رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عصف ذهني

لم تكن نورهان تتوقع أنها ستلقى مصرعها وسط زملائها فى مكتبها الاسبوع الماضى بست رصاصات غادرة من زميلها السابق فى العمل لمجرد أنها شهدت ضده فى مشاجرة مع مدير عام كلية الآثار.

ولم يكن يدرك من كانوا حولها من زملاء أن الجانى سيطلق رصاصاته بتلك السرعة والوحشية  فى التاسعة  صباح الإثنين الدامي،  من مسدس نارى دخل به الحرم الجامعى بهدوء وسكينة خلسة دون أن يراه الحرس، رغم وجود أجهزة للتفتيش وكاميرات للمراقبة منصوبة على الأبواب، وقبل هذا وذاك حشد من جنود الحرس يفتشون فى أوراق الطلاب، بينما كان الأحرى بهم الكشف عن رصاصات حية مرت أمام عيونهم  دون أن يتمكنوا من اكتشافها! علمًا بأنه كان ممنوعاً من الدخول.

حدث ما حدث؛ تحدث الرصاص فغرقت نورهان فى بركة  من الدماء، نقلت على أثرها إلى المستشفى لتتاكد وفاتها ومنها إلى مشرحة زينهم على ذمة الطب الشرعى تمهيدًا للتصريح بالدفن، بينما فر الجانى من مسرح الجريمة.

وقبل أن تجف دماء الضحية فى قبرها ألقى فى وجه الجميع علامات استفهام ما زالت حائمة داخل الحرم الجامعى تبحث عن إجابات شافية:

* أولها: كيف تمكن هذا المجرم من الدخول بمسدسه غير المرخص أمام رجال الحرس وسار به فى أمان حتى وصل إلى مسرح الجريمة بكليه الآثار ليخرجه بثقة ويفرغ رصاصاته فى جوف ضحيته؟

* الثانية: كيف تمكن الجانى من الإفلات بسيارته وسط كثافة طلابية، منطلقا بسرعة جنونية لافتة للنظر، ولم يتطوع أحد بملاحقته بسيارة لإيقافه أو اعتراضه أو عند بوابات الأمن أثناء خروجه؟

* الثالثة: لماذا لم تستجب أدارة الجامعة لطلب والدها  بنقل الدكتورة نورهان من الآثار قبل مصرعها بعد أن تردد عليها أكثر من مرة مهددًا بقتلها، خاصة أن تقارير عمله تؤكد خلافاته منذ نقله من كلية الآثار إلى الطب البيطرى ثم الزراعة فانتهاء بالتربية النوعية، والجميع يشهد بسوء سلوكه، فما مبرر البقاء عليه؟

* الرابعة: وربما تكون الأهم، أين الوعى الدينى والرقابة الإسرية والتوجيه الثقافى والإعلامى لتصويب مسار هذه الأفكار الإجرامية وإرساء قواعد الاختلاف أو الاحتكام إلى الحوار فى اى شجار بدلًا من استخدام لغة الرصاص؟

إن ما حدث من إراقة دماء فى جامعة القاهرة قبل أيام  يضيف أعباء كبيرة على كاهل المراكز البحثية والمؤسسات الاجتماعية والجنائية، وكذلك خبراء علم النفس الاجتماعى بضرورة البحث عن جذور هذه الجرائم والوصول إلى سبل علاجها، سواء كانت دوافعها عاطفية أو إخلاقية أو اختلافًا فى الرأى، خاصة وأنها ليست الأولى، وبالقطع لن تكون الأخيرة. نسأل الرحمة لنورهان البريئة، والقصاص الإلهى لقاتلها الذى أطلق النار على نفسه لحظة سقوطه فى يد الشرطة بمطروح.