عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قلم صدق

قابلت من المواقف ما تسر به الأنفس، وأخرى تعافها كذلك الأنفس، إلا أننى لم أجد مثل هذه الشخصية، فقد أحدثت عندى حراكًا داخليًا وأريحية، نظير إصرارها على أن تقف بجانبى حتى تطمئن على، وأنا مجهول الهوية لها، بعد أن نزل من سيارته ورآنى وقد تعطلت بى سيارتى فى مكان معتم، لم أرَ فيه السيارات المارة من سرعتها، إلا شبحًا يختفى فى نفس لحظة ظهوره، فهو شاب ابن الثلاثين حاكانى بأنه توه عائد من عمله.. وأنه بسبيله لزوجته وابنه، وعائد من عمله وهو المجهد بعد عناء يومه الطويل، إلا أنه أبى الانصراف، طالما ألححت عليه ذلك.. بعد أن انقطعت بى وبه كل السبل، لكى تدور سيارتى، فقد فَقَدَ صبرى مداه، وكانت قد اجتازت الساعة تمامها، وأقبلت على بداية يومها.. إنها الواحدة.. ومر أكثر من الساعة والنصف بإصرار ومثابرة ألا يتركنى وحيدًا، وهو الذى بذل كامل طاقته وبالغ خيريته، فلم يتبق من الخير ما يفعله، وكان مصرًا على ألا يتركنى إلا أمام شقتى، مقترحًا على، بل متخذًا قرارًا بترك سيارته فى هذا الغمام الأسود، غير عابئ بسرقة سيارته أو أذيتها، وأنا أقول فى نفسي: لماذا كل هذا الإصرار.. ألمقابل ينتظره منى عند نهاية زنقتى، فلم أقتنع لسؤالى وهو صاحب السيارة الفارهة.. أم لعلمه بكينونة مهنتى، وتجيب نفسى بمجرد عرض السؤال عليها: لكن مازالت هويتى فى الصندوق الأسود الخاص بها.. إذن لماذا.. ماذا دهاك لهذا؟

كانت الساعة قد اقتربت من الثانية صباحًا، وقد أذنت سيارتى لى وحقت بعد طول عناء، ومحاولات شقاء، ودارت عجلاتها مشفقة عليّ «قيراطًا»، وعلى (جندى الله) الذى بعثه لى ربى أربعة وعشرين قيراطًا، لم تنتهِ قصتى معه بركوبى سيارتى بعد، فما زال (الشهم المصري) على إصراره، وأخذ يراقبنى بسيارته، وأنا أسير من أمامه، وهو من خلفى، حتى أتمت مأموريتها بسلام! وها أنا أتنفس الصعداء، لم أصدق أننى أمام باب عمارتى، وإذا به مترجلًا صاحب (الشهامة المصرية)، مطمئنًا على.. لم أجد نفسى إلا متمسكًا بتلابيبه عارضًا ضيافته، وهو مصرٌ على انصرافه، ولم أملك نفسى إلا وأنا مخرجٌ مبلغًا من المال، وهو الذى من هيئته وسيارته كنت فى قمة خجلى.. وبابتسامة تكسو وجهه أجابنى قائلًا: وهل هذا الخير يقدر بمال.. أم تريد ضياعه علي؟

حفظ الله مصر ورفع قدرها.