تحية إلى فؤاد سراج الدين

أستكمل الحديث الذى بدأته من يومين عن عيد الشرطة الذى يعد عيدا قوميا مصريا تعتز به البلاد.

فى 25 «يناير» عام 1952 رفضت الشرطة المصرية فى الإسماعيلية تسليم وإخلاء مبنى المحافظة للقوات البريطانية، بأوامر الوزير الوفدى فؤاد سراج الدين، وأسفرت الاشتباكات عن استشهاد خمسين شرطياً مصرياً وإصابة ثمانية آخرين، ويذكر لنا التاريخ أنه فى هذا اليوم تلقى الضابط مصطفى فهمى تعليمات من فؤاد سراج الدين بعدم التسليم للقوات البريطانية أو إخلاء المبانى امتثالا لتعليمات القائد البريطانى «إكس هام». ودارت معركة الإسماعيلية التى سجلت فيها الشرطة المصرية أروع الأمثلة فى الدفاع عن الوطن. ورغم عدم التكافؤ بين القوات المصرية والبريطانية، إلا أن الجنود أصروا على عدم الاستسلام أبداً.

المعركة التى استبسلت فيها الشرطة دفعت قادة جيش الاحتلال إلى أن يؤدوا التحية العسكرية للشباب من ضباط الشرطة الذين لقنوا بريطانيا درساً لن تنساه أبداً.

تم ذلك تحت قيادة الراحل الكريم خالد الذكر فؤاد سراج الدين، يرحمه الله على كفاحه ونضاله طوال مسيرة حياته الوطنية المليئة بحب الوطن.. يرحم الله فؤاد سراج الدين الذى رحل عن عالمنا فى عام 2000، ويحفظ الله الوطن من كل المؤامرات التى تحاك ضده فى الداخل والخارج، ولا يمكن بأى حال من الأحوال، أن ننسى الدور البطولى الكبير الذى لعبه الزعيم خالد الذكر فؤاد سراج الدين، عندما كان وزيراً لداخلية مصر عام 1952، لقد قاد هذا الرجل العظيم معركة ضد الاحتلال البريطانى فى موقعة الإسماعيلية الشهيرة.. وكثير من الأجيال الجديدة لا تعرف سر اختيار يوم 25 يناير عيداً للشرطة، والحكاية أنه فى 25 يناير 1952 رفضت القوات المصرية تسليم أسلحتها وإخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية.

كانت منطقة القناة تحت سيطرة القوات البريطانية بمقتضى اتفاقية 1936، وكان بمقتضاها أن تنسحب القوات البريطانية إلى القناة، وألا يكون لها أى تمثيل داخل القطر المصرى غير منطقة القناة والمتمثلة فى الإسماعيلية والسويس وبورسعيد، وكانت هجمات الفدائيين ضد القوات البريطانية داخل منطقة القناة تكبد بريطانيا خسائر بشرية ومادية فادحة كل يوم تقريباً دون كلل.. وكان الفدائيون فى هذا التوقيت يعملون دون تنسيق بينهم حتى قام الزعيم خالد الذكر فؤاد سراج الدين وزير الداخلية حينئذ بدور بالغ الأهمية، وهو توحيد صفوف الفدائيين والتنسيق فيما بينهم وتم تكبيد القوات البريطانية خسائر كبيرة بعد هذا التنسيق بين الفدائيين الذى قام به سراج الدين، وكانت منطقة الإسماعيلية فى هذا التوقيت تنقسم إلى قسمين، الأول للحى الأفرنجى ويسكن به الإنجليز، والثانى البلدى ويسكن به المصريون، مما اضطر الإنجليز إلى ترحيل أهالى الحى البلدى، ورغم ذلك ازدادت عزيمة المصريين إصراراً على قتال الإنجليز.

   وقام وزير الداخلية سراج الدين بإصدار التعليمات بقتال الاحتلال، فأصدرت بريطانيا قراراً بإخلاء مبنى المحافظة ومديرية الأمن من الشرطة، لكن رجال الشرطة بقيادة سراج الدين رفضوا القرار البريطانى، وقاوموا بشدة فى معركة يذكرها التاريخ بحروف من نور.

كان فى مبنى المحافظة فى هذا التوقيت الضابط المصرى الملازم أول مصطفى فهمى، وفوجئ بقائد القوات البريطانية بالإسماعيلية «إكس هام»

يطالبه بمغادرة المبنى ومن معه من الجنود والضباط، رفض الضابط وإلى جواره ضابط آخر يسمى عبدالمسيح المغادرة.. ويذكر التاريخ أن عامل التليفون نادى على الضابطين، للرد على التليفون وكان المتحدث هو فؤاد سراج الدين الذى طالبهما بالثبات ورباطة الجأش والاستبسال وعدم ترك مبنى المحافظة وبدأت معركة الإسماعيلية الخطيرة من أجل الكرامة.

منذ هذا اليوم من تاريخ كفاح الشعب المصرى ضد الاحتلال، تم اتخاذه عيداً للشرطة وعيداً قومياً لمحافظة الإسماعيلية.

 رحم الله فؤاد باشا سراج الدين وتحية عطرة إلى هؤلاء الرجال البواسل، الذين يستكمل أحفادهم من بعدهم الحرب على الإرهاب وكل من يريد النيل من استقرار الوطن.

وتحول يوم 25 يناير إلى عيد للشرطة يحتفل به كل عام، كما أنه أصبح عيدًا قوميًا لمحافظة الإسماعيلية.

وللحديث بقية..