رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أغدق البديع على بلاد الرافدين من فضله فحباها بطبيعة خلابة حيث الأنهار الجارية، السهول الخصبة والصحراء الشاسعة، فهذا التنوع الاستثنائى جعلها مركزًا للحضارات العظيمة وملتقى الأعراق المختلفة ومهد رسالات الأنبياء وشروق شمس التوحيد فكانت نتيجة هذا المزيج الفريد ثراءً إنسانيًّا ملهمًا، لكنى أود أن أعرج قليلًا تجاه روعة الألحان الشجية التى تطرب الأسماع ليس لها مثيل فى الرقة والعذوبة، تلمس شغاف القلب، ويكفى أن»قيثارة أرو» أقدم قيثارة فى التاريخ اكتشفت جنوب العراق. 

أعتقد أن السبب الرئيس لهذا الشجن الفطرى الدفين هو اضطراب شعور الفلاح قبل موسم الحصاد، فهو يبتهل إلى الإله بنبرة مرتعشة خائفة من عنفوان الفيضان المدمر؛ لكى لا يمسى حصيداً كأن لم يغن بالأمس، ثم ثبته فن الموال الذى هو أنين العبيد الموالى عما يجيش فى صدورهم من معاناة طبقية فى عهد الرشيد، لكن تظل تراجيديا كربلاء الماعون الذى لا ينفذ تتوارثه الأجيال تدمى قلوبهم وصدورهم نظرًا لفداحة المصاب وتأنيب للضمير الجمعى بأثر رجعى، وبالطبع طغت مقامات الصبا البياتى واللامى على «اللطميات والطفيات» فى مجالس العزاء المخضبة بدماء المكلومين، وتنقل مشاهدها المفزعة شاشات التلفاز تجعل المرء يتساءل فى حيرة، إلى متى تظل علاقتنا بالموروث راديكالية ومرتبكة؟ ألم يأن أن تخشع قلوب الخائفين إلى رحمة الله، وإن ما حدث بالرغم من مأساويته كان قدرًا مقدورًا لا مفر منه تقبله آل البيت بنفوس راضية مرضية مطمئنة بأن ما عند الله خير وأبقى. 

أيضا المصريون عاشقون متيمون، يتبركون بتراب آل البيت، لم نترك فرصة إلا وأقمنا لهم مقامات فى قلوبنا قبل ثرانا، فلا تخلو محافظة من أثر لهم، وأعتقد أننا أصحاب الرقم القياسى فى موسوعة جينيس، فذكراهم العطرة مجال خصب للأفراح والليالى الملاح، تغمرها ألحان روحانية مبهجة تتمايل عليها قلوب وأجساد الهائمين فى ملكوت العشق، وتنحر فيها الذبائح وتوزع حلوى عاشوراء اللذيذة. 

الحالة المصرية فريدة من نوعها لأنها اغتسلت من نجس الحروب المذهبية وتطهرت من خلط الدين بالسياسة، ثم توضأت بماء لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة فى القربى، فهى سُنية الشريعة، شيعية الحقيقة من باب «أهل بيتى كسفينة نوح من تعلق بهم نجا»، فهى محروسة ببركتهم، ولسوف تكون الجسر الآمن الذى يعبر عليه الفرقاء من جحيم الصراع العبثى إلى رحاب التسامح بعد قرون من فظاعات القتل على الهوية وشيطنة الآخر ، وآن الأوان أن نستعيد زمام المبادرة بإحياء مشروع الشيخ شلتوت النبيل؛ للتقريب بين المذاهب؛ لأن تأليف القلوب فن لا يجيده إلا القليل، وإن قادته هم أهل القلوب السليمة والفطرة النقية.