رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

من جديد، تعود واشنطن لفتح ملف قضية إسقاط الطائرة التابعة لشركة «بان أمريكان» المتجهة من لندن إلى نيويورك فوق بلدة «لوكيربى» فى أسكتلندا عام 1988 والتى راح ضحيتها 259 راكبًا بينهم 190 أمريكيًا. وقبل أيام أعلنت واشنطن أنها بصدد محاكمة الضابط السابق فى المخابرات الليبية «أبو عجيلة مسعود» 80 عاما، بتهمة اشتباهه فى تصنيعه القنبلة التى أدت لتفجير تلك الطائرة، برغم كل الحقائق التى أثبتت عدم تورط الجانب الليبى فى تلك الجريمة. أما الغريب فى الأمر، فإن إعادة فتح هذا الملف، قد تم بطلب من حكومة طرابلس، وفقا لما نقل عن سلطات التحقيق الأمريكية. وكانت أسرة «مسعود» ومحاميها قد وجهت لحكومة طرابلس المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة تهمة اختطافه من منزله بواسطة قوة عسكرية تابعة لحكومتة، وتسليمه للولايات المتحدة. وهو ما اضطر «الدبيبة» للاعتراف به، فى كلمة عبر التليفزيون، مؤكدا أن حكومته هى من سلمته لواشطن، بزعم مطالبة الإنتربول الدولى بالقبض عليه، وسعيا كما قال لاستقرار ليبيا، ومحو صفة الإرهاب عن شعبها!

عمقت القضية الانقسامات فى الساحة الليبية، التى تشهد حربا أهلية متواصلة منذ سقوط نظام القذافى قبل أكثر من عقد، وليس هناك أفق يلوح على قرب نهايتها. وهى لم تجلب استقرارا كما زعم الدبيبة، بل طرحت علامات استفهام كثيرة حول مبرارات تلك الخطوة الملغومة، والتى تتعارض مع اتفاقات التسوية التى سبق إبرامها مع «معمر القذافى».

 ووفقا لتفسيرات خبراء فى القانون الدولى، فإن الدولة الليبية فى عهد القذافى، لم تعترف بمسئوليتها عن تفجير الطائرة، بل قبلت بدفع التعويضات لأن المتهمين قضائيا بتفجيرها، يحملون جنسيتها، ولأنها كانت تسعى لرفع العزلة الدولية والعقوبات الأمريكية التى كانت مفروضة عليها. وعقب صدور الحكم بإدانة الليبى «عبد الباسط المقرحى» كشف بعض المسئولين السابقين فى وكالة المخابرات الأمريكية عددا من الحقائق، تؤكد أن شبهات الأحكام القضائية التى أصدرتها محكمة العدل الدولية بحق المتهمين بالمسئولية عن تفجير الطائرة غير كافية وليست مؤكدة، موجهين إصبع الاتهام إلى إيران والجبهة الشعبية الفلسطينية القيادة العامة التى كانت تتخذ من سوريا مقرا لها، ردًا على إسقاط السفن الحربية الأمريكية طائرة تجارية إيرانية، برغم دعم إدارة ريجان آنذاك لها، فى حربها ضد العراق أثناء حرب الخليج الأولى!

فى عام 2003 وقعت حكومة القذافى فى لندن اتفاقا مع ممثلى ضحايا الطائرة لدفع تعويضات بلغت 2.8 مليار دولار، لأسر الضحايا ولشركة الطيران الأمريكية. وفى عام 2008 أصدر الكونجرس الأمريكى قانونا، بعد اقتراح من نائبه آنذاك «جو بايدن» بتحصين الممتلكات الليبية والأفراد من الحجز أو أى إجراء قضائى. وفى نفس العام أصدر الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن مرسوما، يقضى بالتزام واشنطن بإغلاق أى قضايا من قبل عائلات الضحايا أمام المحاكم المحلية أو الأجنبية.

لا ندرى فى أية ساحة دولية منصفة، يحق للشعب الليبى التظلم من أحكام مشكوك فى مصداقيتها وقانونيتها كبدته عزلة امتدت نحو عقدين، وعقوبات حملته عناء فى التنقل والسفر والعيش الكريم، فضلاعن دفع 2.8 مليار دولار من أمواله. لكن المؤكد أن العودة مجددا لفتح ملف تلك القضية ينطوى على ألاعيب سياسية، لا تخفى على عين فطن، ولا علاقة لها بالقانون الدولى. «الدبيبة» يسعى من جانبه بتسليم مواطنه، لنيل الدعم الأمريكى لتأبيد بقائه فى السلطة المنقسمة بين طرابلس وبنغازى. أما إدارة «بايدن» فلا بأس لديها من الحصول على بضعة مليارات أخرى من ليبيا، وتعود من خلال ذلك للعب دور أكبر فى الساحة الليبية، بجانب الأوروبيين والأتراك، وهى تخطط للتصدى للنفوذين المتصاعدين لكل من الصين وروسيا فى القارة الأفريقية. والمؤكد دائما أن الشعب الليبى يظل ضحية للطرفين: الاستبداد الداخلى والأطماع الاستعمارية الخارجية.