رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الانقلاب فى النيجر أو محاولة الاستيلاء على السلطة التاسعة فى غرب ووسط إفريقيا منذ عام 2020. قد يبدو هذا للوهلة الأولى بمثابة تخندق، وإعادة الدول الإفريقية إلى الحكم العسكرى والثقافات الديمقراطية الضعيفة، مع اندفاعة من الأذى الروسى لإكمال صورة المنطقة الهشة تحت نزوة الرجال الأقوياء المحليين والتدخلات. أما الواقع فهو أكثر تعقيداً بكثير، وربما يحمل قدراً من الأمل على نحو غريب.

إن هذا المنظور الذى ينظر إلى إفريقيا باعتبارها مجرد حلقة ضعيفة فى سلسلة الأمن العالمية قد بالغ فى التأكيد على الإرهاب الإسلامى فى منطقة الساحل باعتباره عاملاً تاريخياً، مساهماً. أثار وجود الجماعات الجهادية فى المنطقة رد فعل عسكرياً ضيقاً من القوى الغربية التى نشرت قوات فى النيجر وغرب إفريقيا الكبرى. لكن هذا لا يوفر حلاً أو فهماً لحقيقة أن النشاط الإرهابى المتزايد، مثل الانقلابات نفسها، هو أحد أعراض الاتجاهات الديموغرافية والاقتصادية فى جميع أنحاء المنطقة وليس محركاً أساسياً لعدم الاستقرار الديمقراطى.

ما يقودنا إلى الأسباب المتنوعة وراء هذه الانقلابات. ورغم أنها مثيرة للقلق بالنسبة للمصالح الأجنبية، إلا أنها فى معظمها محلية للغاية. إن الدول الضعيفة، والقوى العسكرية وشبه العسكرية القوية، وأزمة المناخ التى عطلت سبل العيش، والتضخم الديموغرافى الذى أدى إلى ظهور أعداد كبيرة من الشباب ذوى الآفاق الاقتصادية الضعيفة، كلها تتضافر لتمكين الحكومة من الاستيلاء على السلطة وزرع اليأس والشعور بالإحباط على نطاق واسع. فقدان القدرة التى يمكن أن يستغلها الرجال الأقوياء الشباب ذوو الكاريزما.

ومن السهل أن نلخص هذه الأسباب فى استنتاج حتمى مفاده أن أجزاء من إفريقيا التى تشترك فى هذه الأنماط محكوم عليها ببساطة بدورات من العنف. لكن هذه المشاكل البنيوية غالباً ما توجد جنباً إلى جنب مع الجهود المحلية لبناء وتعزيز الديمقراطية التى تصمد، على الرغم من التحديات.

وفى الوقت الحالى، فإن المجال الجوى لليبيا فى شمال إفريقيا، والنيجر فى الغرب، والسودان فى الشرق مغلق أمام الرحلات الجوية التجارية، ما يخلق مثلثاً يجب أن تربطه حركة البضائع والركاب. على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، اضطرت الحركة الجوية إلى إفريقيا من أوروبا إلى إعادة معايرة مسارات الطيران مرتين، حيث أصبحت البلدان غير آمنة للطيران. إن المخاطر كبيرة، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالأمن، بل أيضاً بالاستقرار الاقتصادى. وكانت نتيجة هذه المخاطر التى تشمل القارة بالكامل أن انقلاب النيجر اجتذب استجابة غير مسبوقة من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وهددت المنظمة بعمل عسكرى إذا لم يتم التراجع عن الانقلاب. 

فى الواقع فإن موسكو وواشنطن وباريس ولندن ليس لديها ما تقدمه للدول الإفريقية وإن مخاوفها بشأن الديمقراطية تبدو واضحة. إنها جوفاء لأنهم لا يفعلون سوى القليل من أجل تحقيق مصالح ضيقة فى المنطقة.

إن «الحقيقة التى لا مفر منها»، أن الأفارقة سوف يصنعون أو يحطمون المشهد الجيوسياسى لقارتهم فى نهاية المطاف- والمتطفلون الأجانب، مهما بدت عضلاتهم قوية، محكوم عليهم فى نهاية المطاف بأن يلعبوا دوراً ثانوياً. وسط تأثيرات الحرب الباردة التى لا معنى لها، والحسابات العسكرية الغربية حول عدوى الجهاديين والقلق بشأن فقدان النفوذ من جانب القوى الاستعمارية السابقة، فإن الانقلاب فى النيجر وتلك التى سبقته قد يرسم فى الواقع طريقاً لمستقبل يصبح فيه من الواضح أخيراً أن استقرار إفريقيا لن يتم صياغته فى البنتاجون أو فى لجان التحليل الساخنة التى تبثها القنوات الإخبارية، بل بشروطها الخاصة ومن خلال آلياتها الخاصة، بمجرد أن تواجه أسوأ مخاوفها وتختار الحفاظ على ذاتها.