رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

شديد اعتذارى عن استخدامى مفردات وعبارات لم تعد دارجة هذه الأيام! يعتبروننى «دقة قديمة» بحسب تصنيف العصر الذى نعيش فيه. فى زمن التفكك الأسرى والانهيار الثقافى والأخلاقى لا تكون الأصداء والتأثيرات عالية لحديث عن قيم تراجعت، وتقدمت عليها صفات أخرى، لا تصنع مستقبلًا ولا تحدث تقدمًا. فى زمن التآلف والتآزر الأسرى عرفت مصر أجيالًا وراء أجيال معنى الشهادة ومعنى البذل والعطاء والتضحية والفداء. وفى زمننا المنكوب بالانصراف عن التاريخ والمعرفة والثقافة، عرفت الأجيال الحالية مفردات ومضامين غريبة.. من «إيه الآسا توك ده» إلى «السح الدح امبو» وصولًا إلى «إيييييييه» و«لو لعبت يا زهر»! لله يا زمرى - أو بالأحرى زمرنا كلنا- ذَهَبْتَ سدًى وبغير نتيجة.. ففى زماننا كانت الفنانة شريفة فاضل تبكينا وهى تغنى «أنا أم البطل».. ولا تزال الفنانة شادية تلهمنا حين تنشد «يا حبيبتى يا مصر». بعض من أجيال الماضى لا يزال فيها الرمق. يلتهب وجدانها وتحبس أنفاسها وهى تشاهد فيلم «الممر» و«الطريق إلى إيلات» و«الهجان» و«الشوان» «دموع فى عيون وقحة»!

أمهاتنا من قديم الزمن، وشيوخ الكتاتيب وأساتذتنا فى الابتدائى علمونا أن نحصل على «النصر» أو «نيل الشهادة». رسخوا فينا أن الشهيد يدخل الجنة بغير سابقة عذاب ولا حساب. حتى إننا كنا نعتبر أن الموت استشهاد أروع من الذهاب للحج. هكذا كنا نتعلم فى زمن المجد القديم. القرآن والإنجيل يؤكدان: طوبى للشهداء..فى مصر يوم للشهيد يحتفى به فى ٩ مارس من كل عام.. اختير هذا اليوم رمزا للبطولة فى الميادين التى أبداها القائد العسكرى الفذ الشهيد عبدالمنعم رياض.. الذى قضى حياته على جبهات القتال، وفى إحدى جولاته استشهد بنيران الأعداء عام ١٩٦٩. الكنيسة القبطية تحتفل بعيد النيروز أو عيد رأس السنة القبطية أو رأس السنة المصرية ويسمى أيضاً عيد الشهداء، هى مناسبة سنوية تحتفل بها الكنيسة فى 11 سبتمبر من كل عام ويوافق رأس السنة القبطية الجديدة وبدايتها شهر توت. وتعود التسمية (عيد الشهداء) إلى رغبتها بتكريم شهداء عصر الإمبراطور دقلديانوس، الذى أوسع مسيحيى مصر تعذيباً وتنكيلاً وإزهاق أرواح. جمعية المحاربين القدماء لا تزال تنشط بكفاءة فى ميدان دعم شهداء الحروب.

مناسبة هذا الكلام يعود الفضل فيها إلى الرئيس السيسى، الذى وجه فى اجتماعه مؤخرًا مع مسئولى صندوق تكريم الشهداء، «بإجراء حصر دقيق لكل شهداء مصر فى الحروب بدايةً من عام 1948، لدراسة ضمهم إلى قوائم المستفيدين من الصندوق، تقديراً من الوطن لأبنائه المخلصين وترسيخاً لقيم الوفاء لأسرهم». بحث الرئيس خلال الاجتماع سبل تقديم أفضل المزايا والمبادرات الخدمية لصالح جميع فئات وأفراد أسر المستفيدين من الصندوق، فضلاً عن إجراءات تنمية موارد الصندوق، ومستجدات عملية صرف التعويضات.

كل ذكر للشهداء وكل تكريم لهم وكل حصر لعددهم، أمر يهز الوجدان. يعيد للأمة تماسكها الذى كان، وذهب مع الريح بفعل متغيرات عاصفة بفعل زلزال السادات فى السبعينيات. توجيه الرئيس يجعلنا نحلم.. فقبل أن تتقلص - أو تنحسر - الرحلات المدرسية، كانت تأخذنا إلى لحظة مهيبة، وهى زيارة قبر الجندى المجهول، وعنده كنا ننقش بورودنا على «حائط البطولات» المصرى. أملى كبير أن هذه اللحظة سوف تعود.