عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عادت المفاوضات مرة أخرى بين كل من مصر وإثيوبيا عبر جولة جديدة فى القاهرة، بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا، وهو أمر إيجابى فى حد ذاته؛ لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة للتوصل لحل توافقى يراعى مصالح الدول الثلاث، ويحفظ حقوق مصر المائية، خاصة فى ظل استمرار الخلاف حول الإشكالية الرئيسية المتمثلة فى أنه لا يوجد حتى الآن إطار واتفاق قانونى حاكم وناظم ومتفق عليه لنهر النيل كما هو الحال فى عديد من أحواض الأنهار الدولية داخل القارة الأفريقية وخارجها، وفى المقابل توجد مجموعة من الاتفاقيات التى وقعت منذ البروتوكول المبرم بين كل من بريطانيا وإيطاليا عام 1891، والذى تعهدت فيه الحكومة الإيطالية بعدم إقامة أية مشروعات على نهر عطبرة (أحد روافد نهر النيل) من شأنها أن تؤثر على إيراد نهر النيل، وحتى عام 1959، وكذلك اتفاق عام 1993 بين مصر وإثيوبيا، والذى نصت المادة الخامسة منه على أن: «يمتنع كل طرف من أن يقوم بأى نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضررا كبيرا لمصالح الطرف الآخر»، وانتهاء بإعلان المبادئ عام 2015، وهى الاتفاقيات التى تستند إليها كل من مصر والسودان، فى حين ترفضها دول المنابع بقيادة إثيوبيا وتتنصل منها تماماً. 

استمرار ملء وتشغيل السد فى غياب اتفاق قانونى متوافق عليه من الدول الثلاث، يُعد خرقاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015. وهو استمرار للمسلك الإثيوبى المتبع لسياسة الأمر الواقع عبر اتخاذ قرارات وخطوات أحادية تخالف الاتفاقيات الموقعة والأعراف الدولية، وإعلان مبادئ 2015، والإعلان الرئاسى لمجلس الأمن فى سبتمبر 2021.

لذلك فالجانب الإثيوبى مطالب بإبداء حسن النوايا، ومزيد من المرونة فى التفاوض، بهدف المضى قدما بما يحافظ على مصالح الطرفين، خاصة بعد التصريح الإثيوبى السابق لبدء جولة المفاوضات الأخيرة من أن إثيوبيا تعمل على التوصل لـ «نتيجة ودية» فى مفاوضات سد النهضة، وهو أمر غير مقبول، علاج القضية يستلزم التوصل لاتفاق قانونى مفصل فى ضوء أحكام القانون الدولى الخاصة بالأنهار الدولية، فيما يتعلق بكيفية إدارة النهر، والحصص المائية لكل طرف.

إذا كان الطرف الإثيوبى يرفع شعار «لا تراجع عن حقوقنا»، فالحقوق المائية المصرية هى حقوق راسخة؛ تستند إلى قواعد ومبادئ وأعراف القانون الدولى، ولا يجوز بأى حال من الأحوال لأى دولة من الدول المشاركة فى مجرى نهر النيل سواء كانت دولة منبع أو مصب، أن تتجه منفردة إلى القيام بأى عمل أو تصرف من شأنه التأثير على الحقوق والمصالح المكتسبة لدول الحوض الأخرى خاصة دولتى المصب، كما أن عدم وجود إطار قانونى، أو اتفاق جامع لا يعنى أن سيادة الدولة على الجزء من النهر الذى يمر بإقليمها مطلقة، إذ لا يجوز التعسف فى استعمال الحق، وهناك مسئولية على جميع الدول منابع ومصب بعدم إحداث ضرر من شأنه التأثير سلبياً ومباشرةً على الاحتياجات المائية لمصر من مياه النيل. وهو ما تؤكد عليه الاتفاقيات الموقعة من جانب، وأحكام وقواعد القانون الدولى من جانب آخر.

وكدأب إثيوبيا فى مفاوضاتها معنا ومع الغير، فالدولة المصرية ومنذ الإرهاصات الأولى للأزمة ترفع شعار «المنافع والتنمية للجميع». لذلك؛ فالتعاون بين كلتا الدولتين مطلوب، والجدية فى التفاوض وحسن النوايا مطلوب أيضا. خاصة وأن كلتا الدولتين جمعهما منذ أيام الانضمام والحصول على عضوية كاملة فى أحد التحالفات والتجمعات المهمة، وهو تجمع البريكس، ومن ثم يجب حلحلة المواقف المتعسفة فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، حتى لا تؤثر على المصالح وأوجه التعاون المنتظرة من عضوية البريكس.