عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة:

ما جعلنى أكتب هذا المقال أننا اليوم نتعرض للعديد من الابتلاءات والامتحانات باختلاف أنواعها وأشكالها، والبعض لا يعرف هل هذا ابتلاء أم بلاء؟! ، هل هذا غضب من الله أم رضا، البعض يسأل نفسه لِمَ يحدث له ذلك، ومن يسأل نفسه هو من يخشى الله ويراجع حساباته من أجل اليوم الحق الذى يقابل فيه الله، ويسأل نفسه عقب أى خطأ ماذا سأجيب الله يوم القيامة عندما يسألنى لماذا فعلت هذا؟! فأردت أن أبحث عن إجابة من كتاب الله والرجوع إلى معانى كلامه وتفسيرها الصحيح والاسترشاد بقصص الأنبياء وما حدث معهم ليكونوا عبرة دائمًا لنا، فجميع الرسل والأنبياء تعرضوا لامتحانات عدة ومن يتمعن يجد أن كلًا منّا تعرض لِما تعرض له الأنبياء بإختلاف أنواع الابتلاء، ولكن الفيصل هو كيفية التعامل مع الابتلاء، فهناك من فَقَدَ أبناءه، وهناك من تعرض لغدر من أقرب الناس إليه، وهناك من اُتهم ظُلمًا وسُجِنَ ظُلمًا، وهناك من تحدث الناس عنه بسوء، وهناك من اُبتلى بابن عاصٍ، أو زوجة عاصية، أو زوج عاصٍ، أو أب عاصٍ، فالثواب على قدر المشقة، وقال الله تعالى «أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ».

فجميع الرسل والأنبياء تعرضوا للابتلاءات وللعديد من الامتحانات، فقد تعرض سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لامتحان الضعف ونجح فيه، وتعرض لامتحان القهر، كذبوه وسخروا منه وأساءوا إليه، امتحن امتحان القهر فصبر، وامتحن امتحان النصر فتواضع، وامتحن امتحان الفقر فصبر، امتحن امتحان الغنى فشكر، امتحن بموت الولد، وامتحن امتحان الظلم بأن يقال عن زوجته إنها زانية وانقطع الوحى عنه 40 يومًا فصبر، امتحن امتحان الهجرة، وامتحن بكيد الأعداء وافتعلوا المؤامرات ضده، وقالوا عنه الأبتر شماتة فيه لموت أطفاله؛ فأنزل الله سورة الكوثر .

كما تعرض سيدنا إبراهيم للعديد من الامتحانات، فَأُلقى فى النار فوثق فى الله، اُمر أن يضع ولده وزوجته بوادٍ غير ذى زرع فأودعهما، أمره الله أن يذبح ابنه فأطاع أمر الله، فمن توكل على الله فهو حسبه.

واُبتلى سيدنا نوح فى ابنه، وتعرضت ستنا مريم لامتحان أيضًا فصبرت، وتعرض سيدنا يوسف لعدة امتحانات من إلقاء أخوته فى البير لبيعه كعبد، لإغواء امرأة العزيز له لسجنه ظلمًا. وسيدنا أيوب تعرض أيضًا للعديد من الامتحانات بعد أن أنعم عليه الله بالعديد من النعم سلبها منه فصبر ثم أرجعها إليه مرة آخرى. سيدنا موسى اُبتلى بقومه، سيدنا يعقوب اُمتحن فى ابنه يوسف، واُبتلى سيدنا لوط بزوجة عاصية.

وتحدث الله سبحانه وتعالى فى مُحكم كتابه عن الابتلاء فقال: «لنبولكم بشيء من الخوف والجوع ونقص فى الأموال»، وأيضًا ذُكر لفظ ابتلاء فى العديد من الآيات: «إنا كنا لمبتلين»، فالابتلاء لحكمة ما ستعلمها بعد مرور الوقت، لكل شىء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت فكل شيء يفعله الإنسان هو من إلهام الله له، والبلاء موكل بالمنطق.

فالحياة الدنيا ابتلاء، أى إظهار ما تنطوى عليه النفس، فحقيقة الحياة الدنيا أنها دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببًا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضًا، فيأخذ ليعطى، ويبتلى ليجزى. الحقيقة التى يجب أن ندركها جميعًا عاجلًا ام آجلًا أننا أتينا إلى الدنيا لنبتلى، فلو تمعنا فى حياتنا اليومية فسنجد أننا نبتلى 24 ساعة، أى أنك تتعرض يوميًا لمواقف عدة من مضايقات أثناء العمل لاختبار مدى أمانتك مدى صدقك مع الله، مدى ثقتك وتوكلك على الله، وأيضًا نصادف أناسًا كثيرين يختبر الله مدى صدق إيماننا وكيف نتصرف إزاء الامتحانات التى نتعرض لها، حتى المنح والعطايا ابتلاء، ولا نعلم بأن الابتلاء مرتبط بالرزق ارتباطًا طرديًّا، فكلما زاد رزقك زادت الابتلاءات، أى أن توزيع الحظوظ فى الدنيا توزيع ابتلاء، على العكس من ذلك توزيع الحظوظ فى الآخرة فيكون توزيع جزاء، والعبرة ليست أن ننجو من الابتلاء، ولكن كيف ننجح فيه، فالجميع يتعرض لابتلاءات، ولا تظن أنك وحدك مُبتلى، ولكن ما يفرق بين البعض والبعض الآخر رد الفعل إزاء تلك الابتلاءات وبالتالى من ينجح فيها ومن يرسب! فلكى تخفف من وقع الابتلاء عليك تذكر أنه مؤقت وأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وتمعن فى حكمة الابتلاء ستعلم أن الله كان رحيمًا بنا، وما ابتلانا إلا ليخفف عنّا، ولو تمعنا بالحكمة فى المنع فسنعلم أن المنع كان عين العطاء.