رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

روائح رمضان، وهذا العبق المفعم بالصور المنمنمة الرائعة كالفسيفساء والتى تعود بنا إلى أجمل ذكريات طفولتنا فيه، وتلك المظاهر التى زخرت بها الأسواق والأحياء من مفردات تختص بها بلدنا لمقدمات هذا الشهر العظيم من ألوان الفوانيس والزينة، وصنوف الياميش والمشروبات والحلوى وغيرها، كل هذا لا يمكن تجاهله أو إغفال بهجته لنضيعه بين ثنايا الغضب من سعار الأسعار، وعدم القدرة الشرائية المتزايدة بين فئات الشعب، لأنى من هواة التفاؤل وصناعة الفرحة ولو بابتسامة فى أحلك الظروف، ومن دعاة عدم القبوع طويلا فى ركن الأحزان ولطم الخدود على ما ضاع وما كان، ومن المنادين بوضع الخطط البديلة لكل الأشياء والاحتياجات فى حياتنا، والاستغناء عما يخنقنا ويكبلنا، وفى الاستغناء حياة.

 

ليس من الضرورى التمسك بكامل التفاصيل التى كنا نفعلها فى السنوات الماضية عندما كانت أوضاعنا المالية الأسرية أفضل، بل يمكن تقليل حجم وكميات الأشياء والمقتنيات، اللجوء إلى البسيط والرخيص منها، فلا نقطع لأنفسنا ولأولادنا عادة الفرحة باستقبال هذا الشهر الفضيل، أن نحول ولائم «عزومات» الإفطار للأقارب والأصدقاء إلى حل بديل، أن تطهو كل سيدة صنفاً واحداً فقط، ويتم تجميع هذه الأصناف على مائدة واحدة تجمع الأهل، وبهذا لا تتحمل أسرة وحدها أعباء الوليمة كاملة، ولا تضيف لنفسها تكلفة لا تتحملها وتضيع فرحة الشهر لأجل يوم واحد، أصبح علينا بالضرورة أن نتبسط، وألا نعقد الأمور، لأننا جميعا على مركب واحد، لم يعد به أى مكان للتظاهر والمبالغة والتفاخر.

أن ندرك أن سر السعادة ليس فى التباهى بالفخفخة وادعاء القدرة المالية ونحن عنها بعيدون بسبب ما نقاسيه من ظروف عامة لم ينج منها أحد، علينا أن نتعاون جميعًا للتشبث بالفرحة ولمة العائلة فى أبسط الإمكانات، ليس المهم طهى طعام مكلف وليس المهم كثرته، فكم من بقايا طعام أهدرناها فى القمامة فى رمضان بسبب الولائم والمبالغة فى إظهار الحفاوة والكرم، الكرم أن تقدم ما لديك لضيفك بقدر إمكاناتك، لا أن تستدين وتضغط حياتك لتكرم ضيفك متأففًا وكارهًا أصلًا لتلك الاستضافة لمجرد أن يقال عنك إنك أكرمت.

فى الواقع ما سردته من أسطر حول رمضان، واستهللت به لجذب الفرحة والسعادة والبحث عنها فى أبسط أحوالنا، وعدم الاستسلام للكآبة والأحزان، وألا نلوك الألم ونترحم على أيام فاتت تمتعنا فيها بالقدرة المالية الأوفر، كل هذا مقدمة لرسالة أرغب فى إيصالها لكل الناس، وهى أن السعادة وراحة البال والشعور بالرضا يكمن بدواخلنا، ويمكننا أن نصنع كل هذا، ونجذبه إلينا بإرادتنا، لنغير من طاقة الكون من السلبية إلى الإيجابية، وهو ما أوصى به الدين، وأكدته كل العلوم الكونية التى بحثت فى تفاصيل حياة الإنسان وعلاقته بالكون، وكيف يصنع هذا المخلوق الذى أورثه الله الأرض سعادته، ويحقق نجاحه، إذا أراد لنفسه هذا.

كتاب قديم قرأت معظمه منذ سنوات طويلة اسمه «السر العظيم» للكاتبة الأسترالية رواندا بايرين، وللأسف لم أكمله عندها، وهى ليست عادتى عندما أبدأ فى قراءة كتاب ما، لأنى لمست بين سطوره حينها بعض الخيال والشطحات التى لم أصدقها فى هذا الزمن، الذى كنت ألهث فيه وراء لقمة العيش وتربية الأولاد والكثير من الأعباء التى لم تمهلنى التقاط أنفاسى والبحث داخل ذاتى عما أريده فعلًا لنفسى، وبين ما وجدتنى مدفوعة بواقع المسئولية لفعله وتجاهل نفسى، ولكن مؤخرًا أرسل لى كاتب روائى فيلمًا حول هذا الكتاب، لأعيد النظر فيه بصورة أكثر نضجاً، فالكتاب والأفلام المأخوذة عنه تطرح أمامنا وبمنطقية مجربة، كيف يمكن للإنسان أن يصنع حياته بصورة ناجحة وسعيدة بإرادته، حتى وإن تكاتفت ضده كل الظروف، وتعقدت كل الأحوال، لأن سر كل هذا يكمن بداخلنا و... للحديث بقية

[email protected]