رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

بدعوة كريمة من مؤسسة عبدالحميد شومان العريقة ومنتداها الثقافى النشط قضيت بالمملكة الأردنية الهاشمية أياماً ثلاثة فى حساب الزمن لكنها فى الواقع ومن كثرة ما شهدته من أحداث وندوات ولقاءات وزيارات كانت أكثر من ذلك بكثير!

كانت الدعوة فى الأصل لإلقاء محاضرة فى البرنامج الثقافى للمنتدى حول «الفلسفة بين النظر والعمل» ولما لاحظت أن الفلسفة تواجه صعوبات فى التواجد فى النظام التعليمى الأردنى توقفت كثيراً عند الدور الحضارى للفلسفة عبر العصور، موضحاً أنه لم يكن للحضارة الإنسانية أن تتقدم بدون رؤى الفلاسفة ومذاهبهم التى كانت دوماً تتضمن الدعوة للانتقال من عصر جف نبع الإبداع فيه إلى عصر جديد كانوا هم دائما طليعته والمبشرين بما ينبغى أن يتجه البشر إليه فيه ليواصلوا التقدم، ومن ثم تتطور حياة الإنسان وينعم بمزيد من الاستقرار والرفاة؛ فمن عصر فجر الضمير وبلورة الأخلاق الإنسانية ونشأة المدنية فى مصر القديمة إلى عصر أعمال العقل واكتشاف منطق التفكير الصحيح فى العصر اليونانى إلى عصر التوفيق بين الفلسفة والدين فى ظل الحضارة العربية الإسلامية إلى عصر التفكير العلمى الجديد والفصل بين الدين والدولة واكتشاف الحداثة فى عصرالنهضة الغربية الحديثة إلى عصر الفلسفة التطبيقية التى تعنى اليوم بكل المشكلات الناتجة عن التقدم العلمى المفرط فى المادية والآلية للدرجة التى تهدد بقاء الحياة على وجه الأرض وهذا هو دور فلاسفة البيئة الآن كما هو دور فلاسفة العلم وأخلاقيات البحث العلمى والذكاء الاصطناعى..إلخ. 

لقد تطور الفكر الفلسفى اليوم ولم يعد بحثاً عن قضايا الوجود والماوراء الميتافيزيقية، بل أصبح فكراً يلامس قضايا الواقع المعيش ويسوس حياة الإنسان ليس على الصعيد العام فقط بل وصل إلى ما سمى الآن بالاستشارة الفلسفية التى تستهدف معالجة معاناة الإنسان الفرد ومساعدته فى حل ما يواجهه من مشكلات فردية آنية.. وبالطبع فقد ثارت حول ما قلت مناقشات واسعة آثارها الحضور الذين تنوعت وظائفهم وفئاتهم من الوزراء حتى أساتذة الفلسفة والطلاب وعامة المثقفين، وكم سعدت بتلك المداخلات والمناقشات الواعية المستفيضة التى لم تتوقف إلا بفرمان من الصديق العزيز البروفيسورالفيلسوف د. أحمد ماضى، رئيس الجلسة.

وكم أسعدنى ما لاحظته من التعاون المثمر بين مؤسسة شومان وهى إحدى منظمات المجتمع المدنى المستقلة والجامعه الأردنية الذى كان سببا فى أن ألقى محاضرة ثانية فى مبنى رئاسة الجامعة وتحت رعاية معالى الوزير المحترم البروفيسور نذير عبيدات رئيس الجامعة الأردنية تحت عنوان «الفلسفة والحياة» ليتواصل بعدها النقاش حول أهمية الفلسفة ودورها فى حياتنا اليومية وما زاد من سعادتنى أن كاد الجميع يقتنع فى النهاية بضرورة عودة الدرس الفلسفى إلى نظام التعليم الأردنى بقوة مرة أخرى وأنه من الضرورى أن نلغى من قاموسنا اللغوى الخاص والعام عبارات العداء للفلسفة لأن الفلسفة كما أوضحت فى المحاضرة هى خاصية الإنسان وهى ما يميز نمط تفكيره، فممارسة فعل التفلسف (أى التفكير العقلى) هو الدلالة الأهم على إنسانية الإنسان، وقد أكدت فى نهاية المحاضرة أنه مما يراد بنا كأفراد وشعوب عربية وإسلامية أن نظل مقلدين ومستوردين للنظريات والأفكار والتكنولوجيا وأن يغيب عنا التفكير العلمى والفلسفى ومن ثم نبقى أمة متخلفة غير قادرة على التقدم لغياب القدرة على الإبداع. وكم كانت المداخلات والمناقشات ثرية ومتنوعة ولم تتوقف أيضاً إلا بفرمان من رئيسة الجلسة أستاذة الفلسفة الشابة الواعدة د. دعاء خليل.

وبالطبع لم تخل الأيام الثلاثة من مقابلة واللقاء بزملاء وأصدقاء أعزاء فى الجامعة الأردنية خاصة الصديق الغالى د. عزمى طه وأفراد أسرته الذين صاحبتهم ست سنوات كاملة أيام الإعارة والعمل بجامعة الامارات العربية المتحدة، كما لم تخلُ من جولات سياحية تعرفت من خلالها على معالم كثيرة من مدينة عمان الهادئة الجميلة، لكن كان أهمها حقيقة زيارة البحر الميت والمعالم الأثرىة فى تلك المنطقة، خاصة جبل «تيبو» ومقام النبى موسى وهو ذلك المكان الذى وقف فيه مطلاً على أرض الميعاد كما يقولون، لكن السؤال الذى كان يشغلنى فى تلك الأثناء هو: متى يعود الفلسطينيون الذين استولى المحتلون على أرضهم وهدموا بيوتهم وأحرقوا ضيعاتهم إلى أرضهم المسلوبة من جديد، متى تتخلص فلسطين من الاحتلال ويستطيع الفلسطينيون أن يعيشوا فى دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف آمنين مطمئنين ككل شعوب الأرض؟!

[email protected]