رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«أنْ نكون، أو لا نكون»؛ فمنذ الأزل وشعرنا هو لغتنا، ولغتنا هى شعرنا، الذى هو ديوان العرب فى حاضرهم ومستقبلهم، بمثْل ما كان فى ماضيهم، يرْصد واقعهم وآمالهم وآلامهم، وكأنه يؤرخ لهم، ويحكى عنهم، ومن ثم كانت اللغة العربية، وكان الشعر ـ معا ـ علامة وجودنا العربى منذ أقدم العصور، حيث شهدتْ لغتنا زوال سلطان اللغة الإغريقية، وتقويض عرش اللغة اللاتينية، وتفاعلتْ مع حضارات الشرق الأدنى القديم جميعها، وكانت الأم فى شجرة اللغات السامية، حيث بقيتْ صور منها فى النقوش، والمخرْبشات، والقبوريّات، وفى أسواق العرب التى بلغت أكثر من ستة وعشرين سوقا، فى الجناح الشرقى: بابل وآشور، حضارة وادى الرافدين، والجناح الغربى فى الشعبتين: 

الشمالية، حيث الكنعانية والآرامية، وكان منها الشعر الجاهلى، وبها نزل القرآن الكريم، والشعبة الجنوبية، حيث اليمن وقحطان وسبأ، وكان ذلك قبل الميلاد بقرون. وهكذا ظلت اللغة وظل الشعر، من ثم، كامنين فى جذور شجرة العرب الحضارية الضاربة فى باطن أرضنا، تلك الجذور التى قاومتْ ـ عبْر القرون ـ التبعية والاستلاب والاغتراب والتتريك والغزو والاستعمار قرونًا، وها هى ذى تقاوم ـ بصلابة واستماتة ـ الغزو الصهيونى الخطير الذى يريد اقتلاع الشجرة من جذورها، وطمْس معالم انتمائنا إليها برابطين أزليّيـْن استعصى عليه الجدل حولهما، وهما لغتنا وشعرنا؛ بعد أنْ اعتقد أن فى القضاء على هذين العنصرين قضاء على الوجود العربى، وإحلالًا للوجود الصهيونى. وأراد الله أنْ يظل فيهما السند والدليل الدامغ على وجودنا العربى فى مواجهة ادعاءات الأعداء، والمتربصين، والغازين فى محاولاتهم بالحيل والدهاء والإعلام المضلل، وتزييف التاريخ، لتجريدنا من حق الوجود، واقتلاعنا من جذورنا، وذلك بهدْم أسس تجذرنا، زاعمين أنهم الجذور، وأنهم المقيمون، وأننا على السطح هائمون وافدون مستوطنون!؛ فزعموا، بالباطل، كل زعم، حتى نسبوا لأنفسهم أطعمتنا وفولكلورنا، وملابسنا، وعاداتنا، وآثارنا، إلاّ اللغة والشعر، تلك الوثيقة التاريخية الناطقة المفْـحمة التى تتأبـّى على الإنكار، وتقهر المحاجّة؛ لهذا صدق أجدادنا حين قالوا: الشعر ديوان العرب وسجل مآثرهم، به حفظتْ أنسابهم، وعرفتْ مآثرهم، وتاريخهم، وانتشرتْ لغتهم، حسبما سجّل «ابن فارس» فى كتابه (الصاحبىّ)؛ لأن اللغة العربية والشعر ظلاّ على مدى القرون وثيقة العرب فى علاقاتهم بمنْ جاورهم وعاصرهم وتلاهم، وصدق الثعالبى فى قوله: «الشعر محْمدة الأدب ومفخرة العرب»، وصدق الشاعر العراقى جميل صدقى الزهاوى فى قوله: (منْ قتل الشعر العربى فقد قتل العرب).

عضْو المجْمع العلمى المصرى، وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس