رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علي فكرة

 

المعنى الذى يمكن استخلاصه من الفرحة العارمة التى عمت مصر والمجتمعات العربية ،  سواء على وسائل التواصل الاجتماعى أو خارجها ، بفوز المنتخب السعودى على نظيره الأرجنتينى ، وتعادل المنتخبين التونسى والمغربى مع الفريقين المنافسين، رسالة هامة، على كل من يعنيه الأمر فى المنطقة وخارجها، أن يحسن قراءتها . وقبل التطرق إلى ما تنطوى عليه تلك الرسالة، فقد بدا لى من المؤسف والمعيب معا ، حملات الشماتة الإليكترونية فى هزيمة المتخب القطرى، ليس فقط لأنها حملات لا تتحلى بأية مسئولية ، بل أساسا لأن الشماتة هى من المشاعر البدائية التى  تعكس ضعفا، وتنزع من البشر إنسانيتهم، وهى تسعى للازدراء  بالآخر والحط من شأنه  وتحقيره. فضلا عن أنها  لا تأخذ بعين الاعتبار، أنها تجرح مشاعر المجتمع القطرى، الذى لا شأن له بسياسات حاكميه ،وهى تظن أنها تمارس فعلا سياسيا غاضبا تجاه النظام القطرى .أما الأهم ، فهو أن المنتخب القطرى فى هذا المحفل الدولى ،الدورة 22 لكأس العالم ، هو فريق عربى أولا وأخيرا ، كان يتنافس مع  نظير أجنبى .

أطنان من الحبر سالت منذ تم اختيار قطر لتنظيم المونديال فى العام 2010  لتؤكد أن هذا الاختيار كان مشوبا بالفساد. وأجرت وزارة العدل الأمريكية تحقيقا انتهت فيه إلى وجود أدلة عن دفع الدولة القطرية رشاوى لكى يتم التصويت فى الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» لصالح  اختيارها. وقادت تلك الاتهامات إلى فتح ملف الفساد فى « الفيفأ»، بما انتهى إلى إجبار «رئيس الاتحاد الدولى « ستيب بلالتر «على التنحى عن منصبه . وقبلت جميع الأطراف بهذا الاختيار ضمانا للمصالح الاقتصادية الهائلة مع الجانب القطرى .

 وكان من الغريب بعد اثنتى عشر عاما من ذلك، أن يظهر «بلاتر»مع بدء المونديال ليقول إن اختيار قطر كان خطأ، فهل يوجد يا ترى من سوف يحاسبه على الخطأ وعلى الجهر به ؟ أو على تعقب الفساد الذى تؤكد تقارير الصحافة الغربية ،أنه لم يعد  داخل الاتحاد الدولى للكرة، تحت السيطرة؟ لم يكن ذلك بطبيعة الحال ندما على اتهاماته بالرشوة والفساد المالى والإدارى، بل هو جزء من الحملة الغربية العنصرية المنافقة على إقامة هذه الدورة فى  بلد عربى صغير.

ولم تكن إدانة الغرب لملف قطر بشأن حقوق الإنسان سوى جزء من ذلك النفاق ، وسياسة المعاييرالمزدوجة التى تتجلى فى تسيسه لهذا الملف، وقصر استخدامه ضد الدول الصغيرة . نجحت قطر فى الاستعدادات للمونديال ببنية تحتية هائلة، انفقت عليها نحو 220 مليار دولار ، وكان لابد من معاقبتها على هذا النجاح، بفتح الأرشيف عليها ، وإدانة مابه من انتهاكات، وافتعال معارك هامشية عن حظر السلطات القطرية أنشطة المثليين داخل الملاعب والأماكن المحيطة بها.

نجاح قطر فى استضافة المونديال يجب أن يكون فخرا لكل العرب. والانتقام منها بسبب سياساتها المغردة خارج السرب العربى، أو الشماتة فى هزيمة فريقها الوطنى، يخطئ اختيار المجال والأوان والمناسبة. وإذا كنا نبحث عن المصالح، فإن استعادة قطر للتغريد داخل هذا السرب ، هو خدمة لا جدال فيها لتلك المصالح .

توحد الرياضة بين الشعوب العربية ، كما تفعل الفنون والآداب، وتخلق  بينهم وجدانا مشتركا يكشف ، عن أنصع وأصدق ما فى أعماقهم من مشاعر وأمنيات ، تتوق فى أقلها شأنا إلى تحقيق أى أنصر، حتى لو كان فى ملعب الكرة ، بعد سيل الهزائم التى منيت بها بلدانهم فى ملاعب السياسة، ولعل المعنى الأهم  للفرح العربى، بفوز السعودية وتمكن تونس والمغرب من مواصلة المونديال، هو ما يؤكده  قول الشاعر الفلسطينى إبراهيم طوقان، بلاد العرب أوطانى، ومن نجد إلى يمن، إلى مصر فطتوان . نعم عرب كنا ونبقى عربا.