رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

تستضيف مصر حالياً وبنجاح كبير قمة المناخ COP27 ـ وذلك على الرغم من المساعي الحثيثة لمقاولي وﻋﺮّابي الفوضى لتحويل القمة عن هدفها الرئيسي ــ لكن المؤشرات والمبادرات القوية تشير إلى أن قمة شرم الشيخ سوف تكون قمة تنفيذ التعهدات وعدالة المناخ.

 ويدور جوهر مبدأ العدالة المناخية حول عدم العدالة بين الدول الكبرى المتسببة في الاحتباس الحراري، وبين الدول النامية التي تعاني من التغيرات المناخية بصورة تفوق ما تعانيه الدول المتسببة في تلك الانبعاثات. فالدول الأقل تأثيراً في تدهور المناخ، مطالبة باقتراض مرتفع وطويل الأجل لمواجهة تداعيات التغير المناخي.

ووفقاً لمؤشر اقتصاد المناخ الصادر عن معهد «Swiss Re Institute» فمن المتوقع أن يخسر الاقتصاد العالمي نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2050، إذا ما استمر تغير المناخ في دفع حرارة الكوكب إلى ارتفاع بمقدار يتراوح ما بين 2 إلى 2.6 درجة مئوية بحلول منتصف القرن الحالي، في ضوء عدم الالتزام بتعهدات اتفاق باريس للمناخ، وفي كل الأحوال والسيناريوهات تكون اقتصادات دول جنوب شرق آسيا الأكثر تضرراً يليها دول القارة الأفريقية، ثم دول أمريكيا اللاتينية.

لذلك فعدم العدالة المناخية يتجسد في أن الدول الأقل تضرراً من التداعيات هي الأكثر مساهمة في الإضرار والتسبب في التغيرات المناخية، حيث نجد أن الاتحاد الأوروبي (مهد الثورة الصناعية)، هو ثالث أكبر ملوث للبيئة في العالم، بعد كل من الصين، الولايات المتحدة الأمريكية، ثم روسيا والبرازيل واليابان، حيث يساهم جميعهم بنسبة 55% من إجمالي الانبعاثات، نصيب الاتحاد الأوروبي منفرداً منها نحو 11.4%.

يكفي للتدليل على عدم العدالة المناخية أن أفريقيا مجتمعة تساهم بنسبة 4% في التغير المناخي، أي أقل من دولتي ألمانيا والمملكة المتحدة؛ حيث تعد ألمانيا الأكثر مساهمة في التغير المناخي بنسبة 5.4%، تليها المملكة المتحدة بنسبة 4.6%، بينما تعاني أفريقيا جراء تداعيات المناخ بنسبة أكبر بكثير من الاتحاد الأوروبي كاملاً. وتبعا لأحدث الدراسات الصادرة عن world Economic Form فإن أغنى 10% من سكان العالم يتسببون في نحو 50% من إجمالي الانبعاثات الكربونية، في مقابل أن القارة الأفريقية هي الأقل إسهاماً في التغير المناخي لكن دولها هي الأكثر تضرراً، حيث تأتي الدول الأفريقية في مراتب المخاطر العليا الناجمة عن التغير المناخي في شح المياه والأمن الغذائي.

لذلك؛ تطالب الدول النامية والدول الأشد فقراً في كافة الاتفاقات الدولية الخاصة بالمناخ أن يسمح للدول النامية والدول الأكثر فقراً بالانبعاث أكثر لصالح عمليات التنمية والحد من الفقر، في مقابل خفض انبعاثات الدول الغنية والمتقدمة إلى مستويات آمنة فيما يعرف باسم «الانكماش والتقارب» على أن تتحمل الدول الغنية نسبياً تكلفة الانتقال إلى اقتصاديات منخفضة الكربون.

الوجه الثاني لعدم «العدالة البيئية» يتمثل في؛ الفجوة بين السياسات والتعهدات والتنفيذ والالتزام من الدول الكبرى، في مقابل مطالبتها الدائمة للدول النامية بالحد من الانبعاثات على حساب مخططات التنمية والحد من الفقر. بينما الوجه الثالث لعدم «العدالة البيئية» يتعلق بقضية التمويل؛ حيث تعهدت الدول الكبرى في مؤتمر كوبنهاجن 2009، بتقديم مساعدات مالية للدول النامية قدرت بنحو 100 مليار دولار سنوياً، لمواجهة التداعيات الناجمة عن تغيرات المناخ، وتعويضاً عن الأضرار التي لم تستطع تجنبها ولم يتم الوفاء بها حتى الان. حيث بلغت مساعدات الدول المتقدمة لتمويل العمل المناخي نحو 79.6 مليار دولار عام 2019. وتشير التقديرات إلى أن تكاليف تقليل الخسائر والتداعيات في الدول النامية سوف ترتفع من 50 مليار دولار عام 2022 إلى ما بين 300 إلى 430 مليار دولار عام 2030، وهو ما يمثل فجوة تمويلية كبيرة بين الاحتياجات المالية الفعلية، والتمويل المتاح.

القاهرة حرصت على تبني رؤية إفريقية موحدة لمكافحة التداعيات المناخية؛ و نطاق هذه الرؤية اتسع ليشمل كل من: دول آسيا، وأمريكا الجنوبية باعتبار أنهم الأكثر تضرراً من تداعيات التغير المناخي؛ وذلك بهدف تشكيل محور وتحالف قائم على توحيد الرؤى بخصوص التغير المناخي وتداعياته، في مسعى جاد للضغط على الدول الكبرى الغنية من أجل تحمل مسؤولياتها في التغير المناخي، وعدم تخليها عن مساعدة الدول الفقيرة في قيادة عمليات التنمية ما يجعلها ضعيفة وغير مؤهلة لمواجهة تداعيات التغير المناخي، وهو ما يعني أن الدول النامية والأشد فقراً ستستمر وحدها في تحمل آثار التغيرات المناخية. لذلك يبدو لزاماً على الدول النامية ـــ والفرصة سانحة في (COP27)ــ التكتل والمطالبة بالوفاء وتنفيذ التعهدات التمويلية من جانب الدول الكبرى، خاصة وأن الأزمة الاقتصادية العالمية إلى جانب التداعيات المناخية تضاعف من الأعباء والتحديات الاقتصادية والاجتماعية على الدول النامية، بما يفرض التحرك خلال المؤتمر لإقرار ما يلزم من آليات تنفيذية لتحويل التعهدات الدولية الخاصة بالتمويل لمساعدة الدول النامية، على أن يشمل ذلك إعدام بعض الديون وخفض أعباء البعض الأخر بما يمكن الاقتصادات الناشئة من الوفاء بمتطلبات التكيف مع تداعيات المناخ ومواجهتها.