رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

البنية السردية وتداخل الأزمنة في ديوان "مدارج العشق"

بوابة الوفد الإلكترونية

استضاف مساء أمس قصر ثقافة المنصورة ندوة لمناقشة ديوان "مدارج العشق"، للشاعر دكتور سيد أبوالوفا.
ناقش الديوان الصادر هذا العام عن دار ميتابوك، والذي يضم قصيدة "مدارج العشق"، الفائزة بجائزة كتارا شاعر الرسول عام ٢٠١٩، كل من الشاعرة والناقدة الدكتورة رشا الفوال، والشاعر والناقد مهندس محمود الزيات، والشاعر والناقد دكتور محمد عطوة، وأدار اللقاء الشاعر والمترجم ا/ سمير الأمير.

قامت الشاعرة والناقدة دكتورة رشا الفوال بتقديم دراسة بعنوان "البنية السردية وتداخل الأزمنة في ديوان/ مَــدَارِجُ العِــشقِ للشاعر دكتور سيد أبو الوفا"، ونذكر هنا جزءا من تلك الدراسة:

في قصائد الديوان أدى استخدام ضمير المتكلم _الذي يحتفي بالذات الشاعرة في انتقالها من العالم الخارجي إلى العالم النفسي الداخلي _إلى تداخل الأزمنة؛ لأن الكتابة بضمير المتكلم تبرز شخصية الشاعر بوصفه مشاركًا في لحظة ميلاد القصيدة، ربما لذلك ارتكز الزمن على الانطلاق من الماضي الذي تم استحضاره اعتمادًا على آلية(الاسترجاع) إلى الحاضر المعاش.
ولأن فعل(الحكي) يتضمن(قصة محكية)، وشاعرًا(يحكي)، ومتلقي(يُحكى له)؛ فالبنية  السردية في الديوان تمثلت في الحدث، والحوار، والحركة الدرامية، والمتخيل المحكي. 
 وقد تناولت دكتوره رشا الفوال الديوان بالدراسة من خلال المحاور التالية:
أولًا: الحركة الدرامية والمعادلات الموضوعية للذات.
فإذا افترضنا أن الحركة الدرامية في قصائد الديوان آتية من الأبعاد النفسية لذات الشاعر باعتباره صانع الحكاية؛ تلك الأبعاد النفسية التي تجلت من خلال تعبير الشاعر بالأفعال الماضية الدالة على تفاعلات الذاكرة، ثم وصف هذه الأفعال مع إضافة أجواء نفسية مناسبة، كأن توهم الحكاية الذي ساهم في تحول الشاعر إلى راو ينبع الحدث من ذاته خلق معادلات موضوعية للذات كالحزن والألم والحنين والقلق، وأدى إلى انتقاله للديالوجات مع الآخر(الرمزي/ الخيالي/ الواقعي).
معنى ذلك أن فعل الحكي في قصائد الديوان قائم بدور ظلال الحدث؛ ولأن الشاعر من المشاركين في صياغة هذه الظلال، لجأ إلى السرد التشخيصي بعرض الملامح الظاهرة لماضي الفعل من أجل إعادته لبؤرة الحدث في الحاضر، ومن أجل تقريب المسافة بين عناصر الصور الشعرية(اللغة/ العاطفة/ الخيال)، ولأن خطاب الشاعر عن الذات والأشياء وتشخيصها أو تجريدها وصفًا وتفسيرًا يُدخل القصائد في دائرة السرد؛ كان ميله إلى المشهدية الذي تم على ثلاثة أوجه:
الواقع/ المشاهد المتخيلة/ المشاهد المتصلة بأسماء تراثية قد تذهب بالمتلقي لقصيدة: كعب ابن زهير التي يستهلها بـــ بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ، مثال لذلك قوله في قصيدة: يا أيها الشِعر مَنْ فينا الذي نَزَفا؟
"أم أنه الوجدُ مُذْ بانت(سعادُ) وكَمْ
ألقتْ فؤادي على أطلالها أسِفا؟"
والتعبير عن اعتزازه بذاته مستلهمًا مكانة الشاعر العربي: امروء القيس الذي اشتهر بمعلقته التي قالها في القرن السادس، والتي وصفت بأنها من أفضل ما قيل من الشعر العربي وقد نُظمت على بحر الطويل: فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ، فإذا بهذا الاعتزاز يسمو منبسطًا: مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلنْ من خلال المونولوج الذهني، والتساؤل
ثانيًا: تداخل الأزمنة والمتخيل السردي
إذا افترضنا أن الشاعر(السارد) هو الذات الأساسية في القصائد، وهو القادر على إحالة المتلقي إلى المتخيل السردي الذي تم من خلال مزج مكون الوصف بالرمز تارة، ومن خلال مزج صوت الآخر(السارد الضمني) بالمفردات الواقعية تارة أخرى، كان علينا التركيز عليه_أى الشاعر_الذي يواجهنا دائمًا بصيغة ضمير المتكلم؛ لأنه القادر على الوصف وإقامة الديالوجات والإخبار، ربما يبرز ذلك دوره في حركية النص، من خلال الفعل السردي وعلاقات الزمن أولًا، والشخصيات النصية ودورها في التشكيلات الحوارية ثانيًا.
ففي القصائد تتحدد بنية الخطاب من خلال رؤية الشاعر(السارد) مثال لذلك قصيدة: لا مَنطِقٌ عِندي ولا فَلسَفةْ
فنراه يقوم بالإخبار في قوله:
"لا مَنــطِقٌ عِندي ولا فَلسَــفةْ
ولا ادَّعَيتُ العــلمَ والمــعرفَةْ"
ثم التعقيب الذي جاء كالإشارة، التي تهدف إلى إقناع المتلقي بواقعية الحدث في قوله:  
"تـبدو لِيَ الأشــياء في عُمقِها
بســيطةً ليس لها أغلِفـــةْ"
ثم التحليل بالتفسير الذي لا يعني أن الشاعر هو فاعل الخطاب؛ لأن(أنا) السارد الضمني هى التي أحالت المتلقي إلى(أنا) الشاعر(السارد الأول) في قوله:
"وحِكمــتي في القــولِ عُلِّمــتُها
مِن بائعٍ يمــشي على الأرصفـَةْ"
(السارد الضمني) في قصائد الديوان يمكننا اعتباره وجهًا من أوجه السارد الأول(الشاعر) وجوده ضروري من أجل إتمام توهم الحكاية، مع ملاحظة أن الشاعر(السارد) قد يختفي تمامًا خلف(السارد الضمني)، وكأن الشاعر يتوارى خلف صوته الحكائي،لتتضح لنا حركية الذات في مواجهة الآخر من خلال الفضاء السردي أولًا، والمتخيل السردي ثانيًا، معنى ذلك أن تداخل الأزمنة اكتسبت من خلاله قصائد الديوان مشروعية احياء الماضي، ربما لمواجهة الواقع القائم على الصراع بين الباطن والظاهر؛ ولأن الفضاء في النص الشعري يختلف عن الفضاء في الحكاية الروائية؛ فالفضاء السردي في النص الشعري يأتي مجملًا يعتمد على التصوير المكثف_ المتصل برؤية الشاعر التي تتضح من خلال مفردات المكان، ورؤية الواقع النفسي مثل الصراع أو المقاومة_ والمشهد القائم على الحالة باعتبارها مركزًا للدلالة.
 

الدكتور سيد أبو الوفا 
الدكتورة رشا الفوال