رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

فى الوقت الذى يتنصل فيه أبناء العرب من اللغة العربية، ويجنح أغلب الأجيال الصاعدة إلى عوج ألسنتها باللغات الأجنبية تفاخرًا وتشبثًا بمظاهر «التغريب» وكأن هذا أحد مواصفات الرقى والتحضر والانفتاح الثقافى على العالم، تثبت دراسات عالمية هامة أن اللغة العربية من أهم اللغات التى ستظل «حية» خالدة، لأنها تستمد خلودها من القرآن الكريم إلى أن تفنى الحياة وتقوم الساعة، وكما سبق وأشرت لدراسة بجامعة لندن قسم «علم اللغة الكونى» عام 2003، حول اضمحلال معظم لغات العالم البالغة 601 لغة مع نهاية هذا القرن لتسيطر ثلاث لغات، العربية، الإنجليزية، والصينية.

كما نصحت دراسات أخرى فى بريطانيا وفى أمريكا باستخدام اللغة العربية لكتابة وتسجيل الأبحاث العلمية وتسجيل وتوثيق المعاهدات الدولية، كما قامت أمريكا ودول أوروبية عديدة بالكتابة باللغة العربية على منتجاتها من السلع الغذائية وعلى العبوات الخطيرة من مخلفات الأدوية وغيرها، وطريقة التخلص منها بصورة آمنة على البيئة، لإدراكهم أهمية وجود تلك اللغة فى مكونات تعاملات الحياة.

والعديد من الجامعات العالمية الكبرى بها أقسام لدراسة اللغة العربية، منها جامعة «لايدن» بهولندا، جامعة طوكيو ويتم من خلالها ترجمة الكتب من والى العربية، هذا قليل من كثير يدلل على إدراك دول وشعوب العالم المتقدم بأهمية اللغة العربية، فيما نحن أهلها نتبرأ منها تبرؤ المرء من الجرب.

يحدونى الأمل مع هذا الاهتمام العالمى بالعربية أنها بالفعل لن تضيع، ولكن ليس بالأمل وحده تحيا الأشياء الأساسية فى حياتنا، بل بالعمل، لذا مطلوب يقظة قومية عربية لحماية لغة القرآن من محاولات وهجمات التشويه والتغريب، من خلال إصدار قوانين ملزمة للمحافظة عليها، التوسع فى إنشاء مراكز لتعليم القرآن الكريم ومراكز تعليم اللغة العربية، مراعاة صدور المناهج التعليمية والتربويّة بشكل ينشئ الأجيال على حبّ اللغة العربيّة، توجيه وسائل الإعلام لاستخدام ونشر اللغة الفصحى بين الناس.

التوجيه التقنى لاستخدام الطرق التكنولوجيّة الحديثة والمتطوّرة فى نشر اللغة العربية وتعليمها، إصدار نشرات ودوريّات حول اللغة العربيّة، من خلال المدارس والجامعات، تطوير أساليب تدريس اللغة العربية بصورة تتماشى مع العصر من خلال تبسيط القواعد، وتشجيع الطلاب على إجراء البحوث المختلفة فيها، والتركيز على الاهتمام بأثر العولمة عليها فى مختلف الأبحاث، إلزام المؤسّسات المختلفة والمحالّ التجارية باستعمالها بدلًا من اللغات الأجنبية، توجيه مؤلّفى المسلسلات، والمسرحيات لاستخدام اللغة العربية المبسّطة فيما يتمّ تأليفه وعرضه على الشاشات، والحد من استعمال العاميّة فى الصحف، أو الإعلام والإعلانات.

إطلاق وإحياء مشاريع ثقافية وعلمية وأنشطة جادة سواء فى المدارس، أو عبر المؤسسات التربوية والثقافية الأخرى وفى قصور الثقافة، لإحياء اللغة العربية لدى الأطفال والنشء وتحبيبهم فى استخدامها والتواصل بها، وتبسيط عمليات تذوقها، وتوعيتهم بقيمتها ومكانتها، وإطلاق مشروعات ثقافية للشباب تنبههم بخطورة المنزلق الذى يسيرون إليه بتخليهم عن لغتهم الأم، إطلاق جوائز مالية وعينية للأطفال والشباب ممن يتقنون اللغة ويتفوقون بها فى كافة المؤسسات الراعية لأبنائنا.

لا يمكن بكل هذه البساطة واللا مبالاة أن نتخلى عن الضلع الثالث للهوية العربية المكمل للدين والتقاليد، وأن نواصل الانزلاق داخل الأوعية الثقافية واللغوية الغربية، نحن نواجه حربًا شرسة من خلال طوفان العولمة، وعلينا أن نثبت هويتنا فى هذه الحرب، فإما نكون، أو لا نصبح شيئاً على الإطلاق، قبل أن يأتى يوم تجد فيه الأجيال العربية صعوبة حقيقية فى التعاطى مع اللغة العربية سواء شفاهة وإملاء، بعد ضياع التذوق والتدبر لمعانيها، فتنقطع الصلة بين هذه الأجيال وبين التراث والتاريخ العربى المكتوب بأحرف عربية، لتكتمل حلقة التغريب والتشوية ومحو الهوية بتصديق ما سيقرأونه عن التاريخ العربى والإسلامى بلغات أجنبية بكل ما سيدس به من مغالطات وسموم وتشويه، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

[email protected]