً فى ملف العشوائيات وتطوير العديد من الأحياء العشوائية ورفع مستوى معيشة مواطنيها مثل حى الأسمرات ومثلث ماسبيرو والمقطم، والتوسع فى الانتشار العمرانى والتنموى وإنشاء مدن سكنية جديدة ومن أهمها العاصمة الإدارية، المنصورة الجديدة، توشكى الجديدة، الأقصر الجديدة، العلمين الجديدة، بئر العبد الجديدة بسيناء، شرق بورسعيد، غرب أسيوط، غرب قنا، فى مخطط يستهدف إنشاء ثلاثين مدينة ذكيه تنتشر فى كل أنحاء مصر.

كما تم الأخذ بالفكر التنموى المستدام والقيام بالعديد من المشروعات الخضراء فى منظومة الاقتصاد الأخضر مثل محطات الطاقة الشمسية بأسوان، ومحطات طاقة الرياح بغرب السويس بالزعفرانة، وصناعة الهيدروچين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس.

وإنشاء مدن صناعية جديدة مثل جمصة الصناعية فى الدقهلية، ودمياط الجديدة الصناعية بدمياط، بنى سويف الجديدة الصناعية، المنيا الجديدة الصناعية، والبدء فى إنشاء مدينة طربول كبرى المدن الصناعية فى الشرق الأوسط، واستهداف استصلاح مليون ونصف المليون فدان من أجل توسيع وزيادة إجمالى الرقعة الزراعية المصرية.

وبرغم تعدد الانتصارات التنموية الكبيرة والمكاسب المتنوعة المحققة لمصر داخلياً وخارجياً، إلا أن هناك تحديات وإشكاليات تحتاج إلى حلول لمواجهتها ومن أهمها إشكاليات التضخم وإشكاليات البطالة وتشغيل مليون مواطن يدخلون إلى سوق العمل سنوياً.

د. ياسر حسين 

وأكد «سالم» أن مصر لديها فرص استثمارية كثيرة جداً وأفضل من العشرات من الدول، ولكن من المعروف أن رأس المال جبان يحتاج لمناخ محفز للاستثمار، هذا المناخ لا بد أن يكون عادلاً مع ضرورة وجود تشريعات تحفظ الحقوق وقواعد المنافسة بحياد تام وبلا تدخلات وبدون سيطرة مؤسسات ولا محاباة ولا تخبط فى القرارات وبدون تناقض فى المواقف، كما أن الاستقرار التشريعى والسياسى والشفافية وإتاحة الفرص بعدالة هى الحل ولا بد من رسائل يومية لطمأنة المستثمرين القادمين من الخارج تبدأ هذه الرسائل بتمكين وتشجيع مستثمرين الداخل وفتح المجال للقطاع الخاص المصرى دون أى قيود، حينها تتدفق مليارات الدولارات من الخارج إلى مصر لاغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة، وتتحسن على إثرها أحوال مصر والمصريين للأفضل دائماً.

وأكد أن من القرارات العاجلة والمهمة التى نحتاجها لدفع القطاع الخاص إلى الأمام من أجل توظيف وتشغيل الخريجين والحد باستمرار من البطالة أن يتم إصدار قرارات دافعة لتشجيع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، كسهولة إصدار التراخيص وتحديد رسوم مخفضة لها وقروض بفوائد تمويل 7% على الدوام وببطاقة الرقم القومى لصاحب المشروع أو مديره المسئول، كما يجب وضع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة دوماً فى الحسبان عند إنشاء التجمعات الصناعية أو المدن الصناعية أو التجمعات التجارية أو المعارض المحلية والإقليمية والدولية.

شركاء الحرب والنصر

كان للأشقاء العرب دور مؤثر فى تحقيق النصر العظيم، وبالرغم من عدم معرفة الأشقاء العرب بموعد الحرب، إلا أن فور علمهم ببدء الحرب سارعت الدول العربية بتقديم المساعدات لمصر فى شتى المجالات سواء فى إرسال أسلحة وذخائر أو دبابات أو إرسال مواد غذائية، ومنهم من أوقف تصدير مواد النفط للدول الأجنبية لكى لا تدعم دولة إسرائيل.

أسامة الدليل

وقال أسامة الدليل، الخبير فى الشئون العربية، إن حرب أكتوبر كان لها ملابسات كثيرة، لافتا أن مصر دخلت الحرب وليس لديها إلا احتياطى يكفى لمدة شهر، مؤكدا أن دولة الجزائر قامت بتحويل كل الاحتياطى الاستيراتيجى الذى تملكه من القمح فى هذا التوقيت لمصر، بخلاف إرسال كتيبة قتالية، كما أن ليبيا أرسلت كل ما لديها من طائرات وذخائر، وكذلك الكويت أرسلت كتيبة، كما أن السعودية أوقفت صادرات النفط لأوربا، وكان تحولا خطيرا جدا ، لأنه كان لأول مرة يستخدم سلعة حيوية كسلاح فى الحرب وللضغط على أوروبا، كما أن دولة السودان أرسلت كتيبة، مؤكدا أن كل الدول العربية أرسلت وحدات أو مساعدات تمويل أو إمدادات أغذية وذخيرة.

مضيفا: ما قامت به دول الخليج سواء السعودية والكويت والإمارات، فى وقف تصدير النفط، ترتب عليه نتائج خطيرة فى المنطقة والعالم كان لأول مرة ينتبه لسلاح الطاقة وقد نجح العرب فى استخدامه بكفاءة، لافتا أن وقف إمداد الغرب بالطاقة كان تأثيره قويا، فكانت إسرائيل تلوح بالأسلحة النووية، وكان العرب يلوحون بسلاح الطاقة.

وقال الدكتور حامد فارس- أستاذ العلاقات الدولية، إن أكثر من اثنتى عشرة دولة عربية وقفت بجوار مصر بشكل كبير جدا أثناء حرب أكتوبر، لافتا أن انتصار مصر فى الحرب غيّر مجرى التاريخ، حينما تمكنت القوات المسلحة عبور أكبر مانع مائى وتدمير أحد أقوى خطوط الدفاع وهو خط بارليف.

وأكد أن دولة الجزائر كان لها دور مهم، حينما قام رئيس الجزائر بشراء الأسلحة من الاتحاد السوفيتى بـ200 مليون دولار وأرسلها للجيش المصرى لدعمه فى الحرب، كما أن الأردن والعراق كان لهما دور قوى فى إرسال الكثير من الطائرات وإرسال الكتائب المدفعية إلى الجبهة السورية، وتنفيذ مهام سرية وبالفعل تمكنت القوات العراقية من إجبار الإسرائيليين على التراجع، كما أن ليبيا التى تبرعت بأكثر من أربعين مليون دولار وأربعة أطنان من الزيوت وإرسال الكثير من الطائرات، والسعودية كان لها دور قوى فى الحرب حينما أوقفت إرسال النفط إلى الدول الأجنبية، بعد لقاء تم بين الرئيس السادات والملك فيصل وتبرعت السعودية بمئتى مليون دولار، وكذلك دولة الإمارات التى تعتبر ركيزة أساسية للأمن العربي، وقفت بجوار مصر، وكان هناك مقولة للشيخ زايد-رحمه الله- حين قال: ليس المال العربى أغلى من الدم العربى وليس النفط العربى أغلى من الدم العربي، ودولة المغرب أرسلت لواء مشاه بالكامل على الجبهة المصرية، واليمن أيضا كان له دور واضح فى الحرب فأغلق مضيق باب المندب بسرية كاملة حتى توقف الإمدادات البحرية لإسرائيل.

د. حامد فارس

وواصل «فارس»: وقت حرب أكتوبر كان هناك تشاور بين مصر والدول العربية بشكل واضح، ووجدت مصر دعما كاملا من كل الدول العربية للعمل على نجاح مصر فى الحرب.

وتقول كاميليا السادات ابنة الزعيم الراحل فى أحد لقاءاتها التليفزيونية عن موقف الرئيس الجزائرى «هوارى بومدين» مع بداية الحرب قائلة «بومدين أخبر والدى «تقصد الرئيس السادات» فى اتصال هاتفى يوم 4 أكتوبر بوضع كل الإمكانيات تحت تصرفه، بعدما أخبره بتعنت السوفيت ورفضهم تزويدنا بالسلاح إلا بحصولهم على المبالغ فورياً وقدرت وقتها بحوالى 100 مليون دولار».

وأضافت «بعدها استيقظ والدى على صوت أحد الضباط والذى يخبره بأن بومدين على الهاتف ليسأله السادات أين أنت؟ فرد عليه قائلا أحدثك من روسيا وقد وفرت لك المبالغ المالية من كل البنوك الجزائرية عبر حساب بنكى بالدولار، وقال له وقتها لن أرحل إلا بعد شحن الأسلحة والدبابات لمصر وهو ما حدث بالفعل».

وتستكمل «كاميليا قائلة» الملك فيصل -ملك السعودية لم يتردد فى تحمل المسئولية الكاملة حين أخبره والدى عن الحرب والميزانية المصرية فرد عليه قائلاً: لا تحدثنى عن ميزانية اشتروا ما تريدون ونحن ندفع الفواتير».

وأضافت «قام السادات بزيارة سرية للرياض وأبلغ الملك فيصل بقرار الحرب على إسرائيل إلا أنه لم يخبر الملك بموعد الحرب، وقد طلب منه أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية».

وتابعت «كامليا» قائلة «لعب سلاح حظر النفطى دوراً مهماً مما خلق أزمة فى الطاقة لدى الولايات المتحدة الأمريكية، والتى كانت تساند إسرائيل وساعد ذلك فى الضغط لصالح مصر».

وفى مذكراته تحدث الفريق أركان حرب سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان حرب الجيش المصرى عن الدور العربى الذى حاول توفير دعم مالى وعسكرى للقوات المسلحة، بالإضافة إلى أهمية الدور الذى لعبته قرارات مجلس الدفاع العربى المشترك فى جامعة الدول العربية وتحديداً العراق فكان من أكبر القوى المشاركة بسلاح الطيران ووضعت الحكومة العراقية سبعة ملايين جنيه إسترلينى فى حساب باسم الحكومة المصرية فى لندن لتتمكن الحكومة المصرية من شراء ما تحتاجه من معدات.

كما أبلغت الحكومة المصرية بزيارة الرجل الثانى فى الحكومة العراقية آنذاك صدام حسين إلى فرنسا لشراء معدات عسكرية للجانب المصرى، وبلغت طائرات الهنتر العراقية التى وصلت إلى مصر 20 طائرة استقرت فى مطار قويسنا بمحافظة المنوفية، وشاركت الطائرات العراقية بقوة فى الضربة الأولى فى 6 و7 أكتوبر بجانب الطيران المصرى.