رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

سألتنى إحداهن على استحياء: أين الحب فى حياتك؟ واستدركت بسرعة خشية أن أكون قد ضايقنى السؤال: إننا نتمنى أن نراك سعيدا كما كنت دائما، فلقد كنت دائم الابتسام والإقبال على الحياة ونراك الآن دائم العبوس وقد فقدت تقريبا الابتسامة الجميلة التى كانت تميز طلتك الحلوة! فإذا بى أسارع إلى الإجابة وقد عادت الابتسامة المفقودة إلى وجهى: وهل يستطيع الإنسان أى إنسان العيش بدون حب! ولما لاحظت أنها تطلب توضيحا لتلك العبارة المقتضبة أضفت: إن الحب هو إكسير الحياة بالفعل فمن لم يحب لم يشعر حقيقة بطعم الحياة أو تستطيعين القول إنه لم يمر عليها أصلاً! فقد عاش وما عاش، فحياة دون حب هى والموت سواء. ولما نالت هذه العبارة استحسانها تجرأت وقالت: إذن لماذا هربت من الإجابة عن السؤال؟!

قلت: لم أهرب لكننى أعرف أنك تسألين عن نوع واحد من الحب بينما الحب عندى أنواع وأنواع أولها وأجلها حب هذا الوجود وحب تلك الموجودات من حولنا؛ فأنا أحب هذا الكون البديع الذى خُلقنا فيه لنستمتع بجماله وإذا بنا نسعى لتخريبه وتدميره بشتى السبل وأظنك ترين ماذا تخلفه الأسلحة الفتاكة الذى ابتكرها البشر وتنافسوا فى استخدامها وتطويرها فى معاركهم وحروبهم التى لا تتوقف!، وليس بعيدا عن إدراكك ما صنعه البشر ببيئة الحياة نفسها على الأرض حيث قاربت الأرض أن تكون خرابا لا تصلح للحياة ليس فقط للإنسان بل لكل الكائنات الحية! ومع ذلك فأنا أحب كل البشر فردا فردا وكل الكائنات الحية مهما ضأل شأنها وقلّ دورها فلم يخلق الله شيئا عبثا! وقبل كل ذلك وبعده أحب الله الذى أبدع هذا الكون الشاسع بكل خيراته وأحب كل رسله وأنبيائه الذين اصطفاهم ليبلغوا وحيه إلينا. ومن هذا الحب اللا محدود لله وكل مخلوقاته ترين أننى أحب الحب ذاته، فكيف إذن تتخيلين أننى أهرب من سؤالك عن الحب فى حياتى بينما الحب هو كل حياتى وحين أحس لحظة أنه سيغيب عنى أرانى أسرع إلى الإمساك به فى كل صوره كى لا يغادرنى فأموت خلفه بفقد القدرة على الاستمرار فى الحياة؟!

إن كل ما هنالك أننى قد افتقدت منذ فترة حبا كبيرا كان يملأ حياتى وأحسست بعده بفراغ كبير ولم يكن هذا الحب مقصورا على حب زوجتى التى فقدتها منذ ما يقرب من عامين بل صاحب هذا فقد الكثير من الأصدقاء القريبين منى والذين كنت آنس بهم وبمناقشاتهم وبما بيننا من مشاركة فى الأفكار والتطلعات والآمال، ولكن سرعان ما عوضنى الله بأصدقاء آخرين أصبحوا دائمى السؤال عنى ومشاركتى أحداث الحياة بحلوها ومرها!

إن الحياة مراحل ولعل أشدها قسوة على الرجل منا أن يفقد فجأة زوجته – شريكة حياته التى رافقته العمر الجميل كله؛ فلقد كانت حياته قبلها أشبه برحلة بحث عنها ولا شك أنه حين وجدها ارتاح قلبه واطمأن إلى أنه لن يكون وحده بعد ذلك حيث تصبح له -إذا ما كانت أهلا لذلك بحق - الحبيبة والزوجة والأم والأخت الحنون، وكم يكون فقدها بعد ذلك مؤلما وحدثا كبيرا يزلزل أركان حياته التى استقرت على شاطئها زمنا طويلا! ومن هنا فإن سؤالك المفاجئ مثير للشجون وباعث فى ذات الوقت للتأمل.. ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا! بهذه العبارة اختتمت إجابتى على السائلة وإن كان السؤال ذاته بالمعنى الذى قصدته لا يزال يؤرقنى، فهل الحب غاب فعلا عن حياتى؟ بالقطع لا. فلا يزال أحبائى معى وهم لم يغيبوا ولن يغيبوا قط فهم معى فى كل لحظة وإن كنت لم أعد أراهم جسدا فهم بأرواحهم وبأفكارهم وبذكرياتهم الجميلة معى وإن غابوا عن هذا العالم وسبقونى إلى العالم الآخر فسنلتقى بعد حين، فضلا عن أنهم لابد يشاركوننى الآن تجدد الحلم والأمل فى أن أجد بديلا لهم يعيش معى بقية العمر، فالحياة تتجدد كل يوم بل كل لحظة، تتجدد خارجنا وداخلنا، وما دامت تتجدد ونحن فيها فهى أبدا لم ولن تخلو من الحب.