عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

يرفض هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق أن يرحل فى هدوء.. يأبى الرجل الذى بلغ من العمر أرذله أن يترك العالم يعيش فى سلام.. هو كما هو لم يتغير.. يعشق الصخب الضجيج.. ويضع نفسه دائمًا فى بؤرة الأحداث.. لم تغيره السنوات ولا تقلبات الأيام.. بل زادته قوة وعناداً. 

أكمل كيسنجر عامه الـ100 وما زال شخصية مثيرة للجدل.. تصريحاته الأخيرة أثارت الفزع بين السياسيين.. خاصة عندما حذر من اندلاع حرب أمريكية صينية. 

وكيسنجر هو لاجئ يهودى هرب مع عائلته من ألمانيا عام ١٩٣٨وأصبح بعد ذلك وزيرًا لخارجية الولايات المتحدة ومستشارا للأمن القومى الأمريكى فى عهد الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد.. حصل على جائزة نوبل للسلام رغم إرثه الدموى.. وهو الوصف الذى أطلقه عليه الكاتب فيريد كابلان.. فقد كان العقل المدبر لمجازر تشيلى بقيادة بينوشيه وكانت مجازر ضد الإنسانية.. والأمر نفسه كرره فى الأرجنتين.. ودعم باكستان فى عمليات الإبادة الجماعية ضد بنجلادش.. وكيسنجر عاشق للدم والمجازر والمؤامرات وإسقاط الدول.. قضى حياته فى سبيل شقاء وتعاسة الشعوب. 

ربما كانت عقدة الاضطهاد لكونه يهودياً هارباً من ألمانيا وعمره 15 عاما قد لازمته طوال حياته، ودفعته ليكون أكثر دموية.. أما هو فيرد على ذلك بأنه كان أكثر واقعية. 

ولا ننسى أبداً وقوفه بجانبها وتعويض خسائرها فى المعدات فى أعقاب حرب 73.. ولكن الوحيد الذى أذله وأدبه كان الملك فيصل رحمة الله عليه.. فقد رفض الاستجابة لمطالبه بإنهاء الحظر النفطى وظل الحظر ساريا حتى أبلغ الرئيس السادات الملك فيصل بتغير الموقف الأمريكى. 

بعد كل هذا التاريخ الأسود عاد كيسنجر يطل علينا من جديد يبشرنا بالحرب.. ففى حوار أثار الكثير من الجدل مع وول ستريت جورنالجى بمناسبة بلوغه الـ100 عام قال بالحرف الواحد: أعتقد أن الصين بالنظر إلى قوتها خصم محتمل وخطير للولايات المتحدة، وأعتقد أن هذا يمكن أن يتحول إلى صراع، وأن مشكلة بحر الصين الجنوبى يمكن أن تكون سببا للصراع، وإذا لم نجد طرقا لحلها فلا يمكن تجنب الاشتباكات، وأضاف كيسنجر فى نظرته السوداوية للمستقبل أن الصراع المحتمل بالنظر إلى الأسلحة الحالية يمكن أن يهدد بتدمير الحضارة، وطالب كيسنجر زعيمى البلدين بإدارة سياستهما بطريقة تقلل احتمالية اندلاع الصراع عسكرى بينهما. 

هذه كانت تصريحات كيسنجر.. تحدث وكأن الحرب وشيكة.. تحدث وكأن هناك حالة تأهب قصوى داخل الجيشين الأمريكى والصينى.. تحدث وكأن العالم على موعد مع الفناء. 

فى اعتقادى أن تصريحات كيسنجر ستلحق بتصريحاته السابقة فى دافوس والتى قال فيها إن الحرب الروسية الأوكرانية ستقود العالم إلى حرب باردة بين تحالفات جديدة وهو ما لم يحدث.. 

فقط علينا أن نضع الأمور فى نصابها الصحيح.. فالخلافات الأمريكية الصينية ليست عادية لكنها فى نفس الوقت ليست حرباً ستقع خلال ساعات. 

لقد انتهى زمن كيسنجر وعليه أن ينصرف فى هدوء.