رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإسكندرية.. «عزبة الصفيح».. أموات على قيد الحياة

بوابة الوفد الإلكترونية

قرية «عزبة الصفيح»، كما يسميها سكانها، أو «منشية عبدالمنعم رياض» بحسب وثائق الحكومة، تجد الصغار يلهون فى الشارع، بينما العديد من النساء المسنات أقعدهن المرض، وأيضاً الرجال سقط معظمهم فريسة لمرض «الجذام»، جاءوا من المحافظات المختلفة لتلقى العلاج فى «المستعمرة»، وسكنوا فى هذه المنطقة لقربها من مكان علاجهم، وخوفاً على ذويهم من انتشار المرض بينهم، بل بالأحرى اختاروا هذا المكان منفى لهم، بعيداً عن أهلهم ومعارفهم الذين لفظوهم، بسبب مرض أُصيبوا به، لا حول لهم ولا قوة، عاشوا فى هذا المكان منذ سنوات، وتزوج كثيرون منهم، بسبب شعورهم بأنهم «منبوذون»، ورغم كل هذه المعاناة، فإنهم يشعرون أيضاً بأن المسئولين قد تجاهلوهم، فلا أحد ينظر إليهم بعين الرأفة، إلا القليل من «أهل الخير»، الذين يرسلون إليهم بعض المعونات بين فترة وأخرى، لا تكفى سد جوعهم، وهم لا يطمعون فى «رغد العيش»، وإنما يطالبون بمطالب بسيطة ومشروعة، فكل ما يريدونه أن يعيشوا حياة آدمية، قبل أن تواريهم القبور.

فى البداية قالت السيدة على، أحد سكان عزبة الصفيح، تبلغ من العمر 70 سنة، لا تقوى على الوقوف على قدميها بسبب المرض، يكسو وجهها الحزن والأسى، إنها تعيش فى إحدى «العشش» المسقوفة بالأخشاب، وقالت إنها جاءت إلى هذا المكان مقبلة من محافظة كفر الشيخ، منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لتلقى العلاج بمستشفى الجذام، حيث تعرفت على زوجها، الذى كان يعالج أيضاً بنفس المستشفى، ولم يشأ القدر أن ينجبا أطفالاً لظروفهما الصحية، مشيرةً إلى أنها تعيش بمفردها منذ وفاة زوجها، ويعولها منذ ذاك الحين الجيران وأهل الخير، وكل ما تحلم به قبل مماتها، أن تعيش بين جدران آمنة، تقيها برد الشتاء وحر الصيف.

وأضافت بركة توفيق، 39 سنة، ربة منزل، مقيمة بعزبة الصفيح: مبادرة «حياة كريمة» جاءت لرفع الظلم عن المناطق العشوائية التى ظلت سنوات خارج الخدمة ولا ينظر المسئولين إليها لتصبح خارج نطاق الخدمة التى توفرها الدولة لأهلها، مؤكد أن هذه المبادرة فى صالح المواطن الفقير لكى يصبح له قيمة فى بلده بتوفير الخدمات العامة له والتى تعد أبسط حقوق المواطن مثل الصرف، وتحسين المياه، وبناء المستشفيات، ومراكز خدمية لأهالى القرية.

مضيفة: زوجى توفى منذ شهرين وترك لى ابنا عمره 16 عاما وطفلة سنتان، وابنى يتولى رعاية المنزل وينفق عليه ولا يوجد دخل أو معاش لكى نعيش منه، وقمت بالتقديم فى «معاش الأرامل» لكى أستطيع العيش منه والإنفاق على أبنائى.

وفى ذات السياق قال مصطفى مفيد عبدالعاطى، 31 سنة، عامل، أقيم أنا وأسرتى المكونة من 6 أفراد تحت سقف مهدد بالانهيار علينا نحن نعانى من دخول مياه الأمطار وهطولها علينا من السقف بسبب الأمطار المستمرة التى أدت إلى تآكل الأخشاب، وتسريب المياه إلى الغرف وغرق الأطفال أثناء نومهم والتسبب فى مرضهم بأمراض البرد المزمنة، بالإضافة إلى الشوارع التى أصبحت بركا تتجمع بها مياه الأمطار، كما أننا نطالب بإنشاء وحدات صرف صحى، وتحسين الكهرباء فى المناطق النائية وتوفير بعض الخدمات العامة لأهلها.

وأكد حسان عبدالله، عامل، من أهالى العزية معاناة سكان العزبة الفقر الشديد لعدم وجود مصدر رزق ثابت لأى منهم فأغلبهم أعجزه المرض أو السن عن العمل وأسر كثيرة توفى عائلها وترك الأبناء بلا أى دخل فتسرب عدد كبير من أبناء العزبة من التعليم، ورغم المعاناة تمسكت بعض الأسر بتعليم أبنائها رغم كل الصعاب ويحلم هؤلاء الأبناء أن يغيروا حياتهم ويحسنوا ظروفهم وظروف أسرهم رغم رفض المجتمع لهم، ومنهم ‹سماح› التى تمكنت رغم الظروف القاسية من الحصول على بكالوريوس التربية وقد كان والدها مريضاً بالجذام وتوفى منذ سنوات، وبينما تجلس والدتها لتبيع بعض الحلوى البسيطة للصغار أمام باب المنزل الفقير تجلس سماح داخل الغرفة لتعطى بعض الدروس لأبناء العزبة حتى تساعد فى تعليم أشقائها الصغار فهى لم تستطع الحصول على فرصة عمل حتى الآن.

بينما قال محمود سليمان أحد أهالى عزبة الصفيح لأننى من أهالى العزبة وأعانى من الزيادة الكبيرة لفواتير الكهرباء التى تفرضها وزارة الكهرباء عليهم، مؤكدا أن الفاتورة الشهرية نار تأتى دائما بمبلغ لا يقل عن 600 جنيه متسائلا: كيف أدفع فاتورة كهرباء بهذا المبلغ وأنا راتبى الشهرى 170 جنيها والكارثة أننى لا أملك سوى تليفزيون فقط ولا يوجد عندى الأجهزة التى من الممكن أن أدفع عليها تلك المبالغ الكبيرة.

وأكد خالد قدرى أحد الأهالى أن سوق العزبة يسبب لنا إزعاجا بصفة مستمرة بسبب الباعة الجائلين والمشاجرات اليومية التى تحدث بينهما بالسنج والسيوف يوميا والتى أغلبها ينتهى بجرائم قتل بشعة، مؤكدا أن السوق يعمل على مدار أربعة وعشرين ساعة مما يجعل أطفالنا فى قلق مستمر لم يتمكنوا من المذاكرة والذهاب إلى مدارسهم بسبب المشاجرات التى تجعل الأولاد يعيشون فى قلق وخوف مستمر بسبب هؤلاء.

ويلتقط طرف الحديث ناصر محمد، موظف: نحن نعيش تحت سيطرة البلطجية وتجار المخدرات الذين يقومون ببيع المخدرات فى عز الظهر أمام المارة وأمام أعين الأطفال والكارثة أن العزبة تحولت إلى مكان للاستئجار البلطجية الذين يقومون بافتعال المشاجرات مما جعلنا نعيش فى قلق وخوف ورعب مستمر بسبب هؤلاء الذين يهددوننا بالقتل إذا أبلغنا رجال الشرطة عليهم وبالتأكيد نحن نخاف على بناتنا وأولادنا ولا نقوم بالإبلاغ الشرطة.

ويوضح ناصر تعتبر العزبة من أشهر الأماكن العشوائية بالإسكندرية ولكن لا أحد يهتم بنا منذ عهد مبارك من أعضاء مجلس الشعب أو أعضاء المجلس المحلى الذين يطلقون علينا مصطلح «العشوائيات» ويقومون بشن حملات على المنطقة ولكن دون إيجاد أى حلول للمشاكل التى لا حصر لها عندنا والكارثة أن المحافظة والحى يهتموا فقط بالمناطق الراقية ونسوا تماما أهل العشوائيات ونحتاج إلى بعض من اهتمام اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية حتى ينظر إلينا.

وأضاف محمود سعد، أحد الأهالى: نحن نطالب المسئولين بتجديد شبكات المياه والصرف الصحى المتهالكة والمواسير المكسورة التى تسبب لنا انفجارا مستمرا لمواسير الصرف الصحى التى تغرق منازلنا عند انفجارها مما يهددنا بغرق وانهيار منازلنا وعند انفجار مواسير الصرف تختلط بمياه الشرب مما يجعلنا لا نقترب للشرب من المياه الملوثة.

مشيرا إلى أن دمور شبكات الكهرباء يسبب دائما ماسا كهربائيا فى بعض المنازل حيث إنه قد احترق أحد المنازل منذ فترة ولا أحد يسأل علينا وتقول لنا المحافظة أرسلوا شكواكم إلى معالى المحافظ وهو سوف ينظر إليها ومن المؤكد أنه سوف يتوصل إلى حل قريب.

ثمة معاناة أخرى يرويها على الخزرجى، أحد الأهالى، نحن نعيش وسط أكوام القمامة والحيوانات الميتة التى تصيب أولادنا بالأمراض الصدرية حيث أن معظم أبناء العزبة مصابون بالفشل الكلوى والربو من جراء الرائحة التى تنبعث من القمامة التى لا حصر لها بالمنطقة، مؤكدا أن أهل المنطقة يقومون بإلقاء أكياس القمامة أمام منازلهم لأن المحافظة لم توفر صناديق للقمامة حتى يتمكن الأهالى من جمع القمامة بداخلها.

ويوضح «الخزرجى» أنه لا توجد سيارة واحدة تأتى لجمع القمامة من الشوارع حيث إن القمامة تتراكم أمام المنازل ولم يتم جمعها بالشهور مما يتسبب لنا فى أمراض كثيرة بسبب البعوض وأكوام القمامة.