رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لعل وعسى

تناولنا فى المقال السابق ضرورة حث القوة البشرية خاصة فئة الشباب على المشاركة فى صنع الحياة الكريمة حتى لا يجبروا على حياة قد يصنعها غيرنا، وهى أحد أهم الآليات التى تقوم عليها حروب الجيل الرابع، والتى راجت فى السنوات الأخيرة لوصف نوع جديد من الحروب غير التقليدية، حيث تعرف حروب الجيل الرابع بأنها نوع من الحروب التى تستهدف القضاء على العدو داخليا، بدلا من تدميره عسكريا باستخدام أسلحة وأدوات مختلفة، والتى تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، الرئيس السيسى حذر من أن حروب الجيل الرابع تمثل قضية شديدة الخطورة على أمن مصر القومى، والتى تتصاعد مع خطورة تطور وسائل القتال فى تدمير الدول والقضاء عليها من خلال حروب الجيل الرابع، والتى تعتمد على وسائل الاتصال الحديثة ونشر الشائعات وتحطيم ثقة الناس فى بعضها وقياداتها. لذلك فإن التصدى لحروب الجيل الرابع، تبدأ بإدراك أهمية الوعى وبنائه، لأننا بهذا ننظر إلى غد أفضل، حيث إن المشاركة الفعلية تبدأ من الاهتمام ببناء الوعى، وهو الفهم والإدراك السليم، ويأتى هذا من نشر التعليم والمعرفة والخبرات الفنية، وكذلك إعمال العقل، وبالتالى نجد أننا أمام عملية عقلية يستطيع خلالها الإنسان أن يفهم ويدرك بشكل سليم ليحلل ويقارن لاتخاذ القرار السليم.

وفى كتابه بعنوان «القوة» أوضح «ستيفن لوكس» أن للحرب مفهوما آخر، وهو مفهوم القوة وليست الحرب بالجيوش، وهى كيفية ممارسة القوة بالقوة الفكرية، وهى التأثير فى الوعى، فبدلا أن يذهب عسكرى أو جندى للحرب، تم استبدالهم بكتاب نتأثر بآرائهم فيكون هناك تبعية ثقافية للعدو، وهنا ليس هناك وعى بمن هو العدو، فالعدو كان بالماضى واضحا، أما الآن فالعدو ليس ظاهرا، يؤثر عليك، يجعلك تفقد الثقة بنفسك وبوطنك، وذلك بالتدخل بما يسمى بالوعى الزائف، أو كما نسميه الجدار العازل القائم. وبالتالى فنحن بحاجة ماسة إلى أولا: ضرورة وضع خطوات جريئة من الآن من أجل إنشاء نظم تعليمية شاملة للجميع، تتسم بالمرونة والجودة العالية، وأن تكون صالحة للمستقبل عبر التزام مؤسسات الدولة بتحديد الوظائف المستقبلية فى المنظومة التعليمية، وطبقا لما حدده الرئيس، فالمنظومة التعليمية إن صلحت فمن المستحيل أن يجنى المجتمع عقولا فاسدة، ثانيا: ضرورة ارتباط التعليم بحاجات ومتطلبات المجتمع من ناحية، ومتطلبات العصر والتقدم العلمى من ناحية أخرى، وهو أمر يستلزم قيام الجامعات المصرية وعددها 27 جامعة حكومية بالبحث عن مشاركة حقيقية فى صنع مستقبل الجمهورية الجديدة، بدلا من صراعات قياداتها على سبوبة مخصصاتها. ثالثا: ضرورة السعى نحو حل المشكلة السكانية من جذورها، وهو حل فشلنا فيه طوال أكثر من نصف قرن من الزمان، وهو أمر قد يعيدنا إلى ضرورة البحث عن حلول غير تقليدية لهذه المشكلة المستعصية، فالمشكلة السكانية يجب أن ننظر إليها عبر ثلاثة أبعاد، البعد الأول: خاص بالنمو السكانى، والذى يشكل نموا مطردا مبالغا فيه يصل إلى 2.6%، وهو أكبر من المعدل العالمى الذى يصل إلى 1,2%، وهو أمر أدى إلى الزحف العمرانى على الأراضى الزراعية وتهديد الأمن الغذائى للمصريين، لم نلاحظه على مدار العقود الماضية إلا مع إضطرابات سلاسل التوريد العالمية بعد أزمة جائحة كورونا، والأزمة الروسية - الأوكرانية، كذلك فإن البعد الثانى للمشكلة السكانية مرتبط بسوء التوزيع على أنحاء البلاد، حيث يتركز 97% من عدد سكان مصر فى الوادى والدلتا فقط، بما يعنى أننا نعيش على حوالى 7% فقط من مساحة مصر، ولكن يبقى البعد الثالث فى المشكلة السكانية، وهو الأخطر، والخاص بتدنى الخصائص السكانية، فرغم أن مصر دولة شابة تتميز بوفرة فئة الشباب لكن الخريجين لا يمثلون مطلبا للمجتمع الذى يبحث عن خصائص ترتبط بالعنصر البشرى، استطاعت دول كثيرة مثل اليابان وسنغافورة وماليزيا ورواندا أن تقيم دولتها الحديثة التى لا تمتلك أى موارد أخرى إلا على هذا العنصر المطعم بالعلم والمعرفة، وأخيرا نؤكد أن الكنز الثمين الذى يجب أن نبحث عنه جميعا هو التعليم الذى يرتبط برباعى الحضارة، العلم والعمل والعدل والأمل، لنحقق معه زيادة قوة النسيج المجتمعى، والحد من أوجه اللامساواة فى ظل عالم يواجه مستويات غير مسبوقة منها. لذا فلابد من مواجهة هذا الجدار القائم المتمثل فى غياب الوعى، والمواجهة تكون دون تغافل أو تجاهل، ومن خلال بعض الآليات. أهمها، الاستجابة إلى المتطلبات الاجتماعية، والتشارك مع المواطنين. واليقظة فى تشتيت العناصر المتمردة. وتعزيز الوعى المجتمعى بخطورة تلك الحروب النفسية. كذلك تعزيز سيادة القانون. مع الحرص على شفافية القرارات الحكومية. مع عدم التغافل عن كشف العقائد والمصالح لمحركى أدوات حروب الجيل الرابع أمام الرأى العام. لاسيما بعد أن صارت الحروب عند الأجيال الراهنة أكثر عنفا وأشمل كآبة وتدميرا، بل أسوأ أخلاقا. فتجاوزت التحول النمطى فى المعارك واعتمدت على اختلافات نوعية سوف يلفظها مجتمعنا المصرى بكل تأكيد.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام