عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«لقد بدأ عصر الذكاء الاصطناعى».. هكذا كتب «بيل جيتس» مارس الماضى، وعلى الجميع التأهب لهذا الحدث والاستعداد لهذا العصر، الذى حذر منه عالم الفيزياء الشهير «ستيفن هوكينج» وقال: «إن تطور الذكاء الاصطناعى يمكن أن يعنى نهاية الجنس البشرى»، ووصفه الملياردير «إيلون ماسك» أحد أهم المستثمرين فى هذا المجال بأنه يشكل خطورة وجودية على البشر.. فما هى مخاطره؟ وهل يجب أن نقلق؟ وماذا نفعل؟.. سنحاول الإجابة معًا فى السطور القادمة.

منذ ثمانى سنوات تقريبًا كان «بيل جيتس» ينتمى إلى معسكر «ماسك» و«هوكينج» وغيرهم من الخبراء فى تخوفهم من مخاطر الذكاء الاصطناعى، وقال نصًا فى 2015 إن العقل الاصطناعى يشكل خطورة على وجود البشرية، فماذا حدث إذًا كى يُغير الملياردير الأشهر بوصلته، ويتحول موقفه جذريًا ليصبح من المدافعين عن فوائده لخدمة الإنسانية، بل ويعارض دعوة مئات الباحثين لحظر تجارب الذكاء الاصطناعى فى جميع أنحاء العالم لفترة مؤقتة؟!

هذا التحول الجذرى فى موقف «جيتس » هو أول خطوة جدية فى طريق القلق، خاصة بعد إعلان «مايكروسفت» مؤخرًا استثمار 10 مليارات دولار فى شركة «أوبن أيه آى» لتطوير أبحاث الذكاء الاصطناعى، وما يؤكد شرعية هذا القلق، أن أصابع اتهام أصحاب نظريات المؤامرة خلال الفترات السابقة، كانت تشير دائمًا إلى «جيتس» بشكل واضح وصريح بعد تنبؤاته وتحذيراته بظهور أوبئة تهدد البشرية.

ثاني هذه الخطوات فى طريق القلق، تلك المخاطر التى حذر منها خبراء التكنولوجيا، ومنها فقدان الوظائف وإحلال «الروبوتات» مكان البشر، كما ذكر تقرير بنك «جولدمان ساكس» بأن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يحل محل 300 مليون وظيفة خلال الفترة المقبلة، ومنها أيضًا انتهاك خصوصية الأفراد، وبيع جميع بيانات المستخدمين واستغلالها، من خلال تتبع وتحليل كل خطوة يقوم بها الفرد عبر شبكة الإنترنت.

إذا كانت تلك المخاطر لا تشغل بالك، وتعتقد أنها تحصيل حاصل، لأن خصوصيتنا منتهكة بالفعل، وأنهم يعرفون من نحن وماذا نحبه وما نفكر فيه، وأن الرزق بيد الله، فإليك ثالث محطات القلق، وهى قدرة هذا العقل الذكى «الروبوتات» على نشر معلومات مضللة وعنصرية، والقيام بعملية الكتابة والتلحين والتأليف والرسم والتصوير، واستنساخ الأصوات وصناعة نسخ رقمية من البشر بضغطة زر وإعطاء الأوامر، وهذا يعنى إبادة عملية الإبداع البشرى، فإذا كانت هذه المخاطر أيضًا لا تثير المخاوف لدى البعض، إيمانًا بأننا نملك العقل الواعى والقدرة على التمييز بين ما هو اصطناعى وما هو بشرى، انتقل معنا إلى الخطوة الأخطر فى هذا الطريق.

المخاطرة الأكثر رعبًا فى تلك المحطات، هى مرحلة زراعة الوعى والإدراك للعقل الاصطناعى، وإنتاج «روبوتات» تحاكى العقل البشرى فى منطقه واستنتاجاته، وتمتلك قدرة التنبؤ بأفعال الآخرين وفهم دوافعهم، «روبوتات» لديها مشاعر ومهارات تحاكى الإدراك الحسى والعاطفى لدينا، وصولًا إلى صناعة «روبوتات» لديها قدرة الوعى بالذات، عن طريق فهم الوعى البشرى ثم تحويله إلى «خوارزميات» وشبكات عصبية داخل «الروبوت»!!

بعد تلك المخاطر التى ذكرناها، ظهرت دعوات تطالب بضرورة وضع قواعد لتجنب مخاطر تحويل الذكاء الاصطناعى إلى سلاح، هذه المطالبات فى ظنى أشبه بـ«النُكت» البايخة المُضحكة أحياناً، لأن التطور العلمى لا يمكن السيطرة عليه، ولنا فى السلاح النووى عبرة، هذا السلاح الذى تطور فى سرية تامة حتى أصبح سيفًا مسلطًا على رقاب أهل الأرض جميعاً، ولك أن تتخيل ماذا يحدث إذا استطاعت قوة عسكرية كبرى تطوير سلاح مصنوع بذكاء اصطناعى واعٍ، ثم أصبح خارج سيطرة صانعيه؟!

فى النهاية.. مع هذا التطور الذى لا يمكن كبح جماحه، ومحاولة التأثير المتبادل بين الآلة والإنسان، بصناعة «روبوتات» تحاكى العقل البشرى، أو زرع شرائح ذكية داخل أدمغة البشر، هل نستطيع الحفاظ على ثقافتنا ومعتقداتنا، هل يمكن حماية تاريخنا وتراثنا من عمليات التزييف والتضليل أو التشويه؟!

ويبقى السؤال الأصعب، ماذا نفعل؟.. لا توجد لدينا خيارات متعددة للإجابة عن هذا السؤال، إما اقتحام هذا العلم والاستثمار فيه، وامتلاك أدواته والمشاركة فى تطوير أبحاثه، وإما التعايش مع الخوف فى هذا العصر بكل مخاطره، منقسمين بين مُستهلِكين، بكسر اللام، أو مُستهلَكين بفتحها، لخدمة أصحابه!!

[email protected]