رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

منذ اندلعت الأزمة الأخيرة فى السودان الشقيق وأنا أحدق إلى شاشات التليفزيون غير مصدق أن هذه الحرب المدرعة التى تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة بما فيها سلاح الطيران تجرى على الأرض السودانية وبين السودانيين بعضهم البعض وفى العاصمة الخرطوم تلك المدينة الوديعة الهادئة، فمن غير المعقول أن ينقلب هذا الشعب المسالم المتحضر ليكون فريسة لهذه المخالب التى كانت ولاتزال تتربص به لتنهش لحمه وتستولى على ثرواته، من غير المعقول أن يقتل السودانى أخيه السودانى بلا ذنب ارتكبه إلا أنه مختلف معه فى الرأى وفى الأجندة الاصلاحية!! إن الأيدى الخفية المتربصة هى بلا أدنى شك وراء كل ما يحدث!!

لقد عايشت الشعب السودانى وشبابه الغض سنوات طوال أيام كانت هناك جامعة القاهرة فرع الخرطوم ورأيت مدى حبهم وولعهم بقيم الحرية والمشاركة السياسية واحترام الرأى والرأى الآخر، وكم كانت محاضراتى هناك فى الفلسفة السياسية وفلسفة التاريخ تلق اهتماما من كل طلاب الجامعه وليس فقط طلاب قسم الفلسفة بمختلف انتماءاتهم الحزبية والسياسية بل والدينية، إنه شعب يعشق الحوار لدرجة أنى لم أجد تجمعا طلابيا هناك صغيراً كان أم كبيراً إلا وكان الحديث عن السياسة حاضرا رغم الظروف الاقتصادية المتدهورة. إن الانسان السودانى غاية فى التواضع والزهد فى مطالب الحياة المادية وهو إنسان غاية فى التحضر ويفيض إنسانية وحباً لأخيه السودانى. وكم رأيت مدى التكافل والتراحم بينهم فى السودان وخارجه، فترى العشرات منهم يتجمعون أمام بيت أحدهم ليتناولوا فطورهم جماعة بلا تكلف، وترى أى بيت سودانى خارج السودان يحتضن العشرات من الغرباء أبناء الوطن مستضيفا إياهم بلا من ولا مصلحة!

ومن المعروف أن السودان يملك من الثروات الطبيعية المتنوعة ما يجعله من أغنى دول العالم وليس أفريقيا فقط، ويمتلك من الكوادر البشرية العالمة والمثقفة ما يجعله قادرا على بناء دولة حديثة متحضرة وقوية فى سنوات عدة، لكن الصراعات الداخلية – غير المبررة – والتدخلات الخارجية الطامعة فى السودان وثرواته والتى من مصلحتها أن يظل الشعب السودانى فى حالة نزاع دائم وفقر مدقع هى التى تحول دون نهضة السودان وخروجه من دوامة الفقر والتخلف!

إن الخروج من دوامة الصراع الداخلى لا يتطلب إلا القضاء على الفتنة وليتوحد الجيش السودانى بأى ثمن تحت قيادته العليا، وليعود الجميع للمسار الصحيح بمواصلة الحوار السياسى بين كل الأحزاب والقوى السياسية، إن نهضة السودان المنشودة ممكنة وفى متناول السودانيين أنفسهم وبيدهم هم وليس بأيادى وتدخلات خارجية وخاصة من تلك القوى الخارجية التى لا يهنأ لها بال حينما ترى بوادر استقرار وتعاون بين الدول العربية فتسعى جاهدة لاستحداث أزمات جديدة تبرر تدخلاتهم وبقاء نفوذهم داخل بلادنا التى عانت كثيرا من استعمارهم وأطماعهم التى لم ولن تتوقف أبداً!

إن السودانيين كما عرفتهم يعشقون الحوار ولا يقلقهم الاختلاف فى الرأى والمواقف وهم قادرون وحدهم – إذا انتبهوا الى خبث الأيادى الخفية التى تحاول تأجيج الصراع من الخارج – إلى لملمة الجراح واعادة اكتشاف الطريق القويم الذى يقودهم بكل طوائفهم وأحزابهم إلى انتخابات حرة نزيهه يحرسها جيشهم الموحد لاقامة دولة ديموقراطية قوية تقودها حكومة وطنية لا تدخر جهدا فى استنهاض كل الهمم واستغلال كل الطاقات البشرية والثروات التى لا حدود لها داخل السودان لاستعادة وجه السودان المشرق ولينال الشعب السودانى الصابر ما يستحقه من حياة كريمة يتمتع فيها بالاستقرار والرفاه لأول مرة فى تاريخه الحديث.

[email protected]