رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يعانى منها مرضى القلب والفشل الكلوى والسرطان والكبد:

نقص الأدوية... الموت البطىء

بوابة الوفد الإلكترونية

أزمات متواصلة تلاحق سوق الدواء، أهمها نقص المواد الخام التى تدخل فى صناعة بعض أنواع الأدوية خاصة أدوية القلب وغيرها من الأمراض المزمنة، وهو ما لحق أيضاً بدواء التروكسين، الخاص بالغدة الدرقية، حيث إن معظم أدوية الأمراض المزمنة تكون مستوردة من الخارج وأدى ارتفاع سعر الدولار إلى اختفائها من الأسواق وهو ما انعكس على حالة المرضى الذين يواجهون الموت البطىء فى كل لحظة.

مأساه حقيقية يعيشها عدد كبير من المرضى الذين ارتبطت حياتهم بالأدوية التى وصفها الأطباء لهم، إلا أنهم وجدوا أنفسهم فجأة فى مأزق بسبب نقصها وراحوا يبحثون عنها فى الصيدليات بلا جدوى، ومنهم من لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعى حيث تكونت مجموعات للمساعدة فى البحث عن هذه النواقص، وكانت الشكوى عامة من نقص دواء التروكسين لعلاج الغدة الدرقية، من هؤلاء ميرنا وجيه التى سجلت شكواها على جروب خاص بمرضى الغدة، وقالت إنها تبحث عن عنوان صيدلية لديها هذا الدواء الناقص وكأنها تبحث عن مواد مخدرة وأضافت: «أنا المفروض آخد جرعة ١٥٠ التروكسين أو أوثيروكس، لكن مش لاقية لا ١٠٠ ولا ٥٠ ولا أى حاجة كأنه اختفى، مضيفة: تحاليلى وحشة جداً وتعبانة والدكتور قال لى غلط أوقف كل المدة دى ولازم أخد الجرعة لأنى موقفة بقالى شهر، وتساءلت: حد يعرف أى صيدلية يكون فيها الدواء؟ بس يكون أكيد عشان مروحش على الفاضى».

وأوضحت منى سعيد أنها تعانى من خلل فى الغدة الدرقية منذ عام 2016 وأن معاناتها تزداد بسبب البحث عن الدواء وتابعت: المفروض آخد نيومركزول وطبعاً كالعادة وزى أى حد مريض غدة درقية بيطلع عينى علشان أجيب الدواء، لحد ما دورت على بلد المنشأ ووجدت أنه يصنع فى فرنسا وإنجلترا وإيرلندا.. ومن هنا بدأت أشتريه من خارج مصر وربنا بيرزق من حيث لا احتسب والحمد لله.

وفى موقف إنسانى عرض أحد المرضى أن يتقاسم علبة الدواء مع آخر والذى كان يتوسل لزملائه المرضى نظرًا لتدهور حالته الصحية فعرض عليه شخص يدعى أكرم سامى المساعدة بمنحه نصف العلبة الخاصة به، وذلك بعدما أكد أنه استأصل الغدة الدرقية بالكامل، وبعد فترة نجح المريض ويدعى محمد على فى الحصول على علبة دواء.

وأعلنت سامية تذمرها وغضبها وتساءلت عن الفكرة والسبب فى نقص علاج بديل هرمون الغدة الدرقية «التروكسين» سواء التركيز 100 أو 50، قائلة: «هى الأدوية المسئولة عن حياة الإنسان بالسهولة دى تترفع من السوق علشان يتلعب فى سعرها؟» وأضافت: «آه فى بدايل وعلشان نتعود عليه مش أقل من ستة أشهر متابعة وتحاليل علشان تشوف جسمك قبله ولا تبحث عن بديل آخر».. واختتمت كلامها قائلة: «الله المستعان». 

والأمر لا يتوقف على أدوية الغدة الدرقية ولكن النقص طال عدداً كبيراً من الأدوية منها: دواء بنتازا لعلاج أمراض الجهاز الهضمى وهو مستورد بالإضافة إلى العديد من أدوية القلب والكلى والكبد وغيرها من الأمراض المزمنة. 

وفقاً للبيانات الرسمية، بلغ حجم مبيعات الأدوية فى مصر 170 مليار جنيه خلال عام 2022، إلا أن الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصرى، للحق فى الدواء أكد أن هناك نقصاً فى بعض الأدوية الاستراتيجية بالسوق المحلى حيث يوجد بها عجز كبير نتيجة لارتفاع أسعار المادة الخام التى يتم استيرادها من الخارج، موضحاً أن معظم الأدوية يتم استيراد مادتها الخام.

وتابع أن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى نقص بعض أدوية «الغدة الدرقية» خاصة دواء «التروكسين 50،100»، وبعض أدوية الأورام وأدوية الضغط، بالإضافة إلى بعض أدوية الفشل الكلوى وأدوية نقص المناعة، لافتاً إلى أن الأدوية المحلية مؤمّنة بنسبة 92% لكن الباقى يستورد معظمها من الخارج لأنه لا يوجد مواد خام فى مصر، لافتاً إلى أن هناك أصنافاً دوائية كثيرة منقذة للحياة لم تعد موجودة، مشيرًا إلى أن الشركات تزعم أن المشكلة والسبب أن المادة الخام مكلفة أو غير موجودة أو ما زالت فى البحر، وهى مشكلة حقيقية.

وأشار فؤاد إلى أن هذه النواقص تسبب مشكلة للمريض، وينتج عن عدم توافرها فى الصيدليات خلق سوق سوداء بأضعاف الثمن، كما أنها تساعد على فتح المجال أمام عصابات غش الدواء وبالتالى تقوم ببيع أدوية مغشوشة للمواطن واستغلال الأزمة والتهرب من الضرائب مع عدم وجود الرقابة اللازمة على الأسواق من وزارة الصحة.

كما أكد أن عدم وجود المادة الفعالة لتصنيع وإنتاج دواء هو السبب فى أزمات نقص العلاج التى يعانى منها المرضى، مشيرًا إلى أن ضعف الرقابة ليس بالأهمية الكبرى فى حالة نقص العقاقير طالما أن المادة الفعالة ليست متواجدة وهى الأساس فلا بد من توافر المواد الخام أولًا ومن ثم الرقابة عليها، خاصة أن الشركات تريد المكسب والربح لافتًا إلى أنه عقب التواصل مع الشركة المصرية تأكد أن دواء التروكسين 100 متوفر بصيدليات الشكاوى بالروشتة. أما التروكسين 50 فمحجوز بالجمارك لوجود مشاكل مالية.

وأشار إلى أنه لابد أن يكون هناك أولوية لاستيراد الأدوية كأدوية الغدة الدرقية وبعض الأدوية الأخرى.

وأكد أن سبب الأزمة فى نقص الأدوية هو أن أغلب الأدوية تستورد من الخارج لذلك فهى مرتبطة بسعر الدولار، كما أن الدواء فى مصر يتم تسعيره جبريًا، فشركات الأدوية تحصل على الدولار بـ30 جنيهًا وتقوم ببيع الدواء على آخر تسعير جبرى له فى عام 2017 والذى كان الدولار فيه بـ18 جنيهًا فقط، وبالتالى تتكبد الشركات خسائر باهظة.

وأردف أنه على الرغم من إعلان الحكومة والجهات المعنية عن إفراجات كبيرة عن البضائع والمستلزمات إلا إن هذه الإفراجات لم تستطع الوفاء بحجم الاحتياج المتراكم منذ شهور، خاصة أن بعض هذه المستلزمات تتطلب ظروف تخزين خاصة لم تتوافر خلال وجود هذه الشحنات فى الموانئ، ما تسبب فى تلفها.

وتابع: أن هناك 8 شركات عامة تستطيع توفير الدواء الناقص ولكنها تحتاج الى دعم لذلك يجب أن تقوم الدولة بدعم هذه الشركات حتى تستطيع أن تنافس الشركات الخاصة منافسة حقيقية.

أزمة كبرى

الدكتور ثروت حجاج رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة لصيادلة مصر، علق على الأزمة وقال إن قطاعاً كبيراً من الصيدليات يعانى بسبب تأثر حركة البيع والشراء جراء نقص الدواء، وأوضح أن هذه الأزمة لم يرَ مثلها منذ 30 عاما، حيث إنه أصبح شعار شركات توزيع الدواء «مش متوافر» أو «مش موجود»، مشيراً إلى أن المواد الخام يتم استيرادها من الخارج وهذا هو سبب الأزمة نتيجة لانتظار الشركات والمصنعين توافر الدولار.

وتابع أن هناك أدوية كثيرة ناقصة فى السوق المحلى نتيجة لأزمة الدولار وارتفاع سعره فى الآونة الأخيرة، لافتاً إلى أن معظم مكونات الدواء يتم استيرادها من الخارج، مشيراً إلى أن تأخرالإفراج عن البضائع والمستلزمات الطبية ساهم فى نقص أجهزة السكر والمحاليل الطبية وبعض المستلزمات الطبية.

شُعبة الأدوية 

الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية، كشف فى تصريحات له عن نقص بعض أنواع الأدوية فى الفترة الأخيرة، وقال إن الأدوية الرئيسية والمهمة متواجدة بمخزون يتراوح بين 3 و6 شهور، وأضاف أنه يحدث اجتماع دورى مع رئيس الوزراء لمتابعة أرصدة الدواء، منوهًا إلى أنه يتم متابعة مخزون الدواء بشكل شهرى.

وعن اللغط الخاص بنقص الأدوية والمادة الفعالة للدواء، أوضح أنه لا يوجد أى نقص بالأدوية الرئيسية، وأن أدوية الضغط والسكر والكوليسترول متواجدة فى الصيدليات، لكن الأمر يتعلق بثقافة المجتمع.

وأضاف أنه على سبيل المثال فى أوروبا الطبيب يكتب اسم الدواء العلمى، وليس الاسم التجارى، فكل صنف دواء يوجد منه أكثر من منتج، قائلًا: «ممكن ما تلاقيش الاسم التجارى للدواء لكن هتلاقى البديل بنفس المادة وبنفس الفعالية وقد يكون بسعر أقل».

وفى سياق متصل، أكد على عوف، أن أكثر من 80 شركة أدوية تقدمت بطلبات إلى هيئة الدواء المصرية لزيادة أسعار بعض مستحضراتها، مشيرًا إلى أن إدارة التسعير بهيئة الدواء تدرس تلك الطلبات حاليًّا، وأن معدلات الزيادة المتوقعة تتراوح بين 15- 20% لأدوية الأمراض المزمنة، مشيرًا إلى أن الشهر الماضى شهد تحريك أسعار ما يقارب من ٦٠ صنفًا، ومن المتوقع أن تزداد أسعار ٤٠ صنفًا خلال الفترة المقبلة نظرًا لاستقرار سوق الدواء حاليًّا مقارنة بالشهور القليلة الماضية.

وعن معايير زيادة أسعار الدواء أكد عوف أن هناك عدة معايير تختلف من شركة لأخرى أبرزها تكاليف الإنتاج وعدد الموظفين وامتلاك مصنع للدواء من عدمه وسعر صرف الدولار الذى تعتمد عليه صناعة الدواء وتحديدًا فى استيراد المواد الخام، فضلًا عن زيادة تكاليف الشحن لعشرة أضعاف خلال السنوات الأخيرة.

ثقافة المرضى ترفض البديل.

وأوضحت هدير محمد تعمل فى إحدى الصيدليات بمنطقة شبرا أن هناك بدائل متوفرة لأغلب الأدوية، ولكن تصرف تحت إشراف طبى، مضيفة أن هناك نواقص حيوية يشهدها سوق الدواء منذ فترة، لافتة إلى أن التغير الدائم فى أسعار الدواء يسبب الضرر للمريض والصيدلى على حد سواء، وتابعت أن رفض المريض الحصول على الدواء البديل يسبب له مشاكل صحية كبيرة، قائلة: «للأسف ثقافة ما تخدش البديل بتسبب مشاكل كبيرة».

واستطردت أن الحصول على الدواء البديل أفضل من التوقف عن العلاج بالكامل خاصة أن المادة الفعالة متوافرة، ولكن ثقافة المرضى الطبية تمنعهم من الحصول على العلاج البديل طالما لم يصرف بدون إذن الطبيب.