رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

المعارك مع الناشرين لا توفر أحدًا ولو كان نبيل عبدالفتاح تغلب على جلسات الكتاب والمبدعين أحاديث عن واقع الثقافة والنشر المتردي، والتحولات التى طرأت على عمل دور النشر، بحيث أصبح الغالبية العظمى منهم يمارسون الخداع مع القارئ والكاتب نفسه! الجملة التى على لسان الناشر هى أن الكتاب نفد، أو أنه لم يبع نسخة واحدة، والنتيجة الوحيدة هى أن حقوق الكتاب ذهبت مع الريح!

صدق أو لا تصدق، أن نبيل - مدير سابق لمركز دراسات الأهرام وأحد ألمع خبرائه الآن - يدفع من حر ماله ليطبع كتابًا له على حسابه؟ دفع مبلغاً محترماً ليطبع مائة نسخة من كتابه الأخير «التدين والثورة الرقمية جدل الفعلى والرقمى»، كى يتجاوز مشكلات الناشرين، ويقدمها لأصدقائه على سبيل الإهداء، وتلك طريقته فى ممارسة الاحتجاج على واقع النشر! كان ذلك قبل أن تطلب دار نشر أخرى تكن له تقديراً مختلفًا نسخة المخطوط لتنشره فى طبعة جديدة، لا يزال النشر فى المنافذ التابعة لوزارة الثقافة هو الأفضل فى كل الظروف، فهناك نظام وأسلوب عمل وهناك بعض من يقدرون قيمة الكلمة والفكرة ويقدرون صاحبها.

على سبيل المثال الشاعر والكاتب جرجس شكرى مسئول النشر بهيئة قصور الثقافة «سابقاً» الذي قام قبل عامين بإعادة نشر ثلاثة كتب من أهم ما كتبه نبيل عبدالفتاح فى كتاب واحد، بمقدمة جديدة عصرية، وحمل الكتاب عنوان «تفكيك الوهم»، قام مؤخرًا بعمل عظيم وهو إعادة طبع مؤلفات طه حسين بمناسبة مرور نصف قرن على وفاته.

والحقيقة أن صاحب النص والرصاص، والمصحف والسيف، والإسلام والعولمة وتجديد الفكر الدينى، والنخبة والثورة والدولة، واليوتوبيا والجحيم، والمشرف على تقرير الحالة الدينية فى مصر منذ صدوره فى مصر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية، يعد واحدًا من أهم المفكرين فى عصرنا الحديث، ويتمتع بمكانة مرموقة فى الأوساط الثقافية العربية، من بيروت ودمشق وصولاً إلى تونس ومراكش، حينما جاء الإخوان المفسدون إلى السلطة، قلموا أظافر مركز الدراسات بالأهرام، وتم التخلص منه، وكان ذلك مقدمة لتجميد عمل مركز لطالما ناقش أخطر القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية «الطائفية» فى مصر.

ساهم بالتفكير والنقاش والكتابة عن العولمة وقت ظهورها، واستشرف ضرورة تجديد الفكر الدينى قبل زمان طويل، وانشغل بالجدل الهوياتى، ودخل فى سجالات مع كثير من نظرائه ومن رموز الفكر العربى فى عصرنا الحديث، ثم كان شاهداً على التحولات السريعة التى حدثت مع تنامى سلطة السوشيال ميديا، فى الوقت الراهن يقف نبيل عبدالفتاح شاهداً على ما أسماه عصر العاديين الرقمي، المقصود بهم الأشخاص العاديين الذين غيروا قواعد اللعبة وبرزوا بما يكتبونه من بوستات وتغريدات وفيديوهات «ومضة» كقوة لا سيطرة عليها، ويبدو وكأنه «السوسيولوجى» الوحيد المشغول الآن بتأثيرات هؤلاء «العاديين»، ونظرة واحدة على كتابه الأخير وهو سفر يتجاوز الأربعمائة صفحة، يكشف مدى الجهد الذى بذله فى متابعة اهتماماتهم وأفكارهم ومنشوراتهم وتجاوزاتهم التى لا رادع لها، واتساق تفسيراته - أو نبوءاته - إلى حد كبير، حول انحسار سلطة الكهنوت الدينى، وبتحول النظرة المجتمعية عن الجمال الكلاسيكى لصالح الأجساد الضخمة المنحوتة «الكيرفى».. إلخ.