رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أن تسأل أحد التجار لماذا ترتفع الأسعار ولماذا هذا الغلاء؟ سؤال ليس بالهين، ويتطلب منك شجاعة كافية لتسأله..  لماذا؟.. لأنك ببساطة لا تأمن عواقب اتهام– أو مجرد «التلميح»– بالجشع لأحدهم، وإذا استجمعت قواك وطرحت هذا السؤال، تجد الإجابة شافية وقاطعة وبالفم «المليان»: «مالناش ذنب.. مش بإيدى.. روح شوف مين السبب»، هذه الثقة فى الإجابة قد تضيع عليك فرصة الفضفضة و«التنفيس» سراً أو جهراً أو همساً بالحسبنة عليه!!

هذا الغلاء الذى تراه ضعه فى كفة، وضع رغيف الخبز فى الكفة الأخرى، خصوصاً بعد مبادرة وزارة التموين بطرح فكرة بيع العيش المدعم بسعر التكلفة عن طريق كارت الشحن لمحاربة ارتفاع سعر الرغيف السياحى، لتعود إلى أذهاننا حزمة من الأسئلة.. متى تنتهى أزمة رغيف الخبز؟.. متى يمكن أن يحصل المواطن بشكل بسيط دون تعقيد أوعناء على هذا الرغيف.. متى يمكن أن نحذف هذه الأزمة من قاموس حياتنا ودفاتر همومنا اليومية؟.. ولماذا لم تستطع الحكومات على مدار تاريخ طويل أن تقضى على هذه المشكلة؟.. أهو القضاء والقدر، أم هو المكتوب علينا والمسطور على جبين كل منا؟.. هل باتت هذه الأزمة جزءاً من هويتنا يجب الحفاظ عليها، وأصبحت شعلة مقدسة تتسلمها الأجيال وتسلِّمها لمن بعدها!!

طوفان من الأسئلة قد يطيح بعقليك الباطن والواعى فى انتظار حل، وليس فى انتظار إجابات من أساتذة النظريات الاقتصادية وفلاسفة التبرير والتنظير وسياسة «الشلولو» لمواجهة الأزمات!!

تجربة وزارة التموين الجديدة، وصفها البعض بأنها تجربة فريدة من نوعها، وقبل التفاؤل أو التشاؤم أو الحكم على هذه التجربة قبل تطبيقها، يوجد عدد من الأسئلة التى يجب طرحها من واقع الحياة اليومية لتضاف إلى أخواتها من الأسئلة السابقة.

أول هذه الأسئلة: هل ستقضى هذه الكروت على طوابير الخبز، أم أنها ستزيد من وطأتها، وستشهد المخابز زحاماً أكثر مما هو موجود، ما يزيد من فرص حدوث مشاجرات ومشاحنات أمام المخابز.

السؤال الثانى: يشكو الناس– أحياناً كثيرة– من أن حصة «العيش» الموجود فى المنافذ– «الأكشاك»– المخصصة لتوزيع الخبز المدعوم لا تكفى، حيث تنفد هذه الحصة فى غضون ساعتين على الأكثر، فهل ستقوم الوزارة بزيادة إنتاج عدد الأرغفة، وزيادة حصص كل هذه المنافذ بالتزامن مع طرح هذه الكروت مسبقة الدفع، وكم عدد هذه الأرغفة وعلى أى أساس سيتم احتسابها، أم الأولوية لمن سبق أن حجز مكاناً فى الطابور!!

السؤال الثالث: هل المخابز السياحية أصبحت خارج السيطرة، ليكون عمل منظومة موازية لبيع «العيش» المدعم هو الحل الوحيد للمنافسة وتقليل الأسعار، أم أن هناك ضوابط يجب أن تطبق ويلتزم بها الجميع.

- ختاماً.. وبمناسبة هذا الرغيف الحائر، يحكى الزعيم مصطفى النحاس فى الجزء الثانى من مذكراته فى الفترة «1941- 1952» يقول:

خرجت صباح اليوم لأتمشى فى الصحراء بعيداً عن الزحام، وكان الجو محتملاً، فلمحنى بعض الشباب، وكانوا عائدين من مشاهدة مشاجرة جرت أمام مخبز بحى الكربة، قالوا لى إن جماعة رأوا صبى المخبز يحمل على رأسه خبزاً استخرج من الفرن فهجموا عليه وأخذوه عنوة ووزعوه على المجتمعين أمام المخبز، وشكا الصبى إلى معلمه، فخرج ومعه عدد من العمال واشتبكوا فى معركة، ووقع عدد على الأرض، فداسوهم بالأقدام، وكادت أرواح تزهق، فجاء عمال الإسعاف ونقلوهم بسرعة إلى المستشفى للعلاج.. حادثة تكررت مرات ومرات، فإلى متى نظل على هذا الحال، ومتى يأذن الله بالفرج.

.. ويبقى السؤال الذى طرحه الزعيم مصطفى النحاس منذ 90 عاماً تقريباً حياً.. متى نظل على هذا الحال، ومتى يأذن الله بالفرج.. ومتى نحصل نحن الآن على حل نهائى لهذه الأزمة، بعيداً عن نظريات فلاسفة الاقتصاد وأصحاب نظرية «الشلولو» لمواجهة الأزمات.

فى النهاية.. توفير رغيف خبز لائق وبسعر فى متناول الفقير والأشد فقراً قبل الغنى، هو ستر للحكومة قبل أن يكون هذا الرغيف ستراً لنا.

[email protected]