رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

أى مراقب أو متابع للحياة فى مصر سوف يدرك للوهلة الأولى دون كثير اجتهاد أو جهد أن الاقتصاد أصبح هو الشغل الشاغل للقطاع الأكبر من المصريين إن لم يكن لهم جميعاً. كلنا بدون استثناء أصبحنا خبراء اقتصاديين، رغم أن معرفة الكثيرين منا ربما لا تتجاوز ألف باء علم الاقتصاد ولكن للضرورة متطلباتها. صحيح أن الاهتمام بالاقتصاد وحسن إدارته قد يكون طبيعياً على مستوى إدارة الدولة باعتبار أن الاقتصاد أصبح عماد المجتمع، أى مجتمع، ولكن أن يتحول إلى أسلوب حياة، فذلك ما يكشف عن خصوصية اللحظة التى يحياها المصريون.

خذ مثلاً الدولار فى مواجهة الجنيه المصرى، لقد أصبح ذلك الأمر من مقتضيات المعيشة، حتى ممن لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالدولار، ولكن لأن الكل يشعر بتأثر عملتنا بنظيرتها الأمريكية فإن معظمنا أصبح لا ينام دون أن يعرف إلى أين وصل سعر الدولار.. البعض يتمنى هبوطه فى الدرك الأسفل من النار، وآخرون ممن يحوزون تلك العملة الخضراء يتمنون عن غير قصد أن ترتفع إلى عنان السماء، ربما لما فى ذلك من مصلحة ذاتية آنية لا يدركون هول تأثيرها على اقتصاد البلد.

وربما لا يقلل من تغول ذلك الحديث عن الدولار، سوى حديث الشهادات الادخارية، والذى يستأثر بقدر كبير من الاهتمام الشعبى والرسمى باعتباره قد يكون حلاً لمعضلة «الأخضر»، حتى إننى عجبت لما شاهدته أمس الأول من تحول فرع بنك يصدر تلك الشهادات إلى خلية نحل لإنجازها لمن يريد باعتبار أن الثلاثاء كان اليوم الأخير لإصدارها.

أما حديث الأسعار، فحدث ولا حرج. فى تقديرى، وقد أكون مخطئاً، بل أتمنى أن أكون مخطئاً، أن تلك الحالة حالة فريدة أعتقد أننا ربما لم نواجهها من قبل. فالأسعار تعلو بوتيرة لا تتوقف وسوق التجارة والأعمال لا يملك سوى المقولة الأكليشيه المتعلقة بـ«الليستة» - قائمة الأسعار- حتى إنه من كثرتها لم يعد هناك مجال لأن تتمتع إحداها بأنها ليستة قديمة. شخصياً ضحكت بينى وبين نفسى كثيراً عندما رحت أشترك كرتونة بيض منذ أسبوع وعندما رحت أدفع وجدت التاجر يخصم 95 جنيهاً وعندما راجعته فى أن السعر 93 جنيهاً وليس ما خصمه أخبرنى أن ذلك هو السعر القديم وأن الجديد لم يستطيعوا أن يضعوه بعد نظراً لسرعة تغير الأسعار وطلب من العامل وضع السعر الجديد. تذكرت النكتة الفيسبوكية المتعلقة بوجود وظيفة جديدة فى المتاجر لعامل كل مهمته هى تغيير الأسعار بين اللحظة والأخرى!

على هذا الواقع كثر من يمكن توصيفهم بجنرالات اقتصاد المقاهى.. الذين يروحون على وقع الدخان المتطاير من الشيشة يفتون فى أمور الاقتصاد، فيما هم فى حالة أقرب ما تكون للغياب عن الوعى، عندما تشاهد هذه الحالة لا تتعجب من كثرة التنوع فى الأقوال والموضوعات موضع الفتوى بدءاً من العاصمة الإدارية مروراً بقناة السويس وليس وانتهاء بالكبارى والطرق فى أنحاء مصر.. إلى غير ذلك من موضوعات ورؤوس قضايا لا يخلو منها حديث المصريين.

بغض النظر عن أى ملاحظة لك أو لغيرك، فإن منطق الأحوال قد ينتهى بك إلى الإقرار بأن المصريين معذورون، مهما كانت مؤاخذاتك عليهم، فالحمل ثقيل، ووطأة الأزمة الاقتصادية أثقل، وحلقات ضيق الحال تزداد استحكاماً ربما استعداداً لحال الانفراج إذا ما حاولنا إشاعة البشر باستحضار قول الشافعى «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج». قد يكون تعليقك أن هذا كلام غير علمى وهو تعليق صحيح ولكن أحياناً روح العلم لا تكون مطلوبة وحدها، ففى الأزمات الكبرى، يحتل استدعاء الأمل مرتبة الأولوية.. وأظن أن هذا هو حالنا الآن بالضبط!

[email protected]