رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

ليس هذا عرضًا لأحد الكتب الشهيرة التى أصدرها فى ثمانينيات القرن الماضى المفكر خالد محمد خالد (من هنا نبدأ لا من هناك)، وإنما هى استعارة للعنوان فقط؛ لأن محاولات البدء من جديد يضطلع بها الحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس. من هنا نبدأ تذهب مباشرة إلى الجذور.. إلى تكوين الأسر المصرية والتى طرأ عليها تغير مذهل واجب البحث والدراسة. أصادف كثيرًا من الناس لا يزالون يفكرون فى تزويج بناتهم وفق مفهوم «السترة»! لم يعد هدف الأمهات فقط وإنما هاجس كل الآباء. البيوت التى تزدان بـ«خلفة البنات» لم تعد الحياة فيها مثل «السكر النبات»، لا أقول فوق بركان، وإنما على الأقل مليئة بالمخاوف والتوترات. ليس الحل هنا فى ترديد كلمات «ارم حمولك على الله» -ونعم بالله طبعًا- لكننا أُمِّرنا بأن نعقلها ونتوكل، وألا نلقى بأيدينا إلى التهلكة.

- التهلكة هنا تبدأ من تغير مفهوم الزواج بعد أن كان شراكة ومؤسسة، بات مجرد مشروع قد يكتب على ورقة طلاق! مازلت أذكر تلك السيدة الخمسينية التى لديها خمسة أو ستة أطفال، منهم من خرج من المدرسة ويعمل صنايعى ومنهم من التحق بالتعليم الفنى. لديها «بنوته» فى المدرسة الإعدادية الصناعية، فتاة نحيلة لا تزال خضراء التكوين والمشاعر، وفوجئت بأن السيدة لا يشغل بالها سوى توجيه كل قرش تجنيه لتجهيز ابنتها، ذات الخمسة عشر ربيعا.. خطبها أحدهم، فبدأوا يسخرون كل شىء لأجله: العزومات.. التسالى.. الضحكات التى تنطلق ممزوجة بألم لا يعرف شيئا عنه، فالأم والفتاة تقومان بعمل كبير وشريف فى المنازل لتدبير النفقات، والسترة أمام عريس الغبرة الذى لا يفهم معنى الزواج، ولا يتساءل: هل أستطيع أن أفتح بيتًا؟ ما الذى تفعله والدة خطيبتى كى تفتح بيتها؟ هو لا يعرف ووالد خطيبته أيضًا أن الأم تبذل عمرها من أجل أسرتها بخدمة المنازل! هل لو عرف سيقبل؟ هل هو وخطيبته فى وضع يسمح لهما باختبار مشاعرهما وقناعاتهما، أم يتزوج بحسب فلسفة «أكمل نص دينى..أخلص جيشى واتجوز»!.

حتى فى أوساط مختلفة، فصديقتى تقول بوضوح المسألة بسيطة، «مش مهم أعرف أطبخ.. ماله الأكل الديلفرى».. هو ملزم بشغل البيت، ولازم يجيب حد ينضف»! وتواصل: ممكن ينجح الجواز ويستمر سنتين تلاتة خمسة، بعد ذلك ممكن يبقى فيه انفصال عادى! اسألها: وما مصير الأطفال ثمرة الزواج وهَمُ الانفصال؟ تقول لى: «تتدبر.. أعرف فلانة انفصلت وكان معاها ٣ أطفال»!

البنوتة التى حدثتكم عنها متعثرة دراسيًا، وفسخت خطبتها ونسفت حلم أمها بسترتها المبكرة، فشلت فى ترميم شروخ العلاقة الناجمة عن صغر السن على الحب والزواج والتفاهم. اختلفوا كما يحدث دائما: «ده مجبش الموسم.. ولا الحلق ولا الكردان والمحبس.. بخيل ومقرمط وبياكل كتير وقعدته طويلة الخ!

الأصل هو انفجار البيوت بالأولاد والبنات.. «جهد البلاء كثرة العيال مع قلة الشىء».. ومع هذا فإن كثيرًا من الناس لم ينظروا بوعى إلى بواطن أزماتهم وحقيقة واقعهم، ولا يزال تزويج الصغار من باب السترة من الفضائح، ثمرة للانفجار السكانى، وهو ما يحتاج إلى حوار مجتمعى قائم بذاته، فى بلد يعانى من كل شىء، ومع هذا لم يتغير فيه شىء!