رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحلة كفاح من «السحتوت» والتربع على عرش الذهب إلى «التعويم»

الجنيه المصرى.. تاريخ من الإخفاقات والانتصارات!

بوابة الوفد الإلكترونية

مخاوف عديدة وتساؤلات وتكهنات فى الشارع المصرى بشأن مستقبل الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية، لاسيما فى ظل ارتفاع معدلات التضخم، وانتهاج سياسة التعويم، وبحسب خبراء المال والاقتصاد فإن الجنيه المصرى قد يشهد تحسنًا فى الأداء خلال الفترة المقبلة، فى حال زيادة ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصري، وذلك يتم عن طريق بعض السياسات المتبعة التى تحد من التضخم وتُحافظ على استقرار الاقتصاد.

وبسبب تراجع قيمة الجنيه فى الوقت الحالي، قد يظن البعض أنه كان منذ ميلاده ووجوده فى العقود والسنوات الماضية هكذا، ولكن هذا غير حقيقي، بل إن تاريخ الجنيه المصرى حافل ويمكن وصفه بأنه من ذهب، إذ كانت قيمته تتفوق على العملات الأجنبية الكبرى ويمتلك تاريخًا كبيرًا من القوة والتألق مقارنة بهم.

فالجنيه المصرى كان من الذهب بوزن 8.5 جرام بداية من العام 1885 حتى 1899، إذ صدر وقتها الجنيه الورقى وكانت أيضًا قيمته آنذاك 7.43 جرام، ومر الجنيه المصرى بالكثير من الانجازات طوال تاريخه، حتى كان أعلى قيمة أمام الدولار من بين 39 عملة فى عشرينيات القرن الماضى.

 

العملاق الذى تراجع

نافس أشهر العملات العالمية فى فترة ازدهاره

تفوق على الجنيه الاسترلينى.. وقيمته بلغت (5) دولارات أمريكية

«الإيكونوميست»: توقعات بانخفاض الجنيه أمام الدولار خلال الأربع سنوات القادمة

يمر الجنيه المصرى فى الوقت الحالى بحالة من الإخفاق، فقد أصبحت قيمة الجنيه مقارنة ببعض العملات الأجنبية ضئيلة إلى حد كبير، والبعض يرى أنه أصبح بلا قيمة مع تراجعه مقارنة بباقى العملات، خاصة مع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وأنه لم يعد قادرًا على تلبية احتياجات الأسرة الأساسية من خلاله.

وقبل أن يتراجع الجنيه ويصل إلى ما هو عليه الآن، عاش فترات من القوة والازدهار البالغ، حيث ولد الجنيه المصرى عملاقا وكان منافسا لأقوى وأشهر العملات حول العالم، قبل أن يتهاوى ويصبح مستقبله مجهولًا.

ويبلغ سعر صرف الدولار حاليًا فى البنوك المصرية بنحو 30.90 جنيه، بينما كان الجنيه المصرى فى فترات ازدهاره يتفوق الجنيه الإسترلينى ويعادل 5 دولارات أمريكية، ويُشار إلى أن ميلاد الجنيه المصرى كان فى 1899، خلال فترة حكم الخديو عباس حلمى الثانى.

وولد الجنيه المصرى قويًا، ووقتها تم تثبيت سعر صرف الجنيه الورقى مقابل الذهب بحيث كانت قيمة الجنيه الواحد تساوى 7.43 جرام من الذهب، وكان هناك امكانية لتغيير العملة الورقية بالذهب عند الطلب.

وفى 1914، تم ربط الجنيه المصرى الأعلى قيمة بالجنيه الإسترليني، الذى كان سعر صرفه وقتها 97.5 قرش، وظل الجنيه مرتبطًا بالعملة الإنجليزية حتى 1947، وتُظهر تقارير فى نشرة الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى عن أسعار صرف العملات الواردة منذ عشرينيات القرن الماضي، أن الجنيه المصرى كان أعلى العملات قيمة أمام الدولار من بين 39 عملة مختلفة كانت ترد فى التقرير بشكل دورى.

وكان الجنيه المصرى منذ بداية القرن الـ20 وحتى عام 1939 يساوى حوالى 5 دولارات، بل تجاوزها فى بعض الأحيان، إلا أن قيمته بدأت فى التراجع مع الحرب العالمية الثانية فى 1939.

وفى أربعينيات القرن الماضي، انضمت مصر إلى صندوق النقد الدولي، وفى 1947، فكت ارتباط الجنيه المصرى بالجنيه الإسترليني، ووقتها كانت قيمة الجنيه المصرى تساوى 3.67 جرام من الذهب، وتعادل 4.13 دولار.

وفى 1949، انخفضت قيمة الجنيه لتصبح نحو 2.87 دولار، ثم تراجع الجنيه أكثر حتى أصبح يساوى حوالى 0.35 جنيه، واستمر ذلك حتى عام 1961، ثم انخفض من جديد بعدها ليصل إلى 0.43 جنيه فى الفترة من 1963 إلى 1972، وفقًا لبعض البيانات المتاحة فى قاعدة بيانات البنك الدولى عن العملة المصرية.

وبعد حرب 1973، عاود الجنيه للارتفاع نسبيًا، ومع انتهاج سياسة الانفتاح، فى عام 1979، خسرت العملة المصرية نحو نصف قيمتها ليصل سعر الدولار إلى 0.70 جنيه، وفى 1989، تراجعت قيمته مجددًا، حيث وصل سعر الدولار 0.87 جنيه.

مع بداية التسعينيات، ولأول مرة تجاوز الدولار الجنيه المصري، وذلك بالتزامن مع سياسة الإصلاح الاقتصادي، ووصل سعر الدولار إلى 1.5 جنيه، وفى 1991 قفز الدولار إلى 3.14 جنيهات، وخلال الفترة من 1994 و1998، استمر تراجع الجنيه واستقر عند 3.39 جنيه.

وفى 2002، تجاوز الدولار حاجز 4 جنيهات، وبعدها فى 2003، جاء قرار تعويم الجنيه فى مصر، وحينها وصل متوسط سعر الدولار إلى 6.28 جنيه، ثم تراجع الدولار إلى مستوى 5.9 جنيه وظل ذلك حتى عام 2011.

وبعد 2011، ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه أكثر من مرة فتجاوز الـ 7 جنيهات فى 2015، وفى 2016 تجاوز الـ 8 جنيهات، حتى جاء قرار البنك المركزى المصرى تحرير سعر صرف الجنيه فى نوفمبر من العام نفسه، ليسجل الدولار سعر 13 جنيها.

وظل الجنيه فى تراجع أمام الدولار، ففي2017، بلغ الدولار 18.94 جنيه، وفى مارس 2022 ارتفع سعر الدولار مجددًا، وخلال العام قرر البنك المركزى رفع معدلات الفائدة 2% دفعة واحدة بعد زيادتها بمعدل 1% فى مارس من العام نفسه لمواجهة التضخم.

وحاليًا يبلغ سعر صرف الدولار الرسمى فى البنوك المصرية بنحو 30.90 جنيه، وتتوقع وحدة أبحاث «الإيكونوميست» أن يستمر سعر الجنيه فى التراجع أمام الدولار خلال الأربع سنوات المقبلة.

 

قصة استدانة بريطانيا من مصر

فى الوقت الذى تتراكم فيه بعض الديون على مصر حاليًا مع مساعى الدولة لسدادها، هناك بعض القصص التى تثبت أنها كانت رائدة وعملتها قوية واقتصادها قويا وكانت فى وقت من الأوقات دولة دائنة لواحدة من الدول الكبرى وهى بريطانيا.

مع الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، ثم الحرب الثانية (1939-1945)، استفادت مصر من تعطل إمدادات القطن الأمريكى إلى دول أوروبا والعالم، وفتح الباب أمام القطن المصرى لتحقيق مكاسب طائلة.

واستطاعت مصر فى تلك الفترة مراكمة الديون على بريطانيا، وبحسب الدكتور أشرف صبرى، الباحث المصرى، استشارى طب الأعماق، أنه اكتشف وثيقة تؤكد أن مصر أقرضت بريطانيا 3 ملايين جنيه إسترلينى، خلال الحرب العالمية الأولى 1917، أثناء قيامه ببحثه العلمى حول المراكب الإنجليزية الغارقة بالإسكندرية منذ أيام الحرب، فقرأ عبارة بين الوثائق تقول «إن مصر قامت بإقراض إنجلترا».

ووجد «صبرى» تقريرا يدين بريطانيا فى لجنة «ملنر» وزير المستعمرات البريطانية وقتها، وأنه تمكن من الوصول إلى الأرشيف الملكى الإنجليزى، وسمح له بالاطلاع على الوثيقة وتصويرها بعد مرور أكثر من 50 عاما على كتابتها، مشيرًا إلى أن الزعيم سعد زعلول ذكر هذا القرض فى مذكراته، وفقًا لتصريحات صحفية سابقة له.

أما حاليًا، ووفقًا للبنك المركزى المصري، فإن الدول العربية تمتلك 25.1% من الديون الخارجية لمصر، بينما يمتلك صندوق النقد الدولى نحو 15% منها، بخلاف 26.4 مليار دولار ديونا قصيرة الأجل يتعين سدادها خلال عامين، هناك ديون متوسطة وطويلة الأجل تجاوزت 72.4 مليار دولار حتى نهاية 2025.

ويتعين على مصر سداد 8.32 مليار دولار حتى نهاية يونيو 2023، بحسب جدول سداد الدين الخارجى متوسط وطويل الأجل، وفى 2024 يجب سداد 10.9 مليار دولار فى النصف الأول و13.3 مليار دولار فى النصف الثانى من العام.

ويجب سداد 9.3 مليار دولار خلال عام 2025 فى النصف الأول و5.8 مليار دولار فى النصف الثانى من العام، أما فى عام 2026 فيتعين سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني، ومن المقرر أن تسدد مصر لمؤسسات دولية نحو 3.6 مليار دولار فى النصف الأول من 2023 و3.8 مليار دولار فى النصف الثانى منه.

 

 

تاريخ من ذهب

كان الذهب أساس النظام النقدى فى مصر، بعدما صدر قانون الإصلاح النقدى عام 1885، لتصبح للدولة عملة موحدة هى الجنيه الذهبى المصرى، وكان وزنه أكثر من 8.5 جرام من الذهب. 

وفى عام 1899، صدر الجنيه الورقى المصرى، وتم تثبيت سعر صرفه مقابل الذهب، وكانت قيمة الجنيه الواحد تساوى 7.43 جرام من الذهب، وكان متاحًا تغيير العملة بالذهب حتى تحولت مصر إلى سلطنة فى 1914. 

وفى 1916، بدأ إصدار عملات السلطنة المصرية، وكانت العملة المصرية خلال ذلك التوقيت تصنع من الفضة والبرونز، فالنصف مليم كان مصنوعًا من البرونز، والريال وهو 20 قرشًا، كان مصنوعًا من الفضة ووزنه 28 جرامًا.

وفى تلك الفترة كان من الممكن تحويل الجنيه الواحد إلى 2000 قطعة معدنية من فئة النصف مليم أو ألف من فئة المليم أو 100 قرش، ولكن فى الخمسينيات بدأ اختفاء النصف مليم، أما الفئات الأعلى مثل «الشلن والبريزة والريال»، فظلت تصنع من الفضة إلا أنه انخفض وزنها كما أصبحت تصنع من عيار أقل مما كانت عليه فى السابق. 

وفى الستينيات من القرن الماضى، اختفت العملة المعدنية المصنوعة من الفضة فى مصر، وبدأ سك الـ «الشلن والبريزة» من الكوبر نيكل وهو خليط من النحاس والنيكل يكون فيه النحاس بنسبة 75% أما النيكل بنسبة 25%، كما أصبحت الفئات الأصغر من الألمنيوم.

وفى 1973، توقف إصدار فئة المليم، وفى 1981، تم الغاؤه مع فئة 5 مليمات، وأصبحت الـ 10 مليمات هى أصغر فئة متداولة فى مصر، وذلك مع تراجع القيمة الشرائية لأغلب العملات المصرية.

وفى الثمانينيات تم إصدار عملات جديدة وهى الـ قرشان من النحاس و20 قرشا من الكوبر نيك، وفى عام 1984 أعيد سك فئة 20 قرشا بحجم أصغر، كما تحول إصدار فئة 5 قروش إلى النحاس.

وفى 1992 بدأت صناعة الـ 10 قروش من النحاس، كما ظهرت لأول مرة فئة 25 قرشًا من الكوبر نيكل، وعُرفت باسم الربع جنيه، 1996 صدر قرار رسمى بإلغاء فئة القرشين، وفى 2005، كان الإصدار الأول للجنيه المعدنى، وهو مصنوع من قرصين، الخارجى من الكوبر نيكل والداخلى من النحاس، كما ظهرت فئة الـ 50 قرشا «نصف جنيه» من النحاس.

وفى 2007، تحول الجنيه المعدن إلى الصلب المطلى بدلا من النحاس والكوبر نيكل، وفى عام 2008 كان الإصدار الأخير لفئات 5 قروش و10 قروش «الشلن والبريزة»، فصدرت وقتها بحجم صغير للغاية من الصلب المطلى وأصبحت فئة 25 قرشا هى الأصغر، وحاليًا اختفى الربع جنيه من التداول، وأصبح الجنيه والنصف جنيه هى الفئات الأقل الموجودة. 

وبعد الإعلان أخيرا عن إصدار فئة 2 جنيه، يتوقع مراقبون أن تنتهى الفئات الأقل تدريجيا وتخرج من دائرة المعاملات المالية لتلقى مصير المليم والقرش.

 

إصلاحات اقتصادية

مع استمرار موجة الغلاء وارتفاع أسعار السلع المختلفة منذ اتجاه الحكومة للتعويم بداية من 2016، وتتزايد مخاوف المواطنين وتتواصل التساؤلات والتكهنات فى الشارع المصرى بشأن مستقبل الجنيه أمام العملات الأجنبية، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم.

وارتفع معدل التضخم السنوى فى مصر ليسجل مستوى قياسيا جديدا فى يوليو الماضى، عند 36.5% ليحطم الرقم الذى سجله فى يونيو الماضى عند 35.7%، وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وفى آخر اجتماع للجنة السياسة النقدية، رفع البنك المركزى سعر الفائدة 1%، وبعد الزيادة الأخيرة يكون البنك المركزى رفع سعر الفائدة بنسبة 11% على 6 مرات منها 8% على 4 مرات فى 2022، و3% فى اجتماعى مارس وأغسطس 2023، وذلك لزيادة وتيرة التضخم، بالإضافة للتبعات السلبية لانخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار.

الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادى، يقول إنه فى ظل استمرار تصاعد وتيرة الأزمات العالمية وكذلك استمرار الفيدرالى الأمريكى برفع سعر الفائدة ومدى تأثير ذلك على الأوضاع الدولية والداخلية أيضًا، وبالتالى يأتى تأثير رفع أسعار الفائدة على أداء الجنيه المصرى خلال الفترة المقبلة خاصة فى عملية تعزيز الاستثمار.

ويعتبر رفع أسعار الفائدة عمومًا إشارة إيجابية للمستثمرين الأجانب، حيث يزيد من جاذبية الاستثمار فى البلد، وقد يؤدى ذلك إلى زيادة تدفق رؤوس الأموال إلى مصر، مما يعزز الطلب على الجنيه المصرى ويؤثر إيجابًا على قيمته، وفقًا للدكتور السيد خضر.

وبالنسبة للتأثير على التضخم والاستقرار المالى قد يقوم البنك المركزى المصرى برفع أسعار الفائدة للحد من التضخم والحفاظ على استقرار الاقتصاد، وإذا تم التحكم بالتضخم بنجاح، فقد يؤدى ذلك إلى زيادة ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى ويمكن أن يؤدى إلى تحسن أداء الجنيه المصرى خلال الفترة القادمة.

أما على مستوى حركة التجارة الخارجية فقد يؤثر رفع أسعار الفائدة على نسبة الفائدة النقدية للبنوك المصرية، وبالتالى قد يزيد تكلفة الاقتراض والتمويل للشركات المصرية، قد يؤدى ذلك إلى ضعف التجارة الخارجية ولذلك تأثير سلبى على أداء الجنيه المصرى، بحسب الخبير الاقتصادى.

ولابد من تحقيق مستوى التوازن فى الأسعار خلال الفترة القادمة وفرض رقابة صارمة على الأسواق الداخلية، حتى لا تزيد من فجوة التضخم الذى يؤثر على العديد من المؤشرات الاقتصادية، وكذلك على المواطن خلال الفترة المقبلة حتى لا تكون هناك أضافة أعباء إضافية أخرى فى ظل استمرار ارتفاع الأسعار بشكل سريع وفقًا لـ«خضر».

ويرى «خضر»، أن الدولة المصرية ستتجه إلى استخدام سياسة سعر الصرف المدار وبالتالى تلك السياسة سيكون لها تداعيات على أداء الاقتصاد الداخلى، خاصة أنها ستخلق حالة من الحرية التامة فى حركة سعر الصرف على حسب العرض والطلب.

أبو بكر الديب، الباحث الاقتصادى، قال إن مصر من خلال برنامجها للإصلاح الاقتصادى قدمت العديد من الإصلاحات الاقتصادية على كل المستويات لجذب الاستثمارات، وفى يوم 3 أغسطس الماضى، رفع البنك المركزى المصرى الفائدة 100 نقطة أساس لخفض التضخم وإتمام المراجعة مع صندوق النقد الدولي.

ويمتلك الاقتصاد المصرى الكثير من المقومات التى تؤهله ليكون أكبر اقتصاد فى أفريقيا مقومًا بالدولار، بحسب أبو بكر الديب، مطالبًا بتشكيل فريق عمل وزارى، يستعين بخبراء اقتصاديين، لبحث أسباب المشكلة، ووضع حلول له، وضرورة الاعتماد على مدخلات إنتاج محلية، لتلبية احتياجات الصناعة المصرية، دون الحاجة للاستيراد من الخارج بالعملة الصعبة، وعمل مواصفات قياسية، للمصانع المصرية، طبقا للجودة العالمية من أجل فتح أسواق خارجية لمنتجاتنا، مع هيكلة ودعم مكاتب التمثيل التجارى بالخارج للقيام بدورها الأساسى فى دعم التجارة الخارجية وزيادة الصادرات.

الديب اقترح فتح فروع للبنوك المصرية بالخارج وخاصة فى دول الاتحاد الأوروبى وأمريكا والخليج، من أجل تشجيع المصريين بالخارج على تحويل العملات الأجنبية لمصر، والاستثمار فيها، مع تقليل الطلب على العملة الأجنبية، من خلال التعامل بالجنيه فى التعاملات الدولية ما أمكن، وخاصة مع الصين وروسيا وإقرار ضوابط مغلظة على الاستيراد العشوائى.

مشكلة مصر فى الوقت الحالى هى توفير العملات الأجنبية، وفقًا لـ«الديب»، بسبب زيادة الواردات عن الصادرات، ما أدى إلى ارتفاع فى أسعار السلع والخدمات نتيجة زيادة سعر الدولار وخفض الجنيه، ووجود فجوة كبيرة بين الطلب والعرض على العملة ما يرجح سيناريوهات التعويم أو الخفض، لكن ذلك يمكن تلافيها بعدة إجراءات منها تسريع برنامج الطروحات ودعم الصناعة والزراعة والصادرات وتشجيع الاستثمار والمصريين بالخارج لتحويل أموال بالعملات الأجنبية.

واستمرار جهود تشجيع القطاع الخاص لزيادة مساهماته فى النشاط الاقتصادى، وتحسين بيئة الأعمال وزيادة المنافسة وتعزيز الحياد التنافسى بالسوق المصرية، لتحقق معدلات نمو قوية ومستدامة وزيادة تشجيع وجذب استثمارات القطاع الخاص، بما فيها الاستثمارت الأجنبية المباشرة وزيادة الصادرات ودعم الصناعة والانتاج، والحد من الاقتراض الخارجى لخفض فاتورة خدمة الدين وزيادة ثقة المستثمرين والمؤسسات فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعامل مع المديونية الخارجية، هو السبيل لتخطى الأزمات الاقتصادية التى تواجها مصر، وفقًا للخبير الاقتصادى، أبو بكر الديب.

 

التعويم.. مصطلح سيئ السمعة

أصبح مصطلح تعويم العملة سيئ السمعة لدى الكثيرين، وباتت هذه الكلمة تثير الرعب والخوف فى نفوس المواطنين، بسبب ما يحدث من تدهور للعملة المحلية فى بعض الأحيان وانخفاض قيمتها بالنسبة للعملات الأجنبية، وهو ما يؤثر بطبيعة الحال فى النهاية على أمورهم الحياتية بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار.

وتلجأ الدول إلى سياسة تعويم عملتها عند معاناتها من أوضاع مالية واقتصادية غير مستقرة، وبالتالى يحدث حيازة للعملات الأجنبية ومعها اضطرابات السوق ويخرج أمر سعر صرف العملة عن يد البنك المركزى والجهاز المصرفى، ويكون بيد السوق السوداء.

ولجأت أكثر من دولة عربية إلى سياسة تعويم العملة بشكل غير كامل، وهى السودان والمغرب ولبنان والعراق، بالإضافة إلى مصر، وتعويم العملة أو تحرير سعر الصرف وفقًا لتعريف الاقتصاديين يعنى التخلى عن تحديد سعر صرف عملة ما، وتركه يتحرك ويتغير أمام العملات الرئيسية وفقا لنسبة العرض والطلب، ويصير محررًا تماما، دون تدخل الحكومة أو البنك المركزى فى تحديد سعره، وينشأ سعر العملة تلقائيا بناء على آلية العرض والطلب فى سوق العملات النقدية، الذى يتم من خلاله تحديد سعر صرف العملة المحلية فى مقابل العملات الأجنبية.

تاريخ التعويم فى مصر:

حررت مصر سعر الجنيه للمرة الأولى عام 1977، عندما سمح الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بعودة البطاقات الاستيرادية للقطاع الخاص، وبدء حقبة الاقتراض من الغرب التى عرفت فيما بعد بـ«ديون نادى باريس»، وبعدها تحرك سعر الدولار رسميًا من من 1.25 جنيه إلى نحو 2.5 جنيه.

والمرة الثانية التى لجأت فيها الحكومة برئاسة عاطف عبيد إلى التعويم وتحرير سعر صرف الجنيه كانت فى عام 2003، ووقتها ارتفع سعر الدولار بعد قرار التعويم من 3.40 جنيه إلى 5.5 جنيه، ثم اقترب من الـ 7 جنيهات، وفى استقر عند 6.20 جنيه.

وفى نوفمبر2016، أعلن البنك المركزى تعويم الجنيه للمرة الثالثة، وسجل بعدها مباشرة الدولار 19.60 جنيه، لكنه عاد للتراجع فيما بعد، ليصل الدولار آنذاك عند الشراء بأعلى سعر إلى 14.50 وأقل سعر عند 13.5 جنيه.

وتحرك الدولار بين نطاقات محدودة منذ 2016 وحتى 2022، حتى جاء قرار جديد للتعويم فى مارس من العام الماضى، وترتب عليه سعر صرف الدولار من مستويات 15.77 جنيه للدولار إلى مستويات 19.7 جنيه للدولار.

وفى أكتوبر 2022، أعلن البنك المركزى تعويم الجنيه وزيادة أسعار الفائدة الرئيسية 200 نقطة أساس، مع تحديد سعر الإقراض عند 14.25% وسعر الإيداع عند 13.25% لليلة واحدة، خلال اجتماع استثنائى للجنة السياسات النقدية.

ووقتها تقرر رفع سعر صرف الدولار من مستويات 19.7 جنيه للدولار إلى مستويات 24.7 جنيه للدولار، وفى يناير الماضى، قرر البنك المركزى المصرى رفع سعر صرف الدولار من مستويات 24.7 جنيه للدولار إلى مستويات 32 جنيهًا للدولار الذى سجل مكاسب مقابل الجنيه بنسبة 30 فى المئة.

 

سك العملة 

سك العملة فى مصر مر بمراحل كثيرة ما بين الإصدار فى الداخل بداية من عصر محمد على، ثم الاعتماد فيما بعد على غيرها من الدول الأجنبية فى سك عملاتها مثل ألمانيا وإنجلترا والمجر والهند وجنوب أفريقيا وبلجيكا، ثم إنشاء دار لسك النقود المصرية فى الخمسينيات من القرن الماضى.

وفيما يلى نرصد التسلسل الزمنى لتاريخ تاريخ سك العملة فى مصر..

كانت الضربخانة المصرية «دار السك»، فى عهد محمد على باشا هى المكان الرئيسى لسك العملات المصرية، وكانت تتواجد فى قلعة الجبل، وقام بتجديدها عام 1812، أعطت فرنسا نفسها الحق فى إصدار عملات مصرية، مع نهاية عهد محمد سعيد باشا، بعد زيادة الديون على مصر، وأصبحت العملات خلال هذه الفترة تسك فى باريس إلى جانب العملات المسكوكة فى الضربخانة.

وفى 1883، خلال حكم الخديو توفيق تم إغلاق الضربخانة المصرية، وأصبحت مصر تسك عملاتها فى دول أجنبية.

اتجهت مصر إلى سك عملاتها فى الخارج، وكانت البداية فى برلين بألمانيا، وبروكسيل فى بلجيكا واستمرت لنحو 20 عاما.

بعدها انتقل سك العملات المصرية إلى دار هيتون منت فى برمنجهام بإنجلترا، وفى عام 1916، بعد إعلان الاحتلال البريطانى الحماية» على مصر وتحويلها إلى سلطنة، بدأ إصدار عملات مصرية تحمل اسم حاكم مصر السلطان حسين، وتنوعت أماكن سك هذه العملات بين دار هيتون منت ودار كينج نورتون فى إنجلترا، وبومباى فى الهند.

وفى 1923 سُكّت أولى العملات المصرية بعد التحول إلى الملكية باسم الملك فؤاد الأول فى دار السك الملكية البريطانية رويال منت، بجانب دار هيتون منت، وفى 1929 تم سك كمية من العملات فى بودابست بالمجر.

واستمر الملك فاروق فى سك عملاته فى إنجلترا والهند، وأضيف إليها إصدار وحيد تم سكه فى بريتوريا بجنوب أفريقيا عام 1944.

وفى عام 1950 قرر الملك فاروق إنشاء دار سك مصرية وخصص لها قطعة أرض كبيرة فى حى العباسية بالقاهرة، ولكن إنشاء الدار لم ينته إلا فى عام 1953 بعد الإطاحة به.

خرج أول إنتاج لدار سك العملات المصرية عام 1954، وكانت هذه العملات شهيرة باسم عملات أبو الهول، وظلت العملات المصرية تسك محليا لنحو نصف قرن.

وفى 2007، عادت مصر إلى الاستعانة بدور السك الأجنبية، عندما عهدت إلى دار السك الملكية البريطانية رويال منت بإنتاج جزء من العملات التى صدرت فى الفترة بين 2007-2010.

وكانت السلطات المصرية تعتزم إصدار عملة معدنية جديدة من فئة 5 جنيهات عام 2007، ولكن تم تأجيل إصدار العملة الجديدة لأسباب غير معلومة، وفقًا لخبير العملات مجدى حنفى فى موسوعته عن العملات المصرية.

ومنذ عام 2011 وحتى الآن، عاد سك العملات إلى مصلحة سك العملة المصرية مجددًا.

وفى سبتمبر 2022، وافق مجلس الوزراء المصرى بصورة مبدئية على مقترح إبرام اتفاق شراكة بين مصلحة الخزانة العامة وسك العملة المصرية، ودار السك الملكية البريطانية رويال منت، لإنشاء دار سك بريطانية مصرية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وكذا إصدار وسك عملة معدنية فئة الـ 2 جنيه لطرحها للتداول، لكن لم يحدث ذلك حتى الآن.

 

إنفوجراف

 

7٫43

جرام ذهب كانت قيمة الجنيه المصرى

 

3

ملايين إسترلينى قيمة قروض مصر لبريطانيا فى الحرب العالمية الأولى

 

1

ترتيب الجنيه المصرى بين 39 عملة بينها الدولار

الجنيه = 5 دولارات من بداية القرن الـ20 حتى 1939

 

4٫13

دولار قيمة الجنيه المصرى بعد الانضمام لصندوق النقد الدولى

 

50٪

نسبة انخفاض قيمة الجنيه مع سياسة الانفتاح فى السبعينيات

 

1٫5

جنيه تساوى دولار أمريكى مع بداية السبعينيات

 

4

جنيهات سعر الدولار مع تعويم 2002