رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لا شك أن العرب جميعًا يشعرون بالسعادة والفخر الآن لأن المنتخب المغربى قد تخطى المنتخب الأسبانى ببراعة واقتدار وعبر إلى الدور التالى من مسابقة كأس العالم، لكن الغريب أنهم يعتبرون ذلك مفاجأة المفاجأت ولا يصدقون حتى الآن أن المنتخب المغربى فعلها عن جدارة واستحقاق وبجهد وعرق لاعبيه الأبطال وبتخطيط وقيادة مدرب وطنى عظيم يدعى وليد الركراكى!. وهنا أتوقف لأتساءل: لماذا دائمًا لا نصدق أنفسنا حينما نحقق انجازا مهما فى أى اتجاه ونعتبر أنه استثناء لن يتكرر أو من الصعب الحفاظ عليه ؟! بل والأغرب أنه سرعان ما يحدث الانهيار بعد ذلك لنتباكى على ضياع الفرصة التى كانت سانحة للتقدم!! ثم نقنع أنفسنا  بعد هذا وذاك أنه لم يكن فى الإمكان أبدع مما كان ؟!!

إنها ثقافة التراجع والهزيمة أمام الآخر والاحساس بالدونية أمامه، وكم كان المفكر الجزائرى الشهير مالك بن نبى على حق حينما صك مصطلح «القابلية للاستعمار» للتعبير عن قابلية العرب للهزيمة أمام الآخر بحجة أنه الأكثر تفوقا وتقدما والأكثر ثراء وقدرة. والحقيقة أننا لسنا أقل من أحد؛ فالتقدم الذى حققوه نحن أجداده وأصحاب الفضل فيه، والتفوق الذى يدعونه  ميراث انسانى عظيم شارك كل البشر فيه ولازالوا يشاركون فى صنعه، وان كانت ادارته اليوم بيد الغرب بقيادة أمريكا  فقد تؤول ادارته غدا بيد الشرق بقيادة الصين.

 إننا ينبغى أن نتخلص من عقدة التفوق الغربى فى كل شيء حتى فى كرة القدم ! فما حققته أصغر دولة عربية فى تنظيم بطولة كأس العالم فاق ما حققته أعظم دول العالم فى البطولات السابقة، وإذا كانوا قد سخروا قبل ذلك من قدرة قطر على استضافة هذه البطولة الكبرى، فهم فيها الآن يستمتعون أيما استمتاع بتشجيع فرقهم فى البطولة وما كانوا يتصورنه نقيصة  انقلب إلى ميزة تميز هذه الدورة ؛ فقد قالوا البلد صغيرة ولا تتحمل! وها هى تتحمل، وأصبح بإمكان كل من يريد مشاهدة أكثر من مباراة فى اليوم يتاح له ذلك بسهولة ويسر لقرب الاستادات التى تلعب عليها المباريات من بعضها، وقالوا إن البطولة لا يمكن أن تقام فى ظل شدة الحرارة وها هى تقام فى الشتاء وفى استادات مكيفة رائعة التجهيزات، وقالوا بأن الجماهير لن تقبل عليها بالقدر الكافى وها هى أعداد الجماهير الغفيرة تملأ المدرجات بأعداد غير مسبوقه!! وكم كان رائعا من قطر أن تصر على تطبيق قوانينها على كل من أراد الحضور والمشاهدة والتشجيع، فلا مخمورون  ولا عرايا أومجانين كرة ولا تحرش فى الملاعب أو خارجها كما كان يحدث فى الدورات السابقة. إن قطر دولة عربية اسلامية ويجب أن تُحترم تقاليدها وقوانينها، وقد حدث ذلك وطبق على الجميع  بامتياز!

وكما تغلبت قطر على ماكان صعبا بل مستحيلا، قهرت المنتخبات العربية والافريقية  كل المستحيلات ؛ فقد هزمت السعودية الارجنتين القوة الكروية الكبرى بقيادة ميسى، وانتصرت تونس على فرنسا بطلة العالم فى النسخة الماضية، كما انتصرت الكاميرون على البرازيل المرشحة الأولى دائما للفوز باللقب وغير ذلك مما عُد فى نظر البعض مفاجأت وماهى بذلك فى اعتقادى!، إنها عدالة الكرة وقوانينها الشفافة التى تقضى على التمييز وصناعة الأساطير! وها هى المغرب تقهر المنتخبات الأوروبية واحدا بعد الآخر لتتصدر مجموعتها وتعبر الى دور الستة عشر بدون هزيمة ودون هدف يدخل مرماها من لاعبى الفرق المنافسة، ثم تواجه أسبانيا بكل نجومها وتاريخها العريق فى كأس العالم وتقهرها بعد مائة وثلاثين دقيقة بثلاثية مستحقة فى ضربات الجزاء الترجيحية بفضل حارسها العملاق وثبات أعصابه الفولاذية ومهارته الفائقة فى صد ضربات الجزاء! ولست من أنصار أن المغرب قد حققت المطلوب ببلوغها هذا الدور المتقدم وكفاها ذلك فخرا!! بل أتمنى أن يواصل الفريق المغربى جهوده الخلاقة وابداعاته الكروية مستحضرا عزيمة الرجال وصلابة الأبطال فى المواجهات القادمة مستهدفا الحصول على أول «كأس عالم»  يحرزه العرب فى تاريخ المونديال! وليتحول شعار العرب وثقافتهم من الآن فصاعدا من «القابلية للاستعمار والهزيمة» إلى القدرة على تحقيق  «التقدم والانتصار»! فهل تفعلها المغرب ؟!.. لم لا.. ولديها كل امكانات ذلك.