رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نبض الكلمات

سنوات من أعمارنا مرت وبلمح البصر، غيرتنا الظروف التى عشناها فيها، تغيرت مفاهيمنا وأولوياتنا وأسلوبنا، تغيرت دعواتنا أيضاً لكن الأصل طبعا غلاب، حتى مقامات الناس فى حياتنا تغيرت.. تلك السنوات غيرت كل شيء فينا حتى وصلنا إلى النسخة التى عليها نحن الآن.. فى حياة كل منا لحظة معينة، ليس لأننا متغيرون او متبدلون أبدا والله لكن الحياة وناسها أصبحوا فى حالة ريبة. 

فلا نحاول إعادة حساب الأمس وما خسرنا فيه، فالعمر حين تسقط أوراقه لا تعود مرة أخرى. لكن مع كل ربيع جديد سوف تنبت أوراق أخرى، نتأمل تلك الأوراق التى تغطى وجه السماء، وندع ما سقط على الأرض فقد صار جزءاً من الأرض، فالأمل حياة أخرى موطنها السماء العلا، ورب السماء الحى الذى لا يموت، ونعم بالله. 

‏كنت أعتقد فى صغرى أن الجميع يتمنى الخير لغيره، وأن كل من يحلف بالله صادق أكيد، وأن جميع النوايا طيبة، وأن من يأخذ على عاتقه عهدًا يفى به ولا يخون أبدا مهما تغيرت الظروف والأحوال، وأن كل الأصدقاء طوق نجاة، وأن القلوب ببساطة تلين وتلين قوى كمان لأنها طيبة ونقية كنقاء الثلج، وأن نقش الأسماء على الحائط هو الحب وكل الحب، وأن العبور لمدينة الأحلام أمر سهل حتى كبرت وفهمت، فقابلت فى حياتى كل أصناف البشر، أحببت بعضهم، وأشفقت على البعض الآخر، وابتعدت عن أصناف وأصناف ليس كرها لكن حفاظا على احترامى لنفسى أولا ثم الآخرين.. غير أننى ومن خلال تعامل مضن مع صنف بعينه، يمكننى التصريح بأننى لم أحتقر فى حياتى إلا هؤلاء الذين يعشقون العيش فى دور الضحية، الذين يستحلون السطو على مشاعرك وإشعارك بأنك ملزم بتعويضهم عن جزء ما ناقص فى حياتهم...‏ لا يهم أننى كنت مجرد عابر فى حياة أحدهم، أو كنت مجرد ملجأ أو محطة أنتظار قطار آخر قادم.. يكفينى أننى كنت حسنة النية، صادقة المشاعر، لم أخدع أحدا ولم أكن سببا فى ألم أحد.. لم أتلاعب بمشاعر الآخرين لهدف أو غاية، لا يهمنى أن يذكرنى الناس، أو أصبحت فى طى النسيان لا يهم، فالناس قلوبها متقلبة لا تشفع ولا تنفع طالما أننا مع الله رب القلوب.. سأظل بحسن نيتى وطبيعتى مهما تألمت.

فالإنسان لا يولد مرة واحدة.. الولادة الأولى هى خروجه مِن رحم أمه، والثانية خروجِه مِن رحم السذاجة والسطحيّة، والثالثة خروجه مِن رحِم المعتقدات والعادات التى تكبل عقله وإنسانيّته، والرابعة خروجه مِن رحم الأوهام والأهواء إلى فَضاء أرحب وأوسع وأنقى... ولم يؤلمنى التقدم فى العمر لأنه محتم، بقدر ما آلمتنى أمنيات شابت بداخلى، لقد شاب قلبى قبل عمرى فالحياة خير معلم تمدك بما لديها من التجارب والعقارب التى تمدك بعمر فى سنوات عمرك الحقيقى وهذه سنة الله على الأرض...فلا نقدس شيئا فى الحياة، فكل شى له وجه آخر لا تراه، وكل شىء ماضِ إلى الزوال، تعامل مع معطياتها بوسطية وأعط كل ذى حقٍ حقه. 

مع كل ذكرى للميلاد كبرنا وعرفنا أن الحياة خارج أسوار منزلنا ليست جنة كما تخيّلناها يوماً.. كبرنا وتعلّمنا أنّ كل خطوة من خطواتنا سرقت منّا وقتاً وجهداً وأنّنا لا نصل إلى ما نريده دونَ تعب.

كبرنا وتعرّفنا على أشخاص كثيرين وتداركنا المواقف ولقّنَتنا الأيام الصعبة دروساً قاسية، كبرنا وأصبحنا نتمهّل فى اتخاذ قراراتنا، فى اختيار من نحب والأصدقاء، تعلمنا أن الحب شرط أساسى فى الحياة ولا يجب أن نستنزفه مع عابر.. كبرنا وتيقنا أننا نحن من يجب أن نصون أنفسنا ونحميها من شرورها وأفكارها الهائجة، لتكون أفضل نسخة من مثيلتها السابقة، كبرنا وتمنينا أن نعود أطفالاً.. لا نفكر بشىء أبداً ونعيش ننسج أحلاماً وردية، وفى كل ذكرى ليوم الميلاد وعداد العمر يمر سريعاً، وكلما كبرت بالسن وجدت أنه من غير الممكن العيش إلا مع الذين يحرروننا، ويحبوننا حبًا خفيف الحمل، الحياة اليوم قاسية جداً، مريرة جداً، مرهقة جداً، حتى نتحمل أيضا عبودية جديدة آتية من الذين نحبهم، ونتحمل تقلبات الحياة التى لا تنتهى إلا بالموت. 

رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية

[email protected]