رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات


بعيداً عن الكثير من الملاحظات والرؤى التى يمكن أن تقال فى معرض رصد تفاصيل وأبعاد الإقتتال الجارى فى الشقيقة السودان حالياً، فإن الأمر يمكن النظر له على مستوى معين باعتباره نموذجاً معبراً عما يمكن وصفه بفشل الدولة العربية، على خلفية هذه الرؤية ليس المهم تحديد من المخطئ ومن المصيب؟ أو كيف بدأ الصراع؟ أو مآلاته المستقبلية؟ او حتى حجم الأضرار والخسائر الناجمة عنه ماديا ومعنويا على الأخوة السودانيين.. ولكن الاقتتال فى جوهره مؤشر على أنه بعد ما يتراوح بين خمسة عقود وقرن كامل من الإستقلال لمجموع الدول العربية فإن الحصاد النهائى لمسار هذه الدول هو الفشل.. كل دولة لها فشلها الخاص.
بالطبع لم نكن ننتظر هذا الحدث لكى يتأكد لنا مثل هذا الفشل، ولكنه تحول كاشف، على طبيعة سير الأمور والمستوى الذى وصلنا إليه كعرب فى التعامل مع قضايانا. وتبدو المأساة فى حقيقة أننا على مستويات عدة اصبحنا محل ظواهر وأحداث وتطورات ربما تكون انقرضت فى الدول الحديثة ولم يعد لها وجود.. ليس فقط فى أوروبا والدول المتقدمة، على حد قول القائل، وإنما فى دول اقل منا تقدما وكنا نسبقها بكثير.
ليس فى الأمر بكاء على الأطلال ولكنه تعبير عن الأسى على تطور من المتصور أنه كان يجب أن يختفى من قاموس حياتنا السياسية العربية منذ زمن، وهو الإقتتال الداخلى بين اطراف السلطة أو من هم على رأس السلطة الى حد الوصول الى ما يمكن ان يكون حرب أهلية.
رغم جوانب عديدة قد يراها البعض مشرقة، إلا أن الصورة العامة على صعيد الوضع العام للدول العربية ليست كذلك، المشهد العام قد يوحى بالقوة ولكن الكيان العربى العام هش وهشاشته تتخذ مظاهر عدة أبرزها فى الحالة السودانية تفجر الخلاف الى المستوى الذى نشهده حاليا.
بدا لى الأمر مثيرا للدهشة والتأمل فى لحظة عندما سمعت فى إطار تطورات القتال هناك - ليس مهما مصدر الأمر من أطراف القتال -  من يشير الى أنه اقترب من القضاء على قوات «العدو».. تذكرت أننى كنت أسمع هذا التوصيف ولكن فى الإشارة إلى إسرائيل فقط. بدا لى الأمر أكثر إثارة وغرابة عندما قرأت تقارير عن دور لإسرائيل التى كانت عدوا فيما مضى فى تعزيز الصراع على نحو أسفر عن وجود عدو داخلى بدلاً من كونها العدو فى منظور العربى السودانى وغير السوداني.
ضمن مظاهر فشل الدولة العربية الذى نتحدث عنه ونركز هنا على النموذج السوادنى موضع الأخبار هذه الأيام وصول الأمور الى حد استحالة تحقق التغيير الديمقراطى على صعيد تبادل السلطة. التجربة السودانية طويلة ومريرة ورغم أن الشعب السودانى فى مجمله شعب لديه قدر كبير من الثقافة مقارنة بشعوب عربية أخرى إلا أن النتيجة هى ما نرى.

[email protected],com