رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لم يتبق من عظمة الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس إلا بريق التقاليد الملكية وإرث الألقاب الفخيمة مثل «سير» أو فارس، أهم وأرفع الألقاب غير الملكية التى يمنحها جلالته إلى نخبة محدودة من الذين قدموا خدمات جليلة كان لها تأثير عظيم للبشرية، وتضم هذه القائمة الصغيرة ثلاثة مصريين فقط تمكنوا من فرض احترامهم على أولئك المتغطرسين أبرزهم القديس مجدى يعقوب أمير القلوب ثم النابغة نعمت شفيق نائب محافظ بنك انجلترا و الأنبا أنجليوس الذى أثرى الحريات الدينية، وأظن وليس كل الظن إثمًا أن رابعهم سوف يكون فخر مصر والعرب وافريقيا مو صلاح، ذلك الفلاح الفصيح الذى أجبرت عقليته الفريدة قبل موهبته الفذة فى خطف قلوب الإنجليز وتحول فى ليلة وضحاها إلى أيقونة عالمية عابرة للعرق والدين ترسم ملامحها الباسمة على جدران تايم سكوير. 

فهو بحق ظاهرة نادرة، كاريزمته العفوية تجذب الباب للشيوخ و تداعب أحلام مخيلة الأطفال، فقصته الفريدة ألهمت المهمشين بأن العمل الدؤوب والعزيمة الصلبة كفيلان برفعك إلى عنان المجد، أسطورة هذا المكافح تخطت مسيرته المذهلة كلاعب كرة محترف فى أعلى مستوى تنافسى على الإطلاق وتحطيمه لكل الأرقام القياسية وحصوله على كافة البطولات والجوائز الفردية لتأخذ منعرجًا جديدًا يبرز مدى تأثيره الإنسانى العظيم على قضايا معقدة مثل الإسلاموفوبيا ونجاحه الباهر فى تغيير نظرة العوام تجاه قضية اندماج المهاجرين فى المجتمعات الغريبة.

وموخراً نثر سحره الخاص عندما حبس العالم أنفاسه وهو يتابع تغطية يومية للإعلام العالمى حول تفاصيل عرض فريق اتحاد جدة الخرافى والذى وصل إلى 251 مليون دولار، ليكون أغلى لاعب فى التاريخ ، والذى مازال يحتفظ به البرازيلى نيمار بقيمة 249 مليون دولار. بخلاف عقده الشخصى المذهل الذى بمقتضاه سيحصل على راتب أسبوعى 2.45 مليون جنيه إسترلينى، يعنى حوالى 8 أضعاف راتبه الحالى، بالإضافة إلى امتيازات من ألف ليلة وليلة، كل ذلك الجنون وهو فى سن الـ31 سنة، وبالرغم من كل هذه الإغراءات الخزعبلية التى يسيل لها لعاب القاصى والدانى، لم يترك ابن نجريج ليفربول يسير وحيدًا فى حين خانه من قبل أسماء رنانة مثل مايكل اوين، شابى الونسو، خافيير ماسكيرانو، سواريز وأخيرًا القائد هندرسون.

كم الضغوط الرهيبة التى مورست عليه لم تجعله يسقط فى غواية المال واتخذ قراراً تاريخيًا بكل معنى الكلمة بدون مبالغة وهو استكمال حلمه فى أن يكون أفضل لاعب فى العالم، وفكرة الرفض ليست لها علاقة بطموح الدورى السعودى المشروع الذى يريد أن يصبح من ضمن الكبار وهو ما يراه القائمون عليه باقتناء الجوهرة الفرعونية سيضمن لهم متابعة  أكثر من 100 مليون مصرى، ولما لا فقد توجوه سفيرًا للسعادة،  عاجلا أو آجلا سيرحل عن انفيلد لأنها سنة الحياة، ولكن الذكاء فى اختيار الوقت والطريقة المناسبة للخروج من الباب الكبير حتى يخلد كأسطورة لليفربول والبريميرليج بعدما ضرب مثالًا لقيم أضحت فى نظر البعض بالية مثل الوفاء والانتماء فى زمن طغى عليه توحش المادة، وهو ما لن ينساه له الجميع وسيظل هذا الموقف الغريب والنبيل مثيرًا للإعجاب ومحفورًا فى ذاكرة التاريخ. 

أعتقد ان صلاح بما فعله ليس أهم لاعب فى تاريخ الكرة العربية بل هو أفضل مواطن عربى قدم صورة مبهرة وموثرة تمكنت من تغيير الصورة النمطية المقيتة، فهو يدرك أنه أصبح رمزًا لأجيال ترى فيه أحلامهم المؤجلة.

صلاح يسير على خطى محمد على كلاى، الذى برهن على أن الأبطال لا يصنعون فى صالات التدريب فقط، ولكن يصنعون من أشياء عميقة فى داخلهم، هى الحلم الذى يتحول إلى رؤية تحققه إرادة من فولاذ.