رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

قبل أن تقرا.. ليس الهدف من هذه الكلمات، لا سمح الله، ألا تستخدم تقنية «الجى بى تى» أو الذم فى هذا «الاختراع» على غرار الذين يصلون الليل بالنهار شتيمة فى الغرب الذى اخترع الطائرة فيما هم يجوبون الأفاق ليل نهار أيضا ولا يقبلون سوى الطائرة لأسفارهم!

فـ«الجى بى تى» فى حدود ما تابعته حتى الآن يمثل ثورة بالغة الأهمية فى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى ينذر بتحولات خطيرة ستشهدها البشرية أتصور أنها ستكون مفصلية فى تاريخها. هى على نحو ما وصفها إيلون ماسك «تقنية جيدة بشكل مخيف». وهذا أمر ينبغى أن يحظى بالاهتمام منا حتى نكون مشاركين وليس فقط مستهلكين لهذه التقنية وغيرها من تقنيات هذا الذكاء.

غير أن تحذيرى هنا يأتى من ضرورة التعامل الواعى مع مثل تلك التقنية فى ضوء ما نشهده من الانجرار وراء كل ما هو «موضة» دون تمحيص. ومنطقى فى ذلك أن تلك الأداة قد تتحول كما يتوقع البعض إلى مصدر موازٍ إن لم يكن بديلا لمحرك جوجل البحثى والذى نستقى منه فى الشرق والغرب، معلوماتنا. وآية ذلك ما أشار إليه البعض من أنه تم إعداد رسائل علمية باستخدام الـ «جى بى تى» دون أن يتم اكتشاف ذلك. ليس ذلك فقط بل إن أحد الطلبة الجامعيين ذكر لى أنه وزملاء له استخدموا التقنية فى الغش خلال أحد الامتحانات.

إذن أين تكمن المشكلة؟ فى طبيعة المعلومات التى يمكن أن تقدمها لك هذه التقنية والتى قد يتصور البعض أنه لا يرتقى اليها الشك فيما هى خاطئة أو مضللة ولا يجب أن تتغافل لحظتها أنك تتعامل مع ما أقرب إلى «الروبوت». جربت بنفسى فكانت النتيجة مخيبة للآمال وعلى أساسها جاء هذا التحذير. فقد رحت أسال تقنية «جى بى تى» عن الإمام الشافعى، فعرفته بأنه مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر الأصبحى القرشى. وحينما راجعتها وأخبرتها بأن الإجابة خاطئة سارعت التقنية إلى الاعتذار والإشارة إلى أن الصحيح أن الشافعى هو محمد بن إدريس الشافعى كما ذكرت أنا.

أغرانى ذلك بمواصلة المحادثة ورحت أسألها عن «أولاد حارتنا» فلاحظت خطأها فى حديثها عن البطل الرئيسى فى الرواية والذى ذكرت أنه «عجيب» ولأن ليس هناك أى عجيب فى أولاد حارتنا ذكرت لها أن الشخصية الرئيسية هى الجبلاوى، ولكن التقنية للأسف كابرت وراحت تخطئنى أنا وتذكر لى أن أحمد عجيب هو الشخصية الرئيسية وليس الجبلاوى وأن الجبلاوى ليس سوى اسم رواية للكاتب إبراهيم عبدالمجيد وتذكرنى بأنى خلطت بين روايتين مؤكدة -وهذا نص المحادثة مع «جى بى تى»- أنه فى رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ ليس هناك شخصية تسمى الجبلاوى.

أكدت أيأس من الحصول على إجابة صحيحة، غير أن المدهش أن التقنية ذكرت أن الشخصية الرئيسية هى «على الأصل» لا أدرى من أين جاء ذلك الاسم وعندما أبديت رفضى راحت التقنية تعتذر بأن إجابتها كانت خاطئة مؤكدة أن الشخصية الرئيسية هى محمود عبدالجواد الجبلاوى والملقب لا أدرى كيف بـ«جمال الغيطانى».

انتقلت مع التقنية إلى قضية أخرى تتعلق بجمع القرآن فكانت الإجابة رائعة غير أنها ذكرت أنها تمت بموجب توجيه من النبى. استفزتنى الإجابة فرحت أصحح المعلومة بأن النبى لم يوجه بذلك، فأقرت التقنية بتواضع أنها مخطئة واعتذرت عن ذلك.

من هذه النماذج الثلاثة.. تخيل شخصًا ليس لديه خلفية بالتصحيحات التى تمت وراح يستمد منها معلوماته، ألا يوسع ذلك من نطاق الخطأ المعلوماتى واتساع انتشار المثقفين الجهلاء مع كل الاحترام للجميع. ألا يستدعى الأمر الدعوة لالتزام الحذر مع معلومات «الجى بى تى». مجرد ثرثرة ما بعد صيام رمضان.. وكل عام وأنتم بخير.

[email protected]