رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يحظى هنرى كيسنجر بسمعة دولية مرموقة كأكثر وزراء الخارجية الأمريكية تأثيرًا فى الخمسين سنة الأخيرة، لقد فر اللاجئ اليهودى هو وعائلته من جحيم النازية، لذلك كانت أطروحة رسالة الدكتوراه التى حصل عليها من جامعة هارفارد هى السلام والشرعية والتوازن، فعمليًا انتهج خط السياسة الواقعية «Realpolitik» فهو رائد سياسة الوفاق مع الاتحاد السوفيتى ومبتكر «دبلوماسية البنج بونج» مع الصين والمفاوض البارع الذى أبرم اتفاق السلام الذى انتشل امريكا من مستنقع فيتنام، لذلك منحته الأكاديمية جائزة نوبل للسلام، بإلاضافة إلى جولاته المكوكية المؤثرة فى الشرق الأوسط والتى كللت باتفاق فض الاشتباك بين القوات المصرية والسورية من جهة والقوات الاسرائيلية من جهة أخرى، وعقب تقاعده قدم إنتاجا غزيرا من الكتب القيمة والتى تتناول التاريخ الدبلوماسى والعلاقات الدولية.

 لا يزال الشيخ الذى سيكمل فى الربيع المقبل عامه المائة حاضر الذهن ومتقد الذكاء، ولم يغب لحظة عن الأضواء، فهو شخصية مثيرة للجدل والاستقطاب فى السياسة الأمريكية.

فقبل عقد من الزمان طرح تصورًا عامًا حذر فيه من الانزلاق لمواجهة غير مجدية مع روسيا، والحرص على تجنب أى صراع حول أوكرانيا، فقد كتب مقالًا عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، مطالبًا إدارة الرئيس باراك أوباما بضبط النفس.

لعدم أهمية أوكرانيا إستراتيجيا للمصالح الأمريكية والآن يحذر إدارة بايدن من شخصنة الصراع مع روسيا واختزاله فى شخص بوتين وانتقد شيطنة الإعلام الغربى لبوتين، وعدّها عملًا غير سياسيًا ودليلًا على غياب الرؤية، وقال إن محاولة الناتو ضم أوكرانيًا للحلف تصرف غير حكيم، نظرًا لأنها تاريخيًا تعد الحديقة الخلفية للإمبراطورية الروسية، وان الاصرار على اذلال روسيا وكسر شوكتها وتفكيكها قد ينعكس على استقرار أوروبا على المدى البعيد، بالرغم من هذه الحرب كشفت عدة حقائق مثيرة، منها عدم قدرة موسكو على التهديد باكتساح أوروبا بالأسلحة التقليدية، لأن القوات الأوكرانية أبلت بلاءً حسنا وفضحت عورة المنظومة العسكرية المتهالكة للقيصر الذى يكاد ان ينفجر نوويًا وهو ما لا يجب ان يحدث مطلقًا.

يؤمن كيسنجر بأن الدبلوماسية هى فن تقييد القوة، وان مهارات السياسة الحقيقية تظهر فى كيفية إنهاء الحروب وليس فى إشعالها، فإذا كان لأوكرانيا أن تبقى على قيد الحياة وتزدهر، فيجب ألا تكون موقعا متقدما لأى من الجانبين ضد الآخر، بل يجب أن تعمل كجسر بين الغرب وروسيا، لذلك ان عاجلًا أو أجلًا يجب أن تبدأ المفاوضات لأننا نحتاج بشدة بعض الحوار، ربما على مستوى غير رسمى، وربما بطريقة استكشافية، خاصة أننا فى بيئة نووية يكون فيها الحوار أفضل من صوت القنابل. 

لذا يقترح خريطة طريق تؤكد على حرية خيارات أوكرانيا، ثم ترتكز على اجراء استفتاء دولى للبت فى مصير الاقاليم التى احتلتها روسيا، ويتم تحديد مستقبل العلاقات الأوروبية الروسية من خلال رسم نظام أمنى عالمى جديد، تحديدًا فى شرق ووسط أوروبا وأن تجد روسيا لها مكانًا تحت الشمس، لأن الاصرار على جعل روسيا عاجزة ومفككة سيطلق العنان للفوضى النووية.