رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

امرأة منياوية تقتل 29 جنديًا إنجليزيًا.. تعرف على القصة

المرأة المنياوية
المرأة المنياوية

أنت من بلد زينب، نعم كلمة تقال لأهل وشعب المنيا بغرض السخرية، وقبل أن نسرد قصة (المنيا بلد زينب) لا بد أن نقدم نبذة عن المرأة المنياوية كرسالة قوية لمن يسخر ويتغامز بجهالة على نساء المنيا.

نساء المنيا يا من تسخر، صامدة وراسخة كالجبال، تحملت شقاء الحياة، تمسكت بالعادات والتقاليد، فهي دائمًا في ميادين العمل السياسي والاجتماعي،  تصدت للعدوان الإنجليزي في ديرمواس جنوب المنيا، وحملت هَمَّ قضية المرأة المصرية، ناضلت وكافحت، وكان منهن أول من نادت بحرية المرأة ومساواتها هدى شعراوي، وفي العصر القديم كانت نفرتيتي والتي اعتلت عرش مصر، وتزوج الرسول ( محمد ) من مارية القبطية من المنيا، ألا يكفي هذا فخرا وشرفا وحسبا ونسبا.

 

وفي الفتح الإسلامي جاهدت المرأة  كمجندات على أرض البهنسا ببني مزار شمال المنيا، حتى أكتشف أمرهن وتم قتلهن جميعا، وما زالت مزارا حتى الآن يعرف بالــ( سبع بنات )، إنهن نساء المنيا، ترى في وجوههن جمال الطبيعة، وقوة وصلابة الأرض الطيبة، تحمل المشقة والعناء، تسمع منها كلمات بلا صوت ، فإذا حالفك الحظ لزيارة المنيا وتوغلت في القرى والنجوع، ستشاهد بعينيك قصص كفاح لسيدات عظيمات، مات الزوج، وتقمصت المرأة دور الرجل، كافحت وعاندت الظروف الصعبة ، وصدرت للمجتمع أسرة سوية، وأبناء ساهموا في دعم مؤسسات الدولة.

 

فالمرأة المنياوية هي المرأة التي تتصف بالحياء، والخجل، والتمسك بالعادات والتقاليد، قليلة الاختلاط بالرجال، المنغلقة، التي تعمل بالزراعة، وتساعد زوجها، وتعود لمنزلها لتراعي أبناءها بجانب شئون المنزل، وتربية الدواجن والحيوانات، وتصنع الخبز، نساء المنيا هُن الشرف والعِرْض، نساء المنيا هُن أصلها وحضارتها وسبب بقائها ، إن المرأة  المنياوية والصعيدية أو في ريف مصر نَدينُ لها جميعًا أننا نحيا فى آمان، هى التى قامت بتربية وتنشئة العظماء، وخير أجناد الأرض والشهداء، ففي المنيا  لا فرق بين سيدة أمية ، تذهب برفقة زوجها للحقل تعمل معه كتفا بكتف،  وبين سيدة متعلمة تتبوأ أعلى المناصب القيادية، وتسطر نجاحات كبيرة.

 

المرأة المنياوية، نجحت في تربية أولادها على القيم الأصيلة التي اندثر بعضها، وتلاشى في زحام المدن، فضلاً عن رزانة عقلها واحتوائها لزوجها، والمرور بمنزلها لبر الأمان، صبورة تتحمل، وذكية تحل مشاكلها، وتحتوي غيرها، علموهن أن الصعيد، والريف سيظل مصنع الرجال طالما فيه هؤلاء السيدات الفضليات.

 

المرأة المنياوية يا سادة، صبورة إلى أقصى درجة، كتومة تحفظ سر بيتها عن أقرب الناس إليها، تتميز بالجلد وقت المحن، وذكاء فطري وسرعة بديهة، ولديها قدرة عجيبة على التأقلم للعيش في أي بيئة، وتحت أي ظرف دون أن تتأفف، راعية واجب، حنونة ودودة صاحبة وجه بشوش حتى وإن كان بداخلها هموم العالم.

 

إنهم لا يعرفون نساء المنيا والريف وأصالتهن، وعمق انتمائهن لهذا الوطن، لا يدركون حجم التضحيات، ولا يعرفون أنهن صانعات للبناء ، المرأة المنياوية  لا تعرف الخيانة، أو الغدر، وتُقدم أولادها وأسرتها جميعًا فداءً للوطن، ويشهد على ذلك مقاومة النساء بديرمواس ضد الإحتلال الإنجليزي، لكن إياك وعرضها وشرفها، أو الاقتراب من عاداتها وقيمها وتقاليدها، إياك أن تحاول المساس بهن، هنا يصحو المارد الصعيدي بداخلها، ويتحول إلى وحش كاسر دفاعًا عن أغلى ما يملك.

 

فالمرأة المنياوية، استطاعت أن تقفز فوق تلال العراقيل، وتحلق بأحلامها في سماء الوطن، تذهل العالم بقدراتها الفائقة في شتى مناحي الحياة، فكانت منها المناضلة ، والمعلمة، والنائبة ، ووكيلة الوزارة، وصانعة أجيال، كانت مصابيح للعالم أجمع، ولما لا فهي والدة عميد الأدب العربي طه حسين، والموسيقار عمار الشريعي، إنها المرأة الصعيدية، حقًّا هى إمرأة حديدية، نساء المنيا، هُنَّ الشريفاتُ حسبًا، والجميلاتُ نسبًا، والطيباتُ عِرقًا، وأصلاً، هُنَّ الفلاحات الطيبات، والعاملات الكادحات، والمُربيات الصابرات، والأمهات الفضليات.

 

ونعود لقصة المرأة المنياوية، فــ (زينب )، فهي امرأة فلاحة صعيدية من محافظة المنيا، متزوجة من رجل فلاح ومزارع، وكانت تقع قطعة أرض مملوكة لهم  بجوار سكة قطارات السكك الحديدية، فكانت زينب شأنها شأن الكثيرات من نساء الريف بالمنيا،  تزرع، وتحصد، وتجني ما زرعت طوال العام، و تدور الأحداث فى فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، ويمر القطار ويقف فى محطة قطار المنيا، وقتها رأها أحد  جنود الإنجليز فحاول التحرش بالمرأة المنياوية الصعيدية، والتي لا تجيد فن القتال، ولا تملك سلاحا، لكن تملك شرف وإيمان وعزيمة رجال.

لتهرب المرأة  المنياوية ويتبعها الجندي الإنجليزي فتصرخ  زينب، ليتدخل الزوج  مدافعا عن شرف زوجته؛ فيقتل الجندي الإنجليزي زوجها أمام عينها، لترتوي أرض الزرع بدماء زوجها الطاهرة، لتقوم فلا المرأة المنياوية إلا أن تبيع ما تملك، وتقسم بأن تدفن بجوار قبر زوجها عشرة من جنود الاحتلال.

وفي صبر وجلد، تنتظر زينب القطار كل يوم، وما أن يقف حتى تسحب أحد جنود الإنجليز، وتغويهم ثم تقتله وتدفن الجندي بجوار زوجها، حتى تمكنت بحسب الروايات من قتل ٢٩ جنديا  إنجليزيا، ودفنت بكل قوة وجبروت بجوار قبر زوجها، ومع اختفاء الجنود والبحث، تم  كشف أمر المرأة  المنياوية، ليتم القبض عليها وتواجه الاحتلال وتعترف بأنها قتلت ٢٩ جنديا، فما كان من الاحتلال الإ أن امروا  بقتل زينب الصعيدية، وبتر أطرافها وهى على قيد الحياة قبل قتلها كعقاب لها.

ومحاولة تشويه صورة تلك المرأة  المنياوية الشريفة المناضلة، حتى لا تكون ملهمة لغيرها، لدرجة ان الاحتلال الانجليزي أمر بعدم وقوف القطار، فى محافظة المنيا، تخوفا من أن تخرج زينب أخرى، فتقتل ألف محتل للدفاع عن أرضها وزوجها، لذلك المنيا تتخذ يوم ١٨ مارس عيد قومي، لأن أهل وشعب المنيا غضبوا واقتلعوا قضبان السكة الحديد، وقتل جنود الاحتلال الإنجليزي فى ذلك اليوم، ماتت زينب ودفنت معها قصة امرأة، مقاومة وبطلة شريفة.

 وهذا ما ذكرته هدى شعراوي، ابنة محافظة المنيا فى كتابتها، ليكون هذا أقسى رد على من يسخر بجهالة  ويقول ( أنت من بلد زينب ) نعم رد عليه وقل أنا من بلد زينب والفخر لي ولها وللوطن.