رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

الكثير منّا تعرض لصدمات من أقرب الناس إليه، ووصل الأمر الى أن الإنسان وجد الراحة فى البعد عن الناس وعدم الثقة فيهم، وأصبح البعض يحذر الناس وهذا ليس بعيب، بل الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- علمنا ذلك، فكان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يخزن لسانه، وهو بين الناس إذا تكلَّم إما أن يرقى، وإما أن يهبط، كان عليه الصلاة والسلام يحذر الناس، ويحترس منهم، من غير أن يطويَ عن أحد منهم بِشْره، وخلقه، فكل منا لا يعرف الآخر إلا فى المواقف والافعال غير ذلك يجب أن تأخذ الحيطة، ولا تثق فى أحدهم إلا بعد مرور مواقف وأفعال والتعرض لخلاف وصدام.

كذلك الحال بالنسبة للعفو فالله سبحانه وتعالى قال: «... والعافين عن الناس»، الكثير يردد هذه الآية فى الأوقات الذى يشعر فيها البعض بالرغبة فى أخذ حقه وعدم مسامحة من ظلمه، ولكن القليل فقط من يعلم متى يكون العفو عن الناس؟ فالعفو عن الناس إذا كان عفوك مُصلحًا لهم اما إذا كان عفوك يشجعهم على متابعة الاذى فلا تعفُ عنهم! رجل وقع بين يدى رسول الله، بكى، وتباكى، بكى عن بناته الصغيرات، فرق إليه النبى، وعفا عنه، فعاد إلى ما كان عليه من التنكيل بأصحاب رسول الله، وهجائهم، ووقع مرةً ثانية، وأعاد قصته مرةً ثانية، توسل إليه، واسترق قلبه، وذكر له بناته، قال : لا أعفو عنك لئلا تقول: خدعت محمداً مرتين! تعفو إذا غلب على ظنك أن عفوك على هذا الإنسان سيصلحه، أما إذا عفوت عنه فتطاول، وتجترئ على الحق، فينبغى أن تكون حازماً معه سيدنا عمر علَّمنا ذلك فقال: «لست بالخب ولا الخب يخدعنى، لا من السذاجة حيث أُخدَع، ولا من الخبث حيث أَخدع»، اى لست من الخبث حيث أَخدَع، ولا من السذاجة حيث أُخدَع،، ليس خبيثاً فَيَخْدَع، ولا ساذجاً فَيُخْدع، تعفو إذا غلب على ظنك أن عفوك على هذا الإنسان سيصلحه، أما إذا عفوت عنه فتطاول، وتجترئ على الحق، فينبغى أن تكون حازماً معه.

 فنحن نعيش وسط مجتمع به العديد من الصفات والأشكال والفئات، فمن المفترض أن هناك علاقة مودة واحترام وتقدير بين الناس ولا يرون الا ابتسامتك، لكن بجانب ذلك لابد أن يكون هناك ذكاء، حيطة، وحذر، فالمؤمن القوى خير عند الله من المؤمن الضعيف، فالمؤمن طيَّب وعنده حسن ظنٍّ بالناس ولكنه ليس ساذجًا، المؤمن فى أعلى درجات اليقظة والحيطة والذكاء، المؤمن كيِّس فطن حذر، الناس لا يحترمون المغفَّل أبدًا،  فلا تكن طيِّبا لدرجة السذاجة، ولا تصدق كل ما يقوله الناسُ، بل صدق الأفعال والمواقف، استخدم دائمًا عقلك ولا تقبل شيئًا الا بدليل، ولا ترفض شيئًا الا بدليل ولولا الدليل لقال من شاء ما يشاء، فالإنسان قبل أن يوقِّع، وقبل أن يقبض، وقبل أن يسلِّم نفسه لإنسان يجب أن يعرفه جيدًا! فطبائع الناس لا تتغير؛ فعود نفسك على تلك القاعدة فإذا كشف الله لك بالمواقف والافعال طبائع الناس، فيجب أن يكون لك رد فعل تجاه تلك المواقف ولا تتجاهل ولا تستمر فى علاقاتك التى كشفها الله لك، بل خذ فعلا من اول رد فعل، وكان النبى -عليه الصلاة والسلام- علاقاته طيِّبة، لكن إذا لم يعرف الإنسان يسأل ويدقِّق، وسيدنا عمر علَّمنا ذلك وهناك واقعة تُحث على ذلك، فسيدنا عمر قال لشخص: ائتنى بمن يعرفك، فهذا الذى طُلب منه جاء برجل، قال له: أتعرفه؟ قال: نعم، قال له: هل سافرت معه؟ قال: لا، قال: هل جاورته؟ قال: لا، قال: هل عاملته بالدرهم والدينار، قال: لا، قال: إذًا أنت لا تعرفه، لعلك رأيته يصلى فى المسجد، قال: نعم، قال: أنت إذًا لا تعرفه، فنشاهد يوما تلو الآخر  آلاف الدعاوى فى المحاكم، أسبابها كلها تَصَرُّفٌ فى سذاجة، سلَّم بلا تيقُّن، أعطى بلا إيصال، أسّس شركة بلا عقد، فالدين حثنا على أخذ الحيطة والحذر وتوثيق العقود وشهادة الشهود، وآية الدين التى هى أطول آية فى القرآن الكريم تحدثت عن ذلك: «إذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ»، وتؤكد ضرورة حفظ المال، ورعايته، وعدم تضييعه من خلال كتابة الدين، والاستشهاد بالشهود، إذا لم يكن هناك عقد، ولا إيصال، ليس معه وثيقة ضدك، يسلب منك حقك!

عضو مجلس النواب