رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 نحو المستقبل

تستوقفنى دوما الفواصل الزمانية بما تتيحه من فرصة للتأمل وحساب الذات فضلا عن أخذ العبر من الأحداث الماضية واستشراف أحداث المستقبل، وكم كتبت فى ذلك وخاصة كتابى «بين قرنين – معا إلى الألفية السابعة»، الذى صدر عام 2000م، ومقالات سنوية سابقة حملت عنوان «بين عامين» وخاصة فى صحيفة البيان الإماراتية، ولا أدرى ما الذى أيقظ الرغبة لدىّ من جديد للكتابة فى ذات الموضوع وتحت نفس العنوان نهاية هذا العام! لعلها الأحداث التى يمر بها العالم شرقه وغربه وتؤثر علينا من كل الاتجاهات فتقلق مضاجعنا فلا نستطيع الاستمتاع بلحظات من الهدوء والسكينة!

إن ما شهده العالم من أحداث مع بداية هذا العام الذى يلملم أوراقه الأخيرة لينصرف عنا غير مأسوف عليه - وبعيدا عن الأحداث الكونية والظواهر الطبيعية والتغيرات المناخية التى حدثت فيه - إنما هى أحداث تبشر بميلاد عالم جديد تحكمه توجهات سياسية جديدة وآليات صراع جديدة بدأت تطل برأسها مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية حيث بدأت تباشير الحرب العالمية الثالثة تبدو فى الأفق مع الرغبة الأمريكية والغربية فى مساندة أوكرانيا بلا حدود وإمدادها بكل أنواع الأسلحة الدفاعية منها والهجومية، وفى المقابل بدا فى الأفق التقارب الروسى الصينى، وفى ذات الوقت بدأت الولايات المتحدة فى الإعلان الصريح عن أن منافسها وعدوها الجديد هو الصين ومن ثم بدأت تحاول تحجيم الصين ووقف بعض صور التعاون العلمى والتكنولوجى والتجارى معها فضلا عن الكشف عن أطماعها فى تايوان ومناوراتها العسكرية حولها، وعلى ذلك بدأت إعادة تزويد الجيش التايوانى بالمزيد من الأسلحة والعتاد!، كما أن الدول التى لم تكن تهتم قبلا بالصراع المسلح وامتلاك آلياته كاليابان وألمانيا بدأت تعيد حساباتها وتغير من سياساتها السلمية وتستعد للصراع!

إن سياسة الأحلاف العسكرية بدأت تظهر على السطح من جديد وعاد حلف الأطلنطى إلى واجهة الأحداث بعد أن كدنا ننساه مع انهيار الحلف المنافس له - حلف وارسو- وتفتت الاتحاد السوفيتى! صحيح أن روسيا لم تعد قائدة لحلف ولم تعد تساندها الكتلة الشرقية كما كان الشأن أيام الصراع بين الكتلتين الشرقية والغربية لكن لا ينبغى أن ننسى أنها مازالت تسيطر على أغلب مقدرات الحلف المتوفى ومازالت الكثير من دول الاتحاد السوفيتى السابق تابعة بحكم الجغرافيا والتاريخ لروسيا الاتحادية! إن عالما جديدا يتشكل أيضا فى أوروبا التى بدأت تسيطر على الحكم فيها أحزاب يمينية متطرفة ذات نعرات عنصرية، وحتى الدول التى لم تنجح فيها هذه الأحزاب بعد لم تعد بعيدة عن ذلك حيث زادت شعبية اليمين المتطرف وظهرت الحوادث الإرهابية ضد المهاجرين والملونين فضلا عن نظرات العداء والاستهزاء والسخرية العنصرية ضدهم! وكل ذلك ينبئ بالطبع عن سقوط القناع الخاص بالدفاع عن حقوق الإنسان والمساواة والحريات حيث بدأت ظواهر التمييز التى كانت مخفية خلفه تظهر على السطح ليتضح لفئات كثيرة فى المجتمعات الأوروبية وأمريكا أن تلك المجتمعات البيضاء قد تخلت عن قيم الإخاء والحرية والمساواة أمام القانون وبدأت تظهر وجهها العنصرى الحقيقى مرة أخرى والذى كانت قد أخفته فى المرحلة ما بعد الاستعمارية! والحقيقة أنه إذا أضفنا ذلك إلى الصور الكثيرة لغياب العدالة والمساواة فى التعامل وخاصة من جانب الدول الغربية الكبرى فى الأزمات الدولية كما ظهر ذلك جليا فى أزمة كورونا وتوزيع اللقاحات وغيرها من الأزمات المصاحبة لها لا تضح لنا مدى الخلل فيما يسمى بالنظام العالمى!.

إن هذه الشواهد التى تزداد وضوحا يوما بعد يوم تؤكد لنا أن المستقبل لن يكون ورديا، لأن شواهد الصراع ونذر الحرب تبدو أكثر وضوحا فى المشهد من محاولات العودة إلى جادة الصواب والدعوة إلى السلام والتعاون!

إن المستقبل يصنعه البشر بأفكارهم وخططهم ثم بأفعالهم، ولما كانت الأفكار والخطط التى يملكها أصحاب القرار خبيثة فإن الأفعال والنتائج ربما تكون كارثية! فاللهم الطف بنا من أفكار وخطط وأفعال كارهى البشر وأعداء الإنسانية! ولعل السؤال الآن: إذا كانت تلك هى صورة المستقبل الضبابية على الصعيد العالمى، فماذا على الصعيد العربى والمحلى؟! ربما يكون ذلك هو موضوع مقالنا القادم إن كان فى العمر بقية.