عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طاقة نور وأمل من شمال الصعيد، تحديداً من قرية بلفيا إحدى القرى التابعة لمركز بنى سويف فى محافظة بنى سويف، يحملها وقائم عليها أخى وصديقى العزيز يوسف شعبان الجميل، الصعيدى الجميل؛ جاء إلى قاهرة المعز قبل ٢٥ عاماً دارساً لعلوم السياسة والإدارة العامة وإدارة الأعمال، لكن لم تفارقه قريته، حملها فى داخله، ولم ينقطع عنها يوماً. قاهرى الإقامة، صعيدى الأصل والهوية، فلاح العادات، صلب صلد لكنه فى الوقت نفسه هين لين لا يتأخر عن خدمة أو يتوانى عن مساعدة. لا يكل ولا يمل من تكرار القول المأثور: كن نافعاً ولو بالنية، فإن الله إذا رأى فيك خيراً يسرك للخير. وكما عهدته منذ أكثر من 15 عاماً هى عمر صداقتنا كان فيها نعم الأخ ونعم الصديق ولا يزال، يسعى للخير فى كل أشكاله لكن ارتباطه بجذوره كان أقوى من كل أضواء المدينة؛ قدم لقريته الخير، وأطلق مبادرة «ومن أحياها» مع مطلع عام 2020، وحسناً كان اختيار الاسم، فى رد جميل بسيط منه لمسقط رأسه واعترافاً منه بفضل القرية عليه، المبادرة هى نموذج بارز للتكافل الاجتماعى، نبتة طيبة من أرض طيبة، فى ظروف صعبة وأوضاع ضاغطة، للخير وفى الخير بدأت وانطلقت «ومن أحياها». المبادرة وقبل تدشينها رسمياً كان لها دور كبير فى مواجهة وباء كورونا، دعمت الأجهزة الصحية الحكومية فى محافظة بنى سويف فى معركتها مع الوباء ومحاولة التقليل من آثاره. ليس هذا فقط، المبادرة تقدم عديد الأنشطة ـــ رغم محدودية الإمكانات لكن العطاء كبير ــ مع اقتراب العام الدراسى عملت على توزيع أدوات ومواد مدرسية وتعليمية لغير القادرين من الأسر والفئات الأكثر احتياجاً، المبادرة لها نشاط مميز أيضاً فى توزيع المواد الغذائية الجافة، والأدوية والمساعدات الطبية.

تقول الآية الكريمة من سورة المائدة، «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا». وفى عديد التفاسير التى تناولت الآية الكريمة تشير إلى أن قوله: «مَنْ أَحْيَاهَا» أي: أنقذها من الموت، استقرت جميع التفاسير وأكدت أهمية قيمة الإحياء، غير أننى أرى قيمة الإحياء تتجاوز فكرة الحياة والموت إلى منطق أعم وأشمل؛ فكل عمل خير، وكل فعل يصدر بهدف إسعاد الآخرين ومساعدتهم دون انتظار أى رد أو مكسب مادى أو كلمات شكر هو حياة، وكل عمل يتم، حتى لو كان بسيطاً، بهدف إيثار الغير على النفس والسعى طواعية إلى تقديم العون للآخرين والدعم للمجتمع دون انتظار مقابل هو حياة. إذن ليست الحياة فى الإحياء فقط، الأهم أن نغرس فى نفوس من حولنا قيمة الحياة. فالمساعدة على طلب العلم حياة، مساعدة المرضى حياة، فكرة المساعدة بشكل عام والإحساس بالآخرين حياة.

بمثل هذه المبادرات تتجاوز الأوطان المحن وتُعبَر الأزمات، لذلك كل مبادرات الخير كبيرة كانت أو صغيرة، على المستوى العام، أو على مستوى المجتمعات والدوائر المحلية هى حياة، وضرورة تزداد أهميتها والحاجة الملحة لها مع تزايد ضغوط التضخم ووطأة الظروف الاقتصادية، هذه المبادرة وغيرها تعضد من جهود المجتمع الأهلى والجهود الحكومية فى تحسين جودة الحياة وتعظيم الأثر الاجتماعى فى بناء وطن مستقر، ومتوازن ويتمتع بالسلم المجتمعى. وتجسد فلسفة الدولة الجديدة فى ملف الحماية الاجتماعية القائمة على الشراكة وتوحيد الجهود بين المجتمع الأهلى ومبادراته والجهود الحكومية. مثل هكذا مبادرات تعود بالنفع المباشر على الفئات الأكثر احتياجاً، وتدعم جهود الدولة فى ملف الحماية الاجتماعية، أتمنى أن تكون هناك عشرات، بل مئات المبادرات على شاكلة «ومن أحياها».