رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هذه السطور تحاول أن تجلى غموضاً فى النظر لبعض الأمور، وأن تحرر بعض الرؤى من أسر الفهم الخاطى، فمن المعلوم من الحياة بالضرورة لكل قاصٍ ودان أن مصر تعيش الآن مرحلة حاسمة فى تاريخها، ملمحها الأساسى طابع الأزمة الذى لا يخفى على أحد أسبابه. ويمكن كلمات الرئيس فى كل وقت وحين تحاول أن تفسر أبعاد هذا الأمر لكى يكون الكل على بينة منه والفهم الصحيح له.

ولكى نزيد الأمر وضوحا نشير إلى أن كلمة الرئيس التى ألقاها فى قمة الحكومات التى عقدت مؤخرا فى الإمارات ربما كانت كاشفة حيث عرض وبكل شفافية، لما يمكن اعتباره، فلسفة الحكم فى إدارة الوضع فى مصر. ليس سرا بالطبع أن نشير إلى أن ذلك جاء فى معرض تفويت الفرصة على من سعوا لكى يسيئوا للعلاقات المصرية الخليجية ومن هنا ربما كان مضمون توجه الرئيس إلى الخليجيين بشكل رئيسى فى كلمته.

من بين الرسائل التى يمكن استنتاجها مما أشار إليه الرئيس ضمناً وصراحة أن أهل مكة أدرى بشعابها وأن الدولة فى مصر تعرف مشكلاتها والتحديات التى تواجهها وأنها وضعت استراتيجيتها على أساس مواجهة هذه التحديات فى وقت واحد. صحيح أنه قد ترد لك أو لغيرك تحفظ على هذا النهج وهذا حقك، ولكن كل دولة لها تصورها لإدارتها لأمور أبنائها ومن هنا تأتى فكرة الدولة.

لكى تصلك الفكرة خذ مثلا أن المواطن يصحو صباحا فيتوجه لكى يغسل وجهه دون أن يعرف أو حتى يفكر فى كيفية وصول الماء إليه على هذه الصورة. يقرر أن يذهب إلى عمله فيركب المترو أو يملأ سيارته بالبنزين دون أن يعرف كيف تم الأمر على هذا النحو. هو لا يدرى مثلا كيف تم توفير ذلك البنزين بيسر وسهولة رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تفرض نفسها على العالم وعلى مصر.

على هذا النحو يمكن لك أن تستوعب فكرة أن الدولة مثل الأب الذى لا يشعر ابنه المدلل بما يقوم به أبوه من توفير كل مقومات الحياة والرفاهية له، ذلك الأب الذى قد يعمل فى مهنة لا تروق له، أو قد يمد يده لخزينة عمله لكى يوفر لابنه ما يريد.

لكن فكرة أن الدولة تعرف أكثر رغم وجاهتها ورغم أنها بديهية أساسية منذ أن نشأت فكرة التنظيم السياسى لإدارة البشر لأمورهم، تجد تسويقا خاطئا من قبل البعض، تصوروا أنهم بذلك يساعدون الدولة فى مسعاها، بما قد يسيء للفكرة فى النهاية، ويجعلها تمثل أو قد تؤدى فى النهاية إلى العقلية التواكلية والقضاء على العقل الناقد. ولعل ذلك يعيدنا إلى ما ذكرناه فى مقال سابق من أن المعرفة ليست بالضرورة هى السلطة، بمعنى أن امتلاك المعرفة ليس كافيا فى كل الأحوال لاتخاذ القرار السليم.

خذ مثلا آخر - باعتبار أن ضرب المثل كما يقول القرآن وسيلة لتقريب الأمور إلى الأفهام - تلك السيدة التى أصابت فيما أخطأ عمر. لقد كان رضى الله عنه الشخصية التى يمكن أن ينسب إليها الفضل، كل الفضل، فى إقامة الدولة بل والحضارة الإسلامية مع كل التقدير لما قام به «الصديق» للحفاظ على دعائم الدعوة. ولكن عمر الذى أنشأ الدواوين و.. و.. إلخ.. وكان يعرف «دبة النملة» كما يقال، أقر رغم ذلك بأنه جانبه التوفيق فيما راجعته فيه تلك السيدة.

إن «المعرفة» لدى المواطن «الصالح» الساعى إلى البناء إضافة للدولة ولمعرفتها وليس خصما من رصيدها، على عكس ذلك المواطن «الطالح» الذى يسعى من خلال منصاته فى الخارج لتأليب البر والفاجر على بلده. بهذا التمييز ربما تستقيم الأمور وتؤول إلى الاختفاء حساسية البعض من نقد البعض الآخر.. ذلك النقد الذى قد يؤدى لمساحة أكبر من رفعة الوطن. حفظ الله مصر ووقاها من كل سوء.

[email protected]