رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لعل وعسى

استطاعت الدولة المصرية الجديدة خلال السنوات القليلة الماضية أن تخطو خطوات جادة نحو التمسك بمفهوم اليقظة الاستراتيجية؛ لتبرهن أن هذا المفهوم كفيل بضبط إيقاع الأزمات الحادة وتهذيبها، وهو ما حدث على أرض الواقع منذ عام 2016، عندما تم التوجه نحو ركيزتين مهمتين من ركائز اليقظة الاستراتيجية، هما مراقبة أنصاف الفرص والتى قد لا تتكرر مرة أخرى، وبما لا يتعارض مع استكمال الدولة لخطتها الاستراتيجية، والثانية هى تحديد التهديدات التى من المحتمل أن تواجهها الدولة سواء محليًّا أو إقليميًّا أو دوليًّا. وقد أثبتت الأزمات العالمية -خاصة جائحة كورونا- أن السياسة العامة للدولة قادرة على مواجهة هذه التحديات، حيث استطاع الاقتصاد المصرى أن يكون من أعلى ثلاث دول على مستوى العالم تحقيقًا لأعلى معدل نمو اقتصادى أثناء جائحة كورونا، وبالتالى فإن نجاح مصر فى توطين مفهوم اليقظة الاستراتيجية وجعله أداة من أدوات جمع المعلومات ومراقبة الفرص والتهديدات وتهذيب الأزمات، يمثل رسالة حقيقية بأن مصر قادرة على تهيئة مناخ أفضل للاستثمار، وإحداث الثقة والطمأنينة فى المناخ الاقتصادى، بجانب إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى الذى يواجه تحديات كبيرة؛ لذا فإن استعراض الفرص الاستثمارية وطرح التهديدات الخارجية التى تؤثر على فرص الاستثمار المتاحة، أمر أصبح ضروريًّا، من أجل تحديث الخريطة الاستثمارية، وتنفيذها على مستوى القطاعات المتخصصة، والمناطق الجغرافية المختلفة، فمحاولة السياسة العامة للدولة وضع إطار عام للإصلاح التشريعى والإدارى لخلق بيئة استثمارية مواتية فى ظل تحديات عالمية غير مسبوقة، يجب أن تتسق مع خطة التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، ونظم الاستثمار المطبقة، فتوجه السياسة العامة للدولة يستند إلى ضرورة إعطاء الفرصة الكاملة لمراكز البحث العلمى وعلى رأسها الجامعات المصرية؛ لإفراز أفكار، ورؤى غير تقليدية، واستشعار وميض اليقظة الاستراتيجية، وهو ما حدث بالفعل فى كلية التجارة جامعة حلوان التى ترجمت خطوط السياسة العامة للدولة إلى رؤى وأفكار واقعية يمكن تنفيذها فى مجال العلوم الاجتماعية، مع ضرورة التنسيق المشترك بين التخطيط الاستراتيجى الذى لم يعد ملائمًا لتطورات المرحلة التى تسير فى اتجاه غير خطى، وبين اليقظة الاستراتيجية التى تبحث عن المعلومة الملائمة ذات القدرة التنبؤية للمساعدة فى اتخاذ القرار المناسب، وهو ما عبرت عنه جليًّا الحكومة المصرية بتأكيد سعيها نحو استكمال مخططاتها نحو التنمية فى مناطق مصر المختلفة، خاصة الحدودية، فبالأمس القريب حرصت الحكومة على ضرورة استكمال مشروع تنمية المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى، مع اقتراح التركيز على إحدى المناطق وهى سفاجا كأولوية أولى، مع استعراض الفرص الاستثمارية والتهديدات المحتملة فى إطار علمى، مستندة على مصفوفة سوات ذات الأربع مجموعات (مجموعة الفرص، مجموعة القوة، مجموعة الضعف، مجموعة التحديات)، مع نقل وبلورة أحداث التنمية المتكاملة عبر تقسيمها لعدة أنشطة سواء صناعية عبر تخصيص الأراضى، أو زراعية بتقسيمها إلى أربع مناطق كبرى أهمها المتاخمة لمدينة قنا، أو سياحية بتقسيمها إلى ست مناطق كبرى مع إبراز أهمية التوجه نحو مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة وأنشطة اللوجيستيات، خاصة ميناء سفاجا الذى يعد أحد أهم الموانئ التى تتمتع بموقع جغرافى فريد وعبقرى، وما يؤكد توطين مفهوم اليقظة الاستراتيجية، ما أقدمت عليه الحكومة من استعراض أهمية التوجه نحو الصحراء الغربية عبر مشروعات قومية كبرى، منها مدينه العلمين الجديدة، محطة الضبعة النووية السلمية لإنتاج الكهرباء، والطرق الدولية كالطريق الساحلى، وطريق وادى النطرون، ومحور روض الفرج، أو عن طريق مشروع القطار الكهربائى السريع: العين السخنة-العلمين-مرسى مطروح، مع الاهتمام بأقدم الواحات السياحية فى مصر، وهى واحة سيوة، بمساحة ٩٤ ألف كم وعدد سكان ٣٦ ألف نسمة فقط.

ما نؤكد عليه أن الأخذ بمفهوم اليقظة الاستراتيجية سيكون هو الإطار الحاكم، الذى سيجعل من الدولة المصرية دولة رائدة فى منطقتها، إذا أحسنت التعامل مع الفرص وتسويقها تسويقًا عالميًّا، ومع التهديدات، فى محاولة جادة لتهذيبها، وضبط إيقاعها بما يتلاءم مع المستجدات الداخلية والخارجية؛ لذا فإن البحث العلمى هو الأساس الحاكم لإحداث النقلة النوعية والمعرفية لمصر الجديدة، عبر تحقيق ميزة تنافسية تبحث عنها الدولة فى التقارير والمؤشرات الدولية الخاصة بالاستثمار، مع وضع حلول لمعوقات الاستثمار الحالية والمستقبلية، وهذا لن يكون إلا عن طريق الأخذ بنظام اليقظة الاستراتيجية، والتى لا يتحرك رادارها إلا عن طريق وجود بيئة عمل ابتكارية، ويقظة سياسة فاعلة تستطيع من خلالها جمع المعلومات، ونشر المعرفة، وبالتالى فهى النظام الأمثل للوصول إلى الهدف القومى 100 مليار دولار صادرات سلعية غير بترولية خلال العامين القادمين.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام