رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

الحب يصنع المعجزات فى حياتنا، يمنحنا طاقة متجددة، يولد لدينا الأمل، يمنحنا دفعة للأمام، ييسر علينا جسامة الشعور بالمشكلات وصعوبات الحياة، الحب يفعل الكثير والكثير، فى مجمله هو يغيرنا للأفضل، ليس بالضرورة الحب المقصور على علاقة رجل وامرأة، بل الحب الإنسانى المطلق، لكن لا يجب أبدًا أن يدخل الحب فى كتابة التاريخ، أى أن يسجل المؤرخون الحقيقيون، أو زمرة المثقفين المعروفين بأنهم مؤرخون، أو كُتاب للتاريخ، لا يجب أن يسجلوا التاريخ المصرى من منطلق الحب، ومشاعرهم الذاتية تجاه القادة السياسيين أو الرؤساء الذين قادوا مصر على مدى الحقب وفترات الزمن الماضى، وأن يفصلوا كل الأحداث بحلوها ومرها من منظور واحد هو حبهم لهذا الزعيم أو كرههم له؛ لأن التاريخ لا يجب أن يكون متأثرًا لا بحب ولا كراهية، أن يكون موضوعيًا؛ لأنه تاريخ نورثه للأجيال، ولا يجب أبدًا تشويهه بموجب المشاعر الخاصة.

لا يوجد زعيم مصرى أو غير مصرى منزه عن أى أخطاء، البشر ليسوا آلهة؛ لذا يدهشنى ما أراه من مثقفين وكتاب يعتبرهم مجتمعنا من المؤرخين، وهم يؤلهون زعيمًا بعينه، ويمكننى أن أقصد هنا بدقة الرئيس الراحل عبدالناصر، عندما أجتمع بهؤلاء، وأستجيب لدعواتهم لحضور بعض المنتديات والمناقشات الثقافية بحكم صداقة شخصية بعيدة عن التوجهات السياسية، يذهلنى إيمانهم المطلق بأن عهد عبدالناصر هو الأفضل على الإطلاق، عصر كان خاليًا من أى أخطاء أو هفوات سياسية، اقتصادية، عسكرية، اجتماعية، وتصدح أصواتهم عبر الميكرفون وهم يذكرون مآثر هذا العهد، حتى هزيمة 67 التى أطلقوا عليها نكسة، يتم تصنيفها بصورة عجيبة بأنها ليست خطأ تكتيك أو استراتيجية عسكرية، أو نتيجة قصور عسكرى وتسليحى، بل هى من وجهة نظرهم نتيجة مؤامرة ما حيكت حول زعيم الأمة العربية لتهبط أسهم محبته لدى الشعب، لا يعترفون بمساوئ تفتيت الأراضى الزراعية إلى خمسة أفدنة، مما أدى إلى تفتيتها فى مجملها لأن الفلاحين الفقراء باعوا أغلبها، وبنوا فوقها بيوتًا ثم عمارات، ليخرجوا من حالة الفقر التى كانوا عليها، وقد تم تسليمها لهم دون أى إعداد لهم لزراعتها، أو إمدادهم بالخبرة والمساعدات التى تعينهم على استمرار إحياء هذه الأراضى لتكون منتجة بالفعل ومصدرًا للأمن الغذائى الذى عانت مصر من عجزه فى سنوات لاحقة.

لا يعترف هؤلاء من عشاق تلك الفترة حتى الثمالة- رغم أنهم لم يعاصروها بالفعل، فقد كان أغلبهم فى بطون أمهاتهم، أو أطفالا لم يشبوا عن الطوق- لا يعترفون بما كان فى تلك الحقبة من مصادرة للحريات، وما كان يحدث داخل السجون من تنكيل لأصحاب الرأى والفكر الحر، ولا شمولية الحكم الذى كان، ولا غيرها من نواقص أصيب بها هذا العهد، وأنا لست بصدد تقييم حقبة تاريخية بعينها، فأنا لا أضع نفسى فى هذا المكان أبدًا، ولكن ما أقصده أن كتابة التاريخ يجب أن تكون حيادية، موضوعية، بعيدًا عن الميول الذاتية والتقديرات الشخصية، لأنه تاريخ مصر العظيمة، فلا يجب أن يشوبه التزوير أو العوار بأى شكل من الأشكال.

عندما أناقش أحدًا من هؤلاء، أجد أن رؤيته للتاريخ هى بمقياس ثقافته الشخصية، ميوله واتجاهاته السياسية والفكرية‏، يبرز الإيجابيات والانتصارات‏، ويتجاهل تمامًا الإخفاقات، أجده مفعمًا بذكر القصص الإنسانية التى كان بطلها هذا الزعيم، من حضوره حفل زفاف مواطن عادى، أو استقباله لرجل فقير، أو احتضانه لطفل، ويتغاضون تمامًا عن أن موضوعية التاريخ لا تؤرخ بمواقف إنسانية لرئيس ما أو زعيم، بل تتوقف عند سياسته العامة التى حكم بها الدولة والشعب، وما أفرزته هذه السياسة من إيجابيات وسلبيات على حقبته أو من تداعيات فيما بعدها، فمن يكتب التاريخ؟ للحديث بقية.

[email protected]