عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تصيبهم بقائمة طويلة من الأمراض النفسية والاجتماعية

الخلافات الزوجية.. تحرق الأبناء

الخلافات الزوجية
الخلافات الزوجية بين الاطفال

«ملك» بنت السبع سنوات: بابا حرمنى من أخويا وبيضرب ماما وبيضربنى وأنا مش بحبه

 

إذا كان ابنك أو ابنتك الصغيرة تكذب أو تتعامل بعدوانية مع من حولها، أو تعانى اضطرابًا نفسيًا أو ضعفًا فى التحصيل الدراسى، فاعلم أنك الجانى الأكبر عليها، فالسبب الرئيسى فى كل ذلك هو الخلافات الزوجية.

الخلافات الزوجية بين الاطفال

وإذا كانت محاكم الأسرة تتلقى يوميًا أكثر من 1800 دعوى قضائية جديدة  يتبادل فيها الأزواج الاتهامات، ويتصارعون بالألفاظ حينًا وبالأيدى حينًا آخر أمام أبنائهم، فمعنى ذلك أن هناك آلاف الأطفال الأبرياء يسقطون يوميًا تحت عجلات الخلافات الأسرية التى تفرمهم فرمًا وتحول حياتهم إلى جحيم بعدما تقتل داخلهم براءة الطفولة.

فمع نطق أول حرف من كلمة «طلاق»، أو مع عزم الآباء النية على الانطلاق نحو ساحات المحاكم لكتابة آخر سطور زواجهما، أو مع إشعال فتيل الخلافات الأسرية بين الأب والأم، يكون الأولاد هم أول الخاسرين وأوائل الضحايا، وتبدأ أولى رحلات ضياعهم وسط قسوة النزاع، ويسددون فواتير خلافات ليس لهم فيها جمل ولا ناقة.

ضغوط نفسية وعصبية وربما تصل إلى الغوص فى دوامة الاضطرابات التى تنهش براءة الأطفال فى مرحلة مبكرة من عمرهم، والتى من الممكن أن تقودهم إلى التشرد تارة أو غياب الاتزان النفسى تارة أخرى، وضعف التحصيل الدراسي، والإدمان عندما يصلون إلى أعتاب مرحلة الشباب.

الخلافات الزوجية بين الاطفال

«سامح»: لو قابلت ابنتى فى الشارع فلن أعرفها ولن تعرفنى بسبب رفض طليقتى السماح لى برؤيتها منذ سنوات

 

وبحسب الخبراء فإن الخلافات الأسرية تهدد الأمن النفسى والاجتماعى للأطفال، وتصيبهم بقائمة طويلة من الاضطرابات بدءًا من الخوف والارتباك وصولا إلى أخطر الأمراض النفسية، وتزداد حدة تلك الضغوط كلما كانت سن الأطفال صغيرة.

وقال الخبراء: إن هناك إشكالية أخرى تزيد من الأعباء والضغوطات جراء الانفصال بين الزوجين أو الطلاق، وهى «حق الرؤية» التى تعد من أكثر مشاكل الانفصال الزوجى تأثيرًا على كيان الأسرة، وذلك لأنها تعصف بالاستقرار النفسى والاجتماعى للأبناء.

وطالب خبراء علم النفس والإرشاد الأسرى بضرورة التصدى للخلافات الزوجية التى تهدد مستقبل الأجيال الجديدة فى مصر، لما تتركه من آثار سلبية وصراعات نفسية خطيرة تسبب انتشار سلوكيات سلبية عديدة، مطالبين بضرورة العمل على مساعدة الأبناء على تجاوز محنة انفصال الآباء والأمهات واتخاذ ما يحقق صالحهم والاحتفاظ بالصورة المثالية للأسرة التى تدعم التربية الإيجابية لهم.

شبح الرؤية

يحكى «أحمد» معاناته بعد انفصاله عن زوجته منذ خمس سنوات، مؤكدًا أن الرؤية شبح حول حياته إلى جحيم هو ونجله، ويقول: «انفصلت وزوجتى وكان ابننا لم يتجاوز عامه الثانى، ووقتها كان قد بدأ يستكشف الأشياء من حوله، ويتعرف عليها، ولم يكن ينطق إلا كلمة «بابا» ثم وقع الطلاق وحصلت على حكم بحق الرؤية لمدة ساعتين فى نادٍ كل أسبوع، وظلت الساعتان هما أقصى وقت يمكننى فيه رؤية ابنى الوحيد».

«سامح» له حكاية أكثر مأساوية، فقد انفصل عن زوجته، وهى لا تزال فى شهور حملها الأولى، وعندها ترك المحافظة التى كان يقيم فيها وانتقل للعمل فى محافظة أخرى.. ويقول «منذ ميلاد ابنتى قبل سنوات وحتى الآن لم أرها»!

وأضاف بحسرة : «أنا عملت إيه عشان أتحرم منها بالشكل ده؟!.. كان نفسى بس تقعد معايا وأشوفها وتشوفنى، ولكن مرت سنوات طويلة لم أرها، ولو عدت جنبى فى الشارع مش هعرف شكلها».

خبيرة إرشاد نفسى: الطلاق يفصل بين الزوجين ويفصل الطفل إلى نصفين

قصة أخرى نسجت مأساتها الخلافات الأسرية، تحكيها «منى» فتقول: بعد زواج دام ٨ سنوات، أثمر عن إنجاب طفلين، «يوسف» و«ملك»، اكتشفت الصدمة الكبرى وهى سقوط زوجى فى بئر الإدمان، حاولت إنقاذه منه دون جدوى، فلم أجد أمامى خيار إلا الانفصال عنه، فرفعت دعوى خلع، وانفصلنا، وتركت منزل الزوجية ومعى ابنتى «ملك» بينما تمسك هو بأن يظل ابنه يوسف معه، فرفعت دعوى رؤية لكى أرى ابنى الذى لم أراه منذ 7 شهور.

إلى هنا انتهت «منى» من سرد قصة صراعها مع زوجها، ولكن ذات القصة تحكيها بمرارة طفلتها «ملك» التى لم تتخط عامها السابع، فتقول ببراءة ممزوجة بحزن لا آخر له: «بابا حرمنى من أخويا يوسف وبيضرب ماما وبيضربنى وأنا مش بحبه عشان بيخوفنى دائمًا».

وأضافت الطفلة «ملك» التى حضرت مع والدتها أمام محكمة الأسرة فى دعوى خلع أمه لأبيها: «بابا بيضربنى أنا وماما عشان بيشرب حاجات وحشة وأنا بخاف منه».

 

تأثيرات خطيرة

الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن

تؤكد الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن، إخصائية الإرشاد النفسى والتربوى، أن الطلاق لا يفصل بين الزوجين فقط بل يفصل الطفل إلى نصفين، نصف مع أبيه والنصف الآخر مع أمه، مما يؤثر عليه من الناحية النفسية.

الخلافات الزوجية بين الاطفال

وأشارت إخصائية الإرشاد النفسى والتربوى، إلى قول الله عز وجل: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان»، مشددة على ضرورة إنهاء الزواج بطريقة حضارية وودية بين الطرفين، وهو ما يجعل الأمر قد يكون فى صالح الأبناء، خاصة عندما تستحيل الحياة بين الزوجين.

وأضافت: «هناك العديد من حالات الانفصال التى يكون الأبناء فيها هم كبش الفداء والضحية الأولى لمعركة خاسرة قد لا تنتهى بين الطرفين، لافتة إلى أن هناك العديد من الأبحاث والدراسات النفسية التى أكدت أن طلاق الوالدين يسبب أثرًا سلبيًا كبيرًا على الصحة النفسية والجسدية للأبناء، كما أنه سبب رئيسى فى مشكلات ضعف التحصيل الدراسى، وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب لدى الأطفال، الأمر الذى قد يدفعهم  لتعاطى المخدرات عندما يكبرون».

 

وتابعت خبيرة الإرشاد النفسى: «الطلاق يُعرّض الأطفال والمراهقين للتوتر والإحباط والشعور بالصراع الداخلى نتيجة لعدم فهم الأبوين لاحتياجاتهم النفسية والعاطفية فى هذه المرحلة الحرجة واستخدامهم لأساليب الانتقام السلبية والتى تؤثر على نفسية الأبناء، ودائمًا يكون لديهم الإحساس بمشاعر الذنب ولوم الذات لشعورهم بأنهم سبب فى الانفصال والمشاكل بين الطرفين».

ونوهت إخصائية الإرشاد النفسى إلى أن الحرمان من الحياة الأسرية الهادئة والمستقرة يثير لدى الأطفال الشعور بالغيرة والمقارنة غير الصحية بينهم وبين الأطفال الآخرين، مما يخلق لديهم حالة عدوانية ضد كل من حولهم، ويعمل أيضًا على انتشار ممارسة بعض السلوكيات الخاطئة كالسرقة والكذب كرد فعل سلبى للشعور بالنقص الداخلى.

الخلافات الزوجية بين الاطفال

وعن كيفية مساعدة مساعدة الأبناء على تجاوز هذه المحنة قالت ريهام عبدالرحمن:  يتحقق ذلك من خلال الحوار مع الأبناء حول قرار الانفصال وأنه اتخذ لمصلحتهم مع ضرورة التأكيد على أن الاحترام قائم بين الطرفين، وتجنب الحديث السلبى على الطرف الآخر أمام الأبناء، فمهما كان الطفل لا يستطيع إظهار مشاعره ولكنه فى كل الأحوال يتمنى الاحتفاظ بالصورة المثالية لوالديه فلا تحرموه من هذه الأمنية.

وأكدت إخصائية الإرشاد النفسى أن الأب له كل الحق أن يرى أبناءه فى أى وقت شاء ذلك، ولكن عليه الحرص أن تكون هذه الرؤية إيجابية يشارك من خلالها فى دعم الطفل نفسيا ومساعدة الأم فى تربيته، مطالبة بضرورة الاتفاق بين الطرفين حول طرق التربية المتبعة من شأنه تعزيز الإيجابية والتفاؤل فى حياة الأبناء.

 وشددت أيضًا على ضرورة الحرص على عدم تجنيد الطفل كجاسوس على الطرف الآخر واستخدامه كوسيلة فى توصيل الرسائل الخلافية بينهما، لأن ذلك  حتما سيؤثر بالسلب على السلامة النفسية والعاطفية للأبناء.

زكريا عبدالمطلب

ومن جانبه، كشف زكريا عبدالمطلب، المحامى بالنقض والخبير القانونى، عقوبة السيدة الممتنعة عن تنفيذ حكم الرؤية، قائلًا: يحق للآباء رؤية أبناءهم فى الوقت التى تقوم المحكمة بتحديده، وفى حالة امتناع الأم عن الذهاب فى الموعد المحدد من قبل المحكمة لأكثر من مرة واحدة، يحق للأب أن يقوم برفع دعوى يطالب فيها بإسقاط الحضانة عن الأم لفترة محددة تقدر من قبل القاضى كنوع من العقاب للأم.

وأضاف «عبدالمطلب»: من الأسباب التى تؤدى رفض دعوى الرؤية المكان الذى قام الأب بتحديده للرؤية، فقد يكون هذا المكان يسبب ضرر نفسى للأطفال أو يكون مكانًا بعيدًا جدًا عن مكان إقامة الأطفال أو يحدد الأب الرؤية فى موعد لا يتناسب مع الأطفال ويؤثر على الانتظام فى التعليم، كما يتم رفض دعوى الرؤية  فى حالة طلب الأب رؤية الأطفال لأكثر من مرة واحدة خلال الأسبوع الواحد، أو فى حالة طلب الأب رؤية الأطفال لمدة أطول من المدة المقررة فى قانون الحضانة الجديد.

وأوضح الخبير القانونى أنه يتم رفض الدعوى فى حالة رفض الأب للحضور فى المكان الذى قامت الأم بتحديده وقامت المحكمة بالموافقة عليه، وامتناع الأب عن الحضور إلى موعد الرؤية الذى قامت المحكمة بتحديده لأكثر من 3 مرات متعمدًا، مشيرًا إلى أنه فى حالة امتناعه عن الحضور يجب أن تقوم الزوجة بتحرير محضر فى القسم الموجود فى دائرة محل الرؤية، مستعينة بشهادة الأشخاص المتواجدين بالفعل فى مقر الرؤية المحدد من قبل المحكمة، وتفيد تلك الشهادات فى إثبات عدم حضور الأب إلى موعد الرؤية.

وتابع زكريا عبدالمطلب: قضية الرؤية تستغرق كحد أقصى ٥ أشهر وفى الغالب لا تستغرق سوى 3 أشهر، فالقضية لا تستغرق أكثر من 3 جلسات، ومن الممكن أن تستغرق جلستين فقط، كما أنه يمكن تنفيذ الحكم فى أى من الحدائق العامة، ويتمكن الأب من تحديد أى من الأماكن الأخرى بشرط أن يتوافر بالمكان المعايير المطلوبة، وتتمثل أهم هذه المعايير في شعور الأطفال بالطمأنينة فى المكان ولا يسبب مشقة أو ضررًا نفسيًا للطفل.