رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

بعض القراء أزعجهم استخدامى لفظ «معجزة» فى المقال السابق، وتناسوا أننا كنا فيما سبق نحتفل ونتغنى بمجرد افتتاح مرحلة من كوبرى هنا أو بوضع حجر أساس مشروع ربما لا يرى النور هناك! والحقيقة أننى لم أكن أبالغ حينما قلت ذلك؛ فما تم بالفعل من مشروعات قومية عملاقة فى كل المجالات فى السنوات الماضية وفى تلك المدة الوجيزة من عمر الزمن لم يكن ليتم فى عشرات السنين لو كنا نسير بمعدلات الإنجاز العادية التى تعودنا عليها فيما سبق!

لكن السؤال الأهم الذى طرحته والذى كان ينبغى أن يسترعى الانتباه هو: وماذا بعد؟! 

إن طرحى لهذا لسؤال فى ذلك السياق كان يعنى أن إنجازاتنا القادمة ينبغى أن تكون على نفس المستوى، علما بأن التحديات التى طرحتها فى مجال التعليم فى المقال الماضى ظلت عالقة ولم ينجح أحد فى مواجهتها بقوة وشمول طوال القرنين الماضيين! وربما ما أطرحه من تحديات فى هذا المقال يشكل أحد معوقات التقدم والتنمية الشاملة بحق! 

إن التحدى الذى أقصده هنا هو تحقيق العدالة الاجتماعية والعدالة الوظيفية فى المجتمع؛ لأن الواقع الذى نعيشه حافل بصور متعددة من التناقضات والاختلالات التى أرهقت الإنسان المصرى ولم يعد قادرًا على تحملها والعيش الكريم فى ظلها؛ ففى الوقت الذى يعانى فيه الموظفون والعاملون فى قطاعات الدولة المختلفة من تدنى المرتبات وقلة الدخل وعدم القدرة على توفير الحاجات الأساسية فى ظل الغلاء المتنامى للأسعار نجد أن قدرًا كبيرًا ربما يزيد على النصف من ميزانية المرتبات تذهب لجيوب عدد من كبار الموظفين فى الدولة وأولئك المستشارين المقربين إليهم الذين يختارونهم ممن تعدوا سن المعاش ولا عمل واضحًا لهم فى كل هيئات الدولة ووزاراتها، ورغم أن الأمر كان قد استقر بعد ثورتى يناير ويونيو على ألا يزيد مرتب أو دخل أى موظف فى الدولة على أربعين ألفا شهريا أصبح هذا فى كثير من الأحيان حدا أدنى يحصل عليه وأضعافه بعض هؤلاء الموظفين الكبار ومستشاروهم!

وفى الوقت الذى يعانى فيه الكثير من الخريجين الأكفاء من البطالة وانعدام فرص العمل نجد التفاوت الكبير بين مرتبات العاملين الذين يعملون نفس العمل وتحت نفس المسمى الوظيفى، لدرجة أن أحدهم قد يحصل على أضعاف دخل الآخر لأنه نجح بالوسائط والمحسوبيات في أن يعمل فى هذه الهيئة الأغنى وصاحبة الحظوة بمرتباتها ومكافآتها الخيالية أو تلك! والأمثلة على ذلك التفاوت كثيرة ومتنوعة! وعلى المعنيين حصرها ودراستها وتحجيمها بتشريعات عادلة وواضحة.

وإذا كان ما سبق يتعلق بالوظائف والمرتبات، فماذا عن عالم المال والأعمال؟! إنه عالم الكبار الذين تنظر إليهم الدولة والناس على أنهم فوق القانون والبشر ، فهم بنفوذهم أصبحوا يشكلون طبقة خارج التصنيف والتوصيف؛ حيث يتمتعون بكل الإعفاءات والامتيازات ومع ذلك لا يدفعون إلا الضرائب العادية بحجة تشجيع الاستثمارات وإقامة المشروعات! والحقيقة أننا فى مجتمع ينبغى أن يتحمل فيه الأثرياء ضرائب تصاعدية توازى دخولهم الخيالية كما هو الحال فى كل دول العالم الرأسمالية! 

لقد ضاق الناس فى بلادى من صور المساعدات والمنح التى يتفضل بها هؤلاء الأثرياء وجمعياتهم الخيرية باعتبارها منة يمنون بها على الفقراء والمحتاجين، والحقيقة أنه لو فرضت هذه الضرائب التصاعدية على الأثرياء ولو كانت العدالة الوظيفية موجودة لما شاهدنا هذا التفاوت الرهيب فى الدخول والثروات ولعاش مجتمعنا آمنا من الفقر والاضطرابات!

إن مصر غنية بثرواتها الطبيعية والبشرية وتستطيع بالاستغلال الأمثل لثرواتها والتوزيع العادل لها وإلغاء التمايزات والامتيازات لبعض الموظفين والوظائف أن تكفى حاجة أبنائها وأن تضمن لهم جميعا حياة كريمة كلها رخاء ونماء. فهل تنجح الجمهورية الجديدة بحق فى مواجهة هذه التحديات وفرض العدالة الاجتماعية والوظيفية بقوانين جديدة عادلة؟

أتمنى ذلك، ولنتذكر دائما أن معيار التقدم هو قوانين عادلة وحكومة جادة تحترم تلك القوانين وتسهر على تطبيقها، وشعب يلتزم بكل ذلك ويحترم القانون فى كل صغيرة وكبيرة، إن هذا هو التحدى الأعظم  الذى نواجهه و ننتظر الإجابة عنه وتحقيقه فى الأيام وربما فى السنوات القادمة.

[email protected]