رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

مات، وسيموت غيره، كلنا سنموت، فى حادث طريق، فى حريق، أو غريق، أسفل عجلات سيارة أو قطار، فى سقوط طائرة أو على فراشنا بمرض عضال، أو فجأة دون مقدمات، تتعدد الأسباب والموت واحد بموعد لا مفر منه ولو اختبأنا فى بروج مشيدة، أقول هذا بمناسبة حادث الشاب الروسى فلاديمير بوبوف الذى التهمته سمكة القرش فى منتجع بالغردقة، كان سيموت فى نفس الموعد لو كان فى حضن أمه، لكن للأسف إن وقت موته جاء هنا فى مصر، وعلى هذا النحو المريع، لتتصدر صورته والفيديو الذى التقطه له أصحاب القلوب الميتة صفحات التواصل والأخبار فى الداخل والخارج، ولتهتز معها صورة السياحة فى توقيت حساس جدًا لنا اقتصاديًا وسياحيًا.

ودعونا نتصارح، ولا نخفى رؤوسنا فى الرمال، أن أسباب هذا الحادث تشابكت لحدوثه عدة عوامل ومقدمات لا يجب إنكارها وكلها خطأ فى خطأ، فهو ليس الحادث الأول الذى تشهده شواطئنا على البحر الأحمر، ففى يوليو الماضى ماتت سائحتان نمساوية ورومانية بنفس الطريقة بين أنياب القرش، وفى صيف 2018، عُثر على بقايا جثة سائح تشيكى على أحد شواطئ مدينة مرسى علم، وفى 2015 قتل القرش سائحًا ألمانيًا فى مدينة القصير، حقًا تبدو الحوادث متباعدة مما لا تعد معه ظاهرة، ولكن تكرارها بنفس النمط يجعلنا نبحث عن الأسباب.

السبب الأول هو توحش سمك القرش على هذا النحو، فالحقائق العلمية حول القرش تؤكد أنها ليست وحوشًا مفترسة تتغذى على لحوم البشر، بل هى لا تهاجم الإنسان بلا سبب، تتغذى على الأسماك، والثدييات البحرية وعلى كلب البحر، ولكن يمكن أن يتم استثارتها برائحة الدم واللحم فتهاجم الإنسان وهى لا تفرق بينه وبين كلب البحر.

وكل هذا يطرح فرضية كبيرة أن سمكة القرش تم استثارتها، مما أدى لهجومها على الشاب الروسى، ففى مثل هذا الوقت من كل عام، وقبيل عيد الأضحى، تأتى السفن والمراكب محملة بالماشية والأغنام المستوردة من بلدان أخرى، وأثناء الرحلة ينفق بعضها، فيتم التخلص منها بإلقائها فى المياه، وهو ما يوجد رائحة الدم واللحم التى تثير الأقراش، وتحرك لديهم نزعة الشراسة لمهاجمة أى ضحايا تجد حركتهم عنيفة فى الماء من البشر أو غير البشر، ومع المد الجزر، تتحرك هذه المواشى والأغنام النافقة قرب الشاطئ، وهو ما يفسر نزوح الأقراش قرب الشواطئ رغم أن هذا يعرض حياتهم للخطر، وبالتالى يهاجمون أى إنسان يصادفهم ولو على الشاطئ.

ولو كان هذا الاحتمال حقيقة فهنا تقفز مسئولية القوات البحرية، خفر السواحل والإنقاذ البحرى لمراقبة السفن ومنع هذه التجاوزات إنقاذًا للبيئة، وحماية للمناطق السياحية وحفاظًا على أرواح السياح، لأن الرقابة ستمنع السفن من التخلص من الحيوانات النافقة فى البحر، وعلى الأقل سيتم انتشالها بسرعة، وهذا هو الخطأ المصرى الأول، عدم وجود رقابة بحرية محكمة، سواء لمنع أسباب جذب واستثارة سمك القرش، أو القيام بعمليات مسح بحرى لتطهير المناطق البحرية المتاخمة للمنتجعات السياحية من أى خطر.

الخطأ الثانى والذى لا يقل فداحة، هو عدم وجود أبراج مراقب بحرية بتلك القرى والمنتجعات السياحية لتحذير السابحين فى المياه من مناطق الخطر، بجانب عدم توافر رجال إنقاذ ومراقبة على الشاطئ نفسه، رغم أن مهنة المنقذ فى مصر لا تحتاج إلى شهادات جامعية، بل فقط بعض الدورات فى الدفاع المدنى والإسعافات الأولية والإنعاش القلبى والرئوى، ويبدو أن هذه المنتجعات لا تهتم بتوفير مثل هؤلاء، أو قد تقوم بتشغيل أعداد قليلة منهم لتوفير رواتبهم، أما أمن السائحين فهو فى ذيل اهتمامهم.

الخطأ الثالث هو عدم وجود لوحات إرشادية وتحذيرية بعدة لغات على الشواطئ تنبه السائحين من احتمالية وجود أقراش، وتحذر من التوغل فى المياه دون تأمين كافى، وبجانب إرشادات لكيفية التعامل مع سمكة القرش حال مهاجمتها للسائح، أو حال تعرضه لأى خطر آخر أثناء السباحة.

وللحديث بقية.

[email protected]