رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نميرة نجم: "البحار أصبحت مقابر جماعية للمهاجرين من إفريقيا"

السفيرة نميرة نجم
السفيرة نميرة نجم

قالت السفيرة الدكتورة نميرة نجم مديرة المرصد الإفريقي للهجرة: "إن في مجال القانون الدولي للبشر الحق الصريح للتنقل بين حدود الدول، و هو حق أصيل من حقوق الإنسان في المقام الأول، ولكن هذا الحق يصطدم برغبة الدول منفردة في تنظيم الهجرة الوافدة إليها من المهاجرين سواء النظاميين أو غير النظاميين لما تشكله الهجرة العشوائية من ضغوط علي ميزانية الدول وأعباء مادية يتطلبها توفير الرعاية الصحية والاجتماعية     وفرص العمل للمهاجرين، ومع الخوف المستتر والعلني من انتشار ظاهرة العنصرية تجاه المهاجرين،           واحتمال تغيير التركيبة الديمغرافية للسكان الأصليين في البلدان المتلقية للهجرة، جاء ذلك أثناء محاضرتها السنوية لطلبة الماجستير في المدرسة الصيفية للقانون بجامعة جنيف.


 أشارت السفيرة إلي وجود تعارض بين التزامات الدول في الوثائق الدولية وقوانينها الداخلية التي يخرق بعضها قواعد القانون الدولي في مجال الهجرة، إذْ يعيش ما يزيد عن 280 مليون مهاجر خارج بلدانهم الأصلية في العالم، ومنظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة تسوي بوضوح بين المهاجر النظامي وغير النظامي، وتعرف المهاجر بأنه أي فرد يتحرك أو انتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدًا عن مكان إقامته المعتاد، بغض النظر عن، الحالة القانونية للفرد، سواء أكان التنقل طوعًا أو قسرًا، وأسباب التحرك، ومدة المُكوث،
وأوضحت نجم أن هناك واحدًا من كل ثمانية أشخاص على مستوى العالم إما مهاجرًا أو تم تهجيره قسرًا بسبب عوامل تشمل الصراع والاضطهاد والتدهور البيئي أو الافتقار إلى الأمن البشري والفرص، وأرجعت هجرة  وهروب البشر غير النظامي من إفريقيا للأسباب التقليدية لتردي الأوضاع الاقتصادية وسوء الإدارة و الصراعات والحروب الأهلية  وغياب الحكم الرشيد، وأن الهجرة غير النظامية ستشهد نقلة نوعية وطفرة مع تنامي ظاهرة التغيير المناخي التي تشكل تهديدًا مباشرًا على المجتمعات المختلفة، فمن المنتظر نزوح ما يقرب من مائة مليون إفريقي سواء داخل بلده أو ببلاد بجوار بلده بسبب العوامل والكوراث المناخية، ومن ثم زيادة متوقعة لكثافة مضطردة لأعداد المغامرين والمجازفين من المهاجرين غير النظاميين الذين يحاولون اجتياز البحر المتوسط  إلي الشمال الغني، إذْ ستروق لهم وتصبح  فكرة  المغامرة الانتحارية حسب تصوراتهم أكثر استساغة كبديل أفضل من البقاء قيد الجحيم.  
 أكدت نجم أن المسئولية الأكبر للتغير المناخي تقع على الدول المتقدمة فنحو 10% من البشر الأكثر ثراء في العالم ينتجون نصف انبعاثات العالم من التلوث ويتهربون من وعودهم وتعهدهم تجاه الشعوب الأكثر فقرًا ومعاناة، فقد تقاعست الدول الكبري والمتقدمة  التي تسبب أنشطتها الصناعية في الانبعاث الحراري الذي يهدد المناخ في العالم في تنفيذ وعودها تجاه الدول الفقيرة المتضررة من التغيير المناخي دون ذنب ارتكبته الأخيرة في هذا التغيير، وعدم توفير الدول المتقدمة التمويل كافٍ للمشروعات الخضراء والتكيف مع التغيير المناخي في الدول النامية، وعدم سدادها مما وعدت به في  مؤتمر المناخ بكوبنهاجن الخاص بتمويل العمل المناخي للدول النامية بقيمة  ١٠٠ مليار دولار سنويًا وهو ما يشكل ١٠٪؜  فقط من احتياج  إفريقيا التي تحتاج عشرة أضعاف هذه المبلغ سنويًّا من أجل مشاريع التنمية الخضراء، ورغم اعتماد الدول صندوق الخسائر والإضرار في مؤتمر التغيير المناخي كوب ٢٧ بشرم الشيخ العام الماضي.

 

فإنه لا زال أمامنا أشواط أخري من المفاوضات حول تنفيذه و تفعيله والاتفاق ربما علي حجم التمويل المرصود له بالفعل، فنحو ٦٠%؜ من تمويل العمل المناخي مازال يعتمد على الديون رغم أن الدول النامية ليست مطالبة بسداد فاتورة أزمة المناخ التي تسببت فيها الدول المتقدمة، وهو مايجعلنا غير متفائلين ونكاد نجزم أن عامل كوراث التغيير المناخي ستضاعف أعداد المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا الي دول الشمال بحثًا عن فرص العمل والتعلم والترقي والرعاية، مما سيزداد معه رواج أنشطة عصابات المهربين وتجار البشر، وسيصير من المعتاد سماع  المزيد من الأخبار التي تفيد أن البحار أصبحت مقابر جماعية بسبب غرق المراكب المكتظة غير الآمنة لقوراب عصابات القراصنة المتهالكة التي تنقل المهاجرين من إفريقيا  إلي الشمال، وقد وصل البؤس و اليأس والفقر وفقد الأمل إلي عبور ليس البحر فقط ولكن عبور المحيط الأطلنطي أيضًا، وأعلنت الشرطة البرازيلية مؤخرًا، إنقاذ ٤ شباب أفارقة قضوا ١٣ يومًا جاثمين علي دفة الخلفية  لسفينة مبحرة من نيجيريا.


 أوضحت السفيرة أن مايجب إدراكه أن أزمة تغيير المناخ لا حل جذري لها ولكن نستهدف فقط الحد من آثارها والتكيف معها، وهناك 49% من البشر يعتقدون أن التغير المناخي لا يمثل أزمة كبيرة ولا يحتاج لإجراءات فورية للتعامل معه، لذلك لابد من نشر ثقافة حماية الأرض والبيئة، والحلول المتكاملة متوافرة، فالاستثمار في جمع البيانات والتحليل للتوصل إلى فهم أفضل لاتجاهات ومسارات الهجرة الداخلية الناجمة عن تغيُّر المناخ على مستوى البلدان، وإحداث تحوُّل في خطط التنمية لتراعي جميع مراحل الهجرة بسبب تغير المناخ،           وضرورة دمج المناخ في عملية التنمية، فالحلول التكنولوجية جاهزة لمعالجة ٧٠%؜ من الانبعاثات المضرة بالمناخ بالعالم، ومن ثم لابد أن تتوافر الجهود ويصبح العالم أكثر يقظة للتحرك سريعًا لاتخاذ إجراءات فورية ومنسقة  للحد من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة، ودعم التنمية الخضراء الشاملة للجميع والقادرة على الصمود، والتخطيط والتنفيذ قد يحد من نطاق الهجرة بسبب تغير المناخ بنسبة تصل إلى 80%، والدراسات تؤكد أن تمويل الاستثمار والتحول إلى الاقتصاد الأخضر قد يوفر فرصًا ووظائف اقتصادية جديدة، إذ إن استثمار دولار واحد، يدرّ، في المتوسط، 4 دولارات من الفوائد، لكن العالم المتقدم في غفوة لا زال غير مكترث ومتكاسل ومتثائب أو غير مهتم أو مقتنع أو منتبه بعد أو لديه رغبة و إرادة حقيقية لضرورات اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ العالم من أثار التغيير المناخي قبل أن تنفجر الأزمة في وجوهنا جميعًا وتجرنا مستقرة بنا في قاع عوالم لانعرفها لمستنقع مستقبل داكن لايبدو ضوء واضح فيه.
 
 أكدت نجم أن مع زيادة أعداد المهاجرين غير النظاميين أصبح الحاجة ماسة لتفعيل مؤسسات الحماية ودعمها وتعديل القوانيين الخاصة بها،بل إنشاء آليات دولية جديدة لحماية المهاجرين غير النظاميين تواكب التغييرات الحادثة علي الأرض و البحر خصوصًا أن التقارير المتدوالة  تشير إلي انتهاكات من الكثير من السلطات بل محاولة إغراق سفن المهاجرين غير النظاميين وترهيب وتهديد الشهود الناجيين لعدم إدلاء بشهادتهم عن ملابسات غرق سفن المهاجرين غير النظاميين أمام سلطات التحقيق المحلية، وهو مايفرض مزيدًا من الضرورة لإنشاء آليات دولية واقليمية جديدة طبقًا لتواجهات الأمم المتحدة ذاتها التي تشكو من عدم توفير حماية للاجئيين والمهاجرين غير النظاميين وتذكر صراحة وبوضوح أنه "توجد حاجة إلي نهج لإداراة الهجرة العالمية يرتكز علي حقوق الإنسان لضمان حماية الحقوق الإنسانية للمهاجرين وأسرهم كافة"، وهذه الآليات ليست هدفها أن  تصطدم مع سيادة الدول ولكن ليتم التعامل مع المهاجرين بطريقة تحقق الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان التي نصت عليها القوانين والمعاهدات الدولية، وأنه ليس محتجزًا او مهددًّا او متهمًا أو يتعرض لاضطهاد أو انتهاك لحقوقه من جانب، و لضمان من جانب آخر أن التحقيقات التي تجريها السلطات المحلية تتم بحيدة و نزاهة و تنفذ القانون المحلي للدولة المهاجر إليها دون محاباة وانحياز للسلطات المحلية المسئولة عن هذا القطاع، وأن المهاجر لا يخضع لتهديد أو إكراه وهناك محام معين للدفاع عن حقوقه سواء كان شاهدًا او متهمًا.


وفي إطار الحوار مع الطلاب أشارت السفيرة نجم إلى أنه لا يجب أن ننسي أن الواقع على الأرض يختلف عن مجتمع المدينة الفاضلة التي ترغب قواعد القانون الدولى الوصول إليه، وأن الاتحاد الإفريقي يبذل قصارى جهده لتحقيق التوازن بين حماية المهاجرين وحق الحرية و الحركة في إطار التشاور مع الشركاء لإيجاد حلول للأزمة الراهنة والتي تؤدى بحياة كثير من الشباب الإفريقي، كما تناول الحوار عملها السابق كمستشار قانونى للاتحاد الإفريقي والدور الذى لعبته امام المحاكم الدولية لتعزيز سماع صوت إفريقيا في المحافل القانونية الدولية.

IMG-20230721-WA0059
IMG-20230721-WA0059
IMG-20230721-WA0060
IMG-20230721-WA0060