رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

دق أجراس الكنائس فى ذكرى الانتصار

من ذاكرة التاريخ المصرى.. دور مؤثر لآباء الأقباط فى حرب أكتوبر

بوابة الوفد الإلكترونية

«مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا»، هكذا كان يردد مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، فى كثير من المحافل الدولية التى حرص خلالها مُعلم الأجيال على إثبات مدى وطنية الأقباط وترابطهم بهذا البلد وتناغمهم فى الحياة الاجتماعية باعتبارهم نسيجا واحدا لا يفترق.

ولم تكن الشعارات والكلمات الرنانة هى الدليل على محبة بطريرك الأقباط لهذا الوطن، بل كانت هناك مواقف حازمة ولقطات مؤثرة حفظها التاريخ للدور البارز الذى لعبه البابا شنودة فى المشهد السياسى المصرى على مدار عقود.

 

احتفال الكنائس فى ذكرى انتصارات أكتوبر

وعادة ما تدق الكنائس القبطية ظهر يوم 6 أكتوبر سنويًا أجراسها فى ربوع مصر احتفالًا بهذه الذكرى المجيدة التى تعيد إلى الأذهان لمحات تاريخية ومشاهد مؤثرة جسدها بابا الأقباط آنذاك، والذى عرف بقوة مواقفه وحبه الجم لوطنه ولم تقف الكنيسة مكتوفة الأيدى فى هذه الملحمة التاريخية، بل أثبت الأقباط أنهم جزء أصيل فى نسيج هذا البلد وشاركت أبناء الوطن متكاتفون فى العبور من هذه المحنة التى انتصرت فيها مصر بجهود وتلاحم شعبها.

 

مساهمات تاريخية للكنيسة المصرية

لعبت الكنيسة المصرية دورًا كبيرًا فى توفير المساعدات المالية من خلال جمع التبرعات بأوقات القداسات والاجتماعات، كما كلف البابا شنودة قبل إعلان الحرب نيافة الأنبا صموئيل، أسقف الخدمات، ليكون الجسر الذى ينقل خلاله هذه التبرعات إلى وزير الأوقاف وأخذت هذه الخطوة عنوانًا «من الكنائس القبطية إلى الجندى المصرى الباسل»، ووصلت مساعدات الكنيسة خلال الحرب حسبما ذكرت الكتب التاريخية نحو 100 ألف بطانية تم إرسالها لوزارة الشئون الاجتماعية، وما يقرب من 30 ألف جهاز طبى لنقل الدم تم إرساله لوزارة الصحة المصرية.

 

جهود الكنيسة فى دعم المجتمع بالحرب

وحين أعلنت الدولة نبأ اندلاع حرب أكتوبر 1973، عقد البابا اجتماعًا سريعًا بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية شارك فيه الآباء الكهنة فى القاهرة وهدف خلاله مناقشة الدور الرعوى والوطنى خلال أزمة الحرب كما أمر باقامة «صلاة من أجل مصر» تدق أجراسها فى كافة الكنائس القبطية بمختلف المحافظات، وأن يساهموا فى تقديم المساعدات اللازمة للأسر والمواطنين وعرض ما قدمته كل إيبارشية فى تقرير يومى يعرض على قداسة البابا لمتابعة الأمر عن قرب.

وأصدر البابا فور انتهاء هذا الاجتماع عدد من القرارات حول دور الكنيسة الوطنى، ووضعت محاور رئيسية تجب فى أولى اهتمامها بالدفاع المدنى وتدريب الشباب عليه، وجعل من كنيسة مارجرجس بالجيوشى التى تقبع فى منطقة شبرا، مركزًا للدفاع المدنى، وقامت الكنائس بتقديم العظات التى تهدف لتوعية الشعب وتدريبهم على التعامل مع الحرب.

 

الدور العالمى لقداسة البابا

وعمل البابا على تنظيم لجنة خارجية للإعلام تهدف للمخاطبة العالمية وذلك فى محاولة منه لدعم الموقف المصرى العالمى، كما حرص على زيارة المصابين فى المستشفيات العسكرية بصورة دورية عدة مرات ويسجل التاريخ أنه ظل يحافظ على دورية الزيارة وتفقد المصابين بمحافظات مصر لسنوات.

وكانت الكنائس حينها بمثابة البيت الأمن الذى يحتضن حاجة المواطنين فى الحرب، وخصصت أدوارها السفلية من أجل استضافة المصابين وقت الغارات، وفرت كافة الاحتياجات اللازمة المتوفرة لديها بالإسعافات الأولية، وظل البابا يكتب خلال الحرب عدة مقالات حماسية ووطنية يحث فيها الجنود بالصمود أمام العدو، وكان يزور الجبهة عدة مرات لتشجيعهم عن قرب وليطمئنهم عن ما يقومون به من دور جليل.

 

احتفال الكنيسة بذكرى الانتصار الأولى

وبعد الانتصار فى حرب أكتوبر خلال الاحتفال بالذكرى الأولى أقام البابا مؤتمرًا شعبيًا حضره أبناء الشعب المصرى مسلمين ومسيحيين، بالكنيسة القبطية فى العباسية وأعلن فيها قرار دق أجراس الكنائس بالذكرى السنوية الساعة الثانية ظهرًا فى مختلف الإيبارشيات المصرية، بل أوصى بإقامة قداسات إلهية على جميع شهداء الوطن.

 

البابا فى الجبهة لدعم الجنود

وحينها تم تداول صور لقداسة البابا شنودة الثالث وهو على الجبهة خلال تفقده لأحوال الجنود، بل انتشر حينها خطاباته وتوصياته للوقوف مع الوطن وصلاته من أجل هذا البلد وشعبها والمرور من نفق العتمة إلى نور الانتصار.

ظل البابا يتردد على المستشفيات العسكرية والمدنية، واشتهرت زيارته إلى محافظة السويس يوم الأحد الموافق 24 مارس 1974م، والتى شهدت إقامة القداس الإلهى بكنيسة العذراء وعقبها زيارة الجنود ولقاء القادة المشاركين فى المعركة وزار أسر الشهداء المسلمين والمسيحيين ولم يترك منزلًا حزينًا على فقيده دون مواساته.

 

مساعدات أقباط المهجر فى الأزمة

ويُدون التاريخ الموقف الذى لعبه البابا فى حث وتشجيع الأقباط بالمهجر للمشاركة فى معاونة وطنهم الأم، بل ظل يطالبهم بإرسال المساعدات والأدوية والمعاونات وتوزيعهم على المستشفيات.

* دور الرهبان فى الحرب

كان هناك دور كبير للرهبان والراهبات الأقباط خلال حرب أكتوير، فقد برز دور راهبات «قلب يسوع» بالمستشفيات والعمل الميدانى والتمريض وشهدت مرحلة فريدة اجتمع فيها الأقباط بمختلف الطوائف المسيحية الموجودة فى مصر آنذاك للمشاركة فى هذه المرحلة ومساعدة الوطن فى العبور من مرحلة دقيقة تلاحم فيها أبناء هذا البلد من أجل ترابط وحماية ترابها من الاعتداء، ومن أجل استرداد أراضيها، فى صورة عكست مدى عزم وقوة هذا الشعب وتلاحم أطيافه الذى أعطى للعالم درسًا فى حب الوطن.