رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

فى الوقت الذى تحتفل فيه معظم الجمعيات الفلسفية على امتداد وطننا العربى الكبير باليوم العالمى للفلسفة لاهثة وراء اقناع الناس بضرورة الفلسفة وأهميتها للانسان فى بحثه عن حقيقة الوجود وتطوير منظومة حياته الأخلاقية والسياسية.. الخ.، تخطو الجمعية الفلسفية المصرية خطوه جبارة نحو تجذير دور الفلسفة فى حياة الانسان وقدرتها على حل مشكلاته ليس فقط على صعيد الوجود العام، بل فى اطار حياته اليومية ومشكلاته الحياتية حيث تعقد مؤتمرها الدولى السنوى بالتعاون مع قسم الفلسفة وفى رحاب جامعة القاهرة تحت عنوان « الاستشارة الفلسفية والعلاج بالفلسفة « اعتبارا من السبت القادم الموافق العاشر من ديسمبر على مدار ثلاثة أيام، ويتحدث فيه أكثر من ستين أستاذا وباحثا متخصصا من مصر والعالم العربى وبحضور مجموعة من الخبراء  الأجانب وبالذات من ايطاليا حيث سيدور الحديث من الجميع حول الدور التطبيقى للفلسفة فى حياة الانسان وما يمكن أن يقدمه الفيلسوف لنفسه ولمجتمعه. وسيعرض هؤلاء الخبراء لتجاربهم الحية فى الاستشارة الفلسفية والعلاج بالفلسفة مع محيطهم الفردى والاجتماعى حيث تنامى منذ بدايات هذا القرن دور المستشار الفلسفى ليس فقط على مستوى الحوار مع المترددين على العيادات الفلسفية وحل مشكلاتهم الفردية، بل وأيضا على مستوى الهيئات والشركات التى بدأت تعى أهمية وجود المستشار الفلسفى داخل الهيئة أو الشركة!!

كل ذلك ونحن هنا فى عالمنا العربى لا نزال  نحارب الفلسفة ونتصور أنها الطريق إلى كل ما هو خبيث، ولا نزال نتصور أنها ضد الدين !! وتقذف بصاحبها فى طريق الإلحاد والضلال !! بينما الحقيقة أنها الطريق الملكى للإيمان كما قال القديس كلمنت السكندرى مع بدايات ظهور المسيحية فى الاسكندرية القديمة أو كما قال فرنسيس بيكون أول فلاسفة العلم فى العصر الحديث. وبين هذا وذاك أكده فلاسفة الاسلام فى العصر الزاهى للحضارة العربية الاسلامية حينما أعلن ابن رشد «أن الحق لا يضاد الحق» وأن العقل والوحى مصدرهما واحد وهو الله سبحانه وتعالى.

وبعيدا عن هذا الدفاع عن الفلسفة من منظور دينى، فإن دور الفلسفة والفيلسوف أصبح أساسيا فى عصرنا الراهن  إذ أن العصر أصبح  عصر التقدم العلمى والتكنولوجى المذهل الذى من شأنه أن يلقى  على الانسان  الكثير من المشكلات والمسئوليات الأخلاقية  التى تجعله لا يتوقف عن التساؤل ازاء صورة المستقبل الذى سيواجهه !! وكيف يحمى نفسه من الآثار السلبية لهذا التقدم العلمى وتكنولوجياته ؟! وكيف يمكن توجيه  هذا التقدم ليخدم الانسان ويحافظ على هويته وانسانيته ؟!

وبعيدا أيضا عن هذا الدفاع عن دور الفلسفة وضرورتها فى توجيه دفة التقدم العلمى للانسان للحفاظ على بيئة الحياة المناسبة له وللكائنات الحية الأخرى، فإن  الدور المتنامى لها فى خدمة الانسان الفرد ومشكلاته الفكرية والحياتية أصبح فى غاية الأهمية ؛ لأن الكثير من هذه المشكلات التى يُنظر إليها خطأ على أنها مشكلات نفسية وتوصف على أنها أمراض نفسية إنما هى فى واقع الحال مجرد هزات فكرية تمر بالانسان فى لحظات كثيرة من حياته ويكون عاجزا عن ادراك كنهها بشكل صحيح فيتجاهلها  أو يتخذ ازاءها قرارات متسرعه تسبب له الكثير من المشاكل فى حياته. وكم يكتشف الفرد مدى بساطتها لو أنه عرضها وناقشها مع ماندعوه بالمستشار الفلسفى !، فالعيادات الفلسفية أو مراكز العلاج بالفلسفة ليست أماكن لاستقبال المرضى بل هى مراكز لاستقبال الأصحاء والتحاور معهم فيما يعانونه من مشكلات تعقد حياتهم وتضيق بها صدورهم، فهؤلاء ليسوا مرضى ولا يحتاجون للذهاب  للاستشاريين النفسيين ولا للمصحات النفسية، بل هم فقط فى حاجة للتحاور مع انسان راجح العقل يمتلك الرؤية الشاملة  لحقيقة الانسان وطبيعة مشكلاته وقادر على تحليل المشكلة الفكرية وتفكيكها وردها إلى عناصرها الجزئية البسيطة حتى تتضح أمام صاحبها فيتخلص منها ويتجنب تداعياتها، وهذا هو – كما قلنا –  المستشار الفلسفى  وهذا هو دوره، إنه لا يعالجك من مرض بل يحميك من الوقوع فيه!!

هذه لمحة سريعة عن الاستشارى الفلسفى أو المعالج بالفلسفة (أى بالحوار العقلى وليس بالعقاقير)، إنه دور جديد – قديم للفلسفة وهو دور لو تعلمون عظيم يقى الفرد والمجتمع من الكثير من المشكلات التى تعوقه عن الاستمتاع بالحياة الانسانية كما يجب أن تكون.. فأهلا بكم فى العيادة الفلسفية بحثا عن جودة الحياة والسعادة الحقيقية.